خرافة الولاية وادعاءات الحوثيين
الإنسان أولا [2]

ومتابعة للموضوع السابق الذي يتحدث عن تكريم الله للإنسان وكذا طبيعته نواصل الحديث في هذا المقال المتواضع عن أهمية معرفة طبيعة الإنسان وماهو متوجب على مسلم اليوم القيام به. 


إن معرفة طبيعة الإنسان مهمة لإدراك حقوقه فإذا عرفت طبيعة  الإنسان نال  حقوقه سواء تلك الممنوحة له سلفا  أو تلك التي ستمنح  له مراعاة لظروفه وتغيرات بيئته وماذا سيكون موقف المثقفون والعلماء والمنظرون إذا ما ظهرت دعوات تنادي بمساواة الإنسان بغيره من الكائنات بحيث ينتهي التمايز بين البشر وغير البشر من الحيوانات والنبات؟

وقد ظهرت دعوات في منتصف القرن العشرين تنادي بالتخلص من العجزة وكبار السن والبلهاء والمجانين ذلك لأن وجودهم مكلف على المجتمع دون عائد منهم عليه.

 وفي الأفق تلوح أسئلة كثيرة حول مسئولية المجتمع عن تصرفات أفراده و حول مسئولية  الفرد عن تصرفاته تجاه مجتمعه.

وإننا حين نلح على ضرورة إدراك طبيعة الإنسان ومعرفة دوافعه ورغباته فإننا نتوخى من وراء ذلك الرفق به في  إصدار الأحكام عليه وإستشعار المسئولية الملقاة على عاتق الدعاة والعلماء والمفكرين والخبراء في علم النفس والإنسان الذين يغيرون حياة الناس ويتبنون صياغتها وهذا يجب أن يدفعنا الى العودة إلى المنهج الرباني الذي  أتى بدراسة مفصلة مؤصلة عن طبيعة الإنسان ودوافعه ورغباته وما ترنو إليه نفسه وتطلعاته بحيث نستطيع بعدها معرفة وسائل و أدوات بناء مسلم اليوم والنهوض به. 

ومن نافلة القول أن مسلم اليوم يعاني من مشاكل كثيرة منها ماعاصرته  في الأزمنة السابقة ومنها ماكان ناتجا عنها ومنها ماكان مستجدا وخلاصة ذلك أن شخصية مسلم اليوم خلطيا وهجينا متكون من موروثات الماضي ومتغيرات الحاضر. 

يعيش العالم الإسلامي حالة من التقهقر والتراجع في جميع المستويات سواء في مستوى الثقافة أو الاقتصاد أو السياسة  وهذا يجعل علاقتها مع الدول العظمى تصب في صالح دول المركز أو دول العالم الأول حيث أن الدول المتقدمة  تمتلك السيطرة التامة على القرار في بلدان العالم الإسلامي و تعبث بقناعات الشعوب وتهيمن على إقتصاداتها وهذه العلاقة غير المتكافئة لا تتجلى على المستوى العام فحسب وإنما على المستوى الخاص أيضا فمسلم اليوم يجد نفسه أمام فلسفة وحضارة ومدنية ومصطلحات ليس مساهما في تشييدها ولا مشاركا في بنيانها فلا يتلاءم معها ولا يستفيد منها بالقدر  الذي يحتاجه للنهوض بأمته ومجتمعه و وطنه ومن سوء مصير العلاقات الغير المتماثلة والغير المتكافئة بين بلدان العالم الإسلامي والدول المتقدمة فإن الدول العظمى تتسبب في نشوب مشاكل واضطرابات في الدول النامية و ترغمها على دفع ثمنها.

وللإنصاف والحقيقة فإن هذه الحضارة عقدت الحياة المعاشة بشكل كبير حيث جعلت تكلفة العيش الكريم باهضة جدا وبثت في أوساط المجتمعات روح الاستهلاك  ونشر أدبياته وفرضت شروط القدرة عليه. 

ومن اللازم أن نقر بأن الدول العظمى والمتقدمة صناعيا استطاعت أن تحل الكثير من المشاكل بحيث لا يعاني الإنسان فيها من ويلات الحروب الأهلية فالأوضاع  السياسية مستقرة جدا ولا تجد فيها فقيرا يتضور جوعا فالضمان الإجتماعي والصحي كاف لإحتواء فاقته وصفاء عيشه وسد حاجته وعوزه ولا تجد مظلوما يشكو ظلما فالقضاء العادل والمقسط وآلة الضبط والربط كفيلة بحماية حقوقه و رد مظلمته والانتصار له.
 
وكل هذه المميزات الإيجابية لم تأت من عرق جبين المواطن الغربي أو من ثروات أرضه أو من خيرات بلاده فحسب وإنما من نهب ثروات الغير أيضا فقد تسبب الغرب في إشعال الحروب فيما بيننا ومزق وحدتنا ليسلط علينا آلة بطشه وقوة سيطرته لنهب ثرواتنا وخيرات بلادنا ومقدراتنا بحجة حمايتها. 
والمسلم المعاصر تلفه الحيرة الشديدة نتيجة لإختلاف منطلقاته وعقيدته ومبادئه وثوابته عن منطلقات ومبادئ وثوابت الحضارة التي تظلل عصره وهذا بدوره يولد صراعا عنيفا لديه بين أن يعتزل ما أفرزته هذه الحضارة أو يندمج وينغمس في مظاهرها وحينها سيتولد شعور لديه بالخيانة لمعتقداته ومبادئه ومنطلقاته وهنا تحكم التربية والظروف والعوامل التي يعاصرها ويعيشها في إختيار أحد الطريقين وهذا الصراع هو النتيجة الحتمية للإنطواء الحضاري الذي تعيشه أمة الإسلام اليوم إذ أنه من السنن الحياتية أن من يعيش خارج دوائر الفعل لا بد وأن يتحمل الضرر الناتج من ردة الفعل التي تفتقر غالبا الى المبادرة والإتزان والوعي الجيد.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.