تركستان أخدود العصر وفلسطين الشرق

بلاد البخاري وابن سينا والفارابي والبيروني, والخوارزمي والبيهقي وابن نباته... إنها إقليم تركستان الكبير بمنطقة وسط آسيا، الذي ينقسم إلى قسمين: تركستان الغربية: وهي مجموعة من الدول المستقلة، من بينها: كازاخستان، وأوزبكستان، والتركمنستان، وقيرغيزستان، وطاجكستان، وأطراف من أفغانستان.

وتركستان الشرقية هذه تقع بأكملها تحت الاحتلال الصيني حاليًا، ويحدّها روسيا من الشمال، وكزاخستان، وقيرغيستان، وطاجيكستان من الغرب، وباكستان والهند من الجنوب، والصين من الشرق، ومنغوليا من الشمال الشرقي، وتبلغ مساحتها 640 ألف ميل مربع, والتي سكنتها  عدة عشائر تركمانية، من بينها عشيرة الإيغور الذين يشكلون معظم سكان تركستان الشرقية الحالية -والذين يعانون حالياً من خطر الإبادة-، مضاف إليهم نسبة كبيرة من التتر والصينيين, وهي بلد غنية بالموارد ففيها ما يقرب من 8 مليار طن احتياطي من البترول، و600 مليون طن من الفحم الحجري، و6 مناجم ضخمة من اليورانيوم، ويُستخرج منها أكثر من 118 نوعًا من المعادن من بينها الذهب، وتحوي أرضاً زراعية خصبة وغنية تقدر بحوالي 50 ألف كيلومتر مربع.

وتعاني تركستان الشرقية حالياً من أزمة إبادة عنصرية ينفذها الصينيون يجسدها نجيب الكيلاني في ليالي تركستان على لسان الحاج المكلوم القادم من تركستان المغتصبة: " أنا هنا.. وعيناي معلقتان بالأرض الخضراء بالجبل السماوي جبل تيان شان بجبال بامير الواقعة بين حدود باكستان وتركستان.. بالنساء اللاتي نزعن البراقع من فوق وجوههن.. بالشباب المعذب المخدر الذي يساق إلى معاهد العلم الجديدة هناك ليتعلم الإلحاد.. ويسقى الأكاذيب والترهات، حتى ينسى تاريخه وإسلامه، بالمآذن والقباب، بالجموع التي تزحف في أطراف سيبيريا يحرقها الهوان والعذاب واللعنات الظالمة".

فتركستان الشرقية تعاني حالياً من أبشع الجرائم الإنسانية بدءاً من تزوير التاريخ وإنكار هوية السكان الأصليين, وطمس كل المعالم الحضارية, فقد بدأت هذه المأساة سنة 1878م حين استولت الصين على تركستان الشرقية, حيث ألحقت بالصين رسمياً سنة 1884م تحت حكم مدني صوري, وسماها الصينيون حينها سينكيانغ وتعني: الإقليم الجديد أو المستملكة الجديدة, وقد استمر التركستانيون في كفاح المحتل الصيني, وقد حدث جراء هذه المعارك العديد من جرائم الإبادة التي نفذها الصينيون خلال ثلاثينات وأربعينات القرن الماضي والحديث عن هذه المعارك يطول غير أن أهم ما يجب ذكره أن الصين مصرة على عدم استقلال هذه الجمهورية والتي يبلغ سكانها حوالي 25 مليون نسمة بحسب المراقبين والمتابعين وحوالي خمسة عشر مليون وفق الإحصاءات الرسمية, فقد أصدرت الحكومة الصينية كتاباً اسمته الكتاب الأبيض أوضحت فيه أنه لا يوجد حق تاريخي لما يسمى تركستان الشرقية, وأنهم بوذيون أصالة أكرهوا على الإسلام, فمن الطبيعي أن يكرهوا على الخروج منه, وساقت في هذا الكتاب أباطيل تاريخية فندها العديد من الباحثين والمهتمين, غير أن ما يجب أن ندركه كمسلمون أن لنا في الشرق فلسطين منسية وأندلس أخرى مفقودة هدمت فيها المساجد واستحلت الأعراض والدماء تحولت المساجد التي لم تهدم إلى بارات, وسجن المسلمون بالملايين في سجون جماعية لغسل أدمغتهم وتغيير معتقداتهم, ويراقب كل مسلم في تلك المنطقة ببرامج تجسسية في الهواتف وكاميرات مراقبة لمتابعة ورصد وتقييم كل تحركاتهم, وقد كشفت (البرقيات الصينية) المسربة للاتحاد الدولي للصحفيين عام 2017 حجم العذاب والنكال الذي يتعرض له المسلمون في تلك المنطقة.         

كل هذه المجازر التي يتعرض لها المسلمون الإيغور في تلك المنطقة تحت شعار مكافحة الإرهاب، تحت مسمع ومرأى العالم الحر المتشدق بقيم الإنسانية والحرية، وبمباركة أكثر من دولة عربية وإسلامية التي صرح بعض زعمائها أن من حق الصين الحفاظ على أمنها واستقرارها في مواجهة المد الإرهابي، والتي أشاد الإعلام الصيني بمواقفهم الدنيئة هذه.

ومن غرائب الأمور ما جاء في موقع رويترز: من الواجب على العالم الإسلامي إلزام الصين باحترام أقلية الإيغور، في ظل تبادل تجاري مرتفع يصل للمليارات، ومسلمي الإيغور حالهم كحال غيرهم من مسلمي اليوم. ألا يدركون أننا المسلمون المثقلون بالهزائم، المنهكون بالحسرات، نحن أعداء أنفسنا نحن الذين تخلينا عن أواصرنا وروابطنا فقدنا القدرة على المبادرة، وعجزنا عن مناصرة إخواننا، نحن الذين غرقنا في الفساد والاتكالية نحن الخارجون من ركب التقدم الإنساني نحن الضعفاء في زمن الأقوياء، فلن نبكي تركستان، ولن نبكي فلسطين، ولن نأسى على حضارة الأندلس، فأحق شيء بالبكاء هو عجزنا وضعفنا وتخاذلنا فمتى نعي حجم هزيمتنا وضعفنا.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية