اليمن.. الفساد يطفئ كهرباء عدن بالكامل
غرقت مدينة عدن في ظلام دامس بعد انقطاع شامل للكهرباء منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول، في أزمة جديدة تعكس حجم الانهيار في قطاع الطاقة وعجز السلطات عن معالجة واحدة من أكثر الأزمات إلحاحاً في البلاد.
ورغم المناشدات المتكررة من المؤسسة العامة للكهرباء، لم تجد المدينة أي استجابة رسمية، لتتحول حياة السكان إلى معاناة يومية وسط حرارة مرتفعة وأوضاع معيشية متدهورة.
وكشف خبراء في النفط والغاز لـ"العربي الجديد" أن السبب الجوهري للأزمة هو تفشي الفساد في قطاع الكهرباء، حيث تهدر ملايين الدولارات يوميا في عقود شراء طاقة وهمية، فيما تترك محطات التوليد الحكومية المتهالكة خارج الخدمة.
ويقول الخبير الجيولوجي عبدالغني جغمان إن تشغيل محطات عدن الحالية يكلف الدولة نحو خمسة ملايين دولار يوميا لشراء الديزل والمازوت، ومع ذلك فإن معظم هذه المحطات لا تعمل بكفاءة، ما أجبر الحكومة على اللجوء إلى شراء الطاقة من مقاولين بمبالغ إضافية تقارب ثلاثة ملايين دولار يوميا.
ويضيف جغمان أن هذه المنظومة الفاسدة جعلت عدن رهينة "هوامير الطاقة" من تجار وصرافين ومسؤولين نافذين، مشيرا إلى أن بعض الصرافين تحولوا إلى مستثمرين كبار في تجارة الوقود، يحققون أرباحا خيالية بينما تغرق المدينة في الظلام.
ويؤكد أن تعطيل مصافي عدن لتكرير النفط ساهم في خلق سوق موازية للمشتقات النفطية، تباع فيها الطاقة بأسعار مرتفعة، بينما تتراجع قدرة الدولة على ضبط التكاليف أو مراقبة التوزيع.
وبحسب بيانات المؤسسة العامة للكهرباء، تحتاج محطة الرئيس وحدها إلى سبع ناقلات وقود يوميا للتشغيل بالحد الأدنى، لكن ما يصل فعليا لا يتجاوز أربع ناقلات فقط بعد توقف ضخ النفط الخام من حقول صافر والعقلة.
وتؤكد المؤسسة أن استمرار الوضع على هذا النحو سيؤدي إلى انهيار شامل لمنظومة الكهرباء في المدينة ومحافظات لحج وأبين وشبوة وحضرموت.
ويعيش سكان عدن حاليا على ساعتين فقط من الإضاءة يوميا مقابل 22 ساعة انقطاع في التيار. ويقول المواطن أسعد عبدالغني لـ"العربي الجديد": "تحولت حياتنا إلى جحيم، لا ماء ولا تبريد ولا رواتب"، بينما يضيف جلال ناصر: "نعيش في ظلام كامل، والأزمات تحاصرنا من كل اتجاه، لا كهرباء ولا صحة ولا تعليم".
ويشير الصحافي رشيد سيف إلى أن توقف الكهرباء تسبب في تعطل ضخ المياه والمستشفيات والمخابز والمصانع، فيما لجأ القادرون إلى مولدات خاصة أو بطاريات ليثيوم تعمل بالطاقة الشمسية تتجاوز تكلفتها ألف دولار، وهو مبلغ يفوق قدرة معظم الأسر العدنية التي تعاني من انقطاع الرواتب منذ أربعة أشهر متتالية.
من جانبه، يؤكد الخبير الاقتصادي عيسى أبو حليقة أن منظومة الكهرباء في عدن شبه منهارة كليا، إذ تصل تكلفة تشغيلها إلى نحو 55 مليون دولار شهريا، بينما الإيرادات الحكومية لا تغطي سوى جزء بسيط من هذه النفقات. ويضيف أن غياب البدائل المستدامة مثل الطاقة الشمسية ومشاريع الغاز الطبيعي جعل المدينة رهينة الوقود المستورد، في ظل ارتفاع الأسعار وتراجع الصيانة وغياب الرقابة الحكومية.
اليمن الكبير || عين اليمن "عدن"
التعليقات