خلال ندوة أقامها " يني يمن ".. سياسيون: حزب المؤتمر يقف أمام مشروع تقسيم خطير وعلى قياداته توحيد صفها لإنقاذه
أقام مركز يني يمن الإعلامي، الإثنين، ندوة سياسية بذكرى تأسيس حزب المؤتمر، تحت عنوان، "المؤتمر الشعبي العام من السلطة إلى تنازع الولاءات والمرجعيات".
وشارك في الندوة التي أدارها رئيس مركز يني يمن الاستاذ صالح الجبري، عبر تطبيق زوم، عادل الشجاع عضو اللجنة العامة لحزب المؤتمر، والسفير عبدالوهاب طواف، وهو قيادي سابق في حزب المؤتمر، والباحث والمحلل السياسي ياسين التميمي.
وقال الشجاع خلال تناوله لمحور " المؤتمر ومواجهة التقسيم"، إن ذكرى تأسيس حزب المؤتمر هو يوم يخص كافة الاحزاب السياسية اليمنية، التي شاركت وساهمت في التأسيس، وصياغة الميثاق الوطني، الحامل الرئيسي للمشروع السياسي للمؤتمر.
وتطرق الشجاع إلى المراحل التي مر بها حزب المؤتمر منذ تأسيسه، وحتى اليوم، متطرقا إلى النجاحات والإخفاقات التي رافقته طوال هذه المراحل.
وأضاف أن مرحلة 97 وحتى 2006 هاجرت قيادة الأحزاب السياسية بهجرة معاكسة، من أحزابها إلى داخل المؤتمر وأثرت على القيادات الموجودة داخل الحزب خلال هذه الفترة، لأن أغلبها كان هدفها الوظيفة التي يوفرها الحزب بحكم إنه حزبا حاكما، وهذه المرحلة أضعفت المؤتمر بشكل كبير جدا.
لافتا إلى أن الأزمة بدأت تتصاعد من عام 2006 التي كان يفترض لليمنيين سلطة ومعارضة أن يؤسسوا لهذه المرحلة التي كان فيها تنافس حقيقي بين السلطة والمعارضة، وكانت المنافسة حقيقية، لكن للأسف كان هناك قصور رؤية لدى السلطة والمعارضة، حتى جاء العام 2011، والذي أفقد اليمن قبل ان يفقد المؤتمر توازنا حقيقيا ودخلت اليمن في الأزمة التي يعرفها الجميع.
وقال الشجاع أن من تبقى من القيادات في حزب المؤتمر غادروا سواء الخلايا النائمة التي بقت من قبل 97، أو الذين هاجروا من أحزابهم خلال مرحلة البحث عن السلطة والوظيفة والمركز السياسي والمالي، لافتا إلى ان المؤتمر بدا يحاول لملمة عناصر قوته لكنه كان يعاني من قصور في إعادة تشكيل وتنظيم نفسه على المستوى السياسي مما افقده الكثير من توازنه، وظلت هذه العناصر هي التي تربك العمل داخل الحزب، ومنعه من اعادة قراءة الماضي، وتصحيح الاخطاء، إلى ان جاء العام 2014 وكان كارثة حقيقية على اليمن وعلى المؤتمر بشكل عام.
وبين أن الكارثة هي ذهاب حزب المؤتمر المدني الجمهوري مجبرا للتحالف مع الحوثي التذي لايؤمن بوجود الجمهورية، وهذا كان قصور جدا أنه استمر على التحالف، وكان بإمكانه أن يوظف هذا التحالف الى اتفاق سلام مع القوى السياسية الاخرى، لكنه وقع في الفخ ولم يستطيع ان يتجاوزه، لافتا إلى أن المؤتمر أصبح بيئة خصبة للحوثي، حيث شكل له غطاء سياسيا، وعلى مستوى البيئة شكل بيئة حاضنة ومد الحوثي بالكثير من المقاتلين الذين ذهبوا للجبهات واعاقوا عملية التقدم نحو السلام.
وقال إن عملية التقسيم أصبحت تحيط بالمؤتمر من جميع النواحي، نتيجة لهذه التراكمات السلبية، وبعد انتفاضة الثاني من ديسمبر، ظلت قيادات صنعاء متمسكة بهذا التحالف، ولم تغادر هذا المربع، أيضا القيادة التي غادرت الى السعودية والتفت حول الشرعية ظلت بمنأى عن التواصل مع القواعد واعادة التنظيم على مستوى الافق الوطني الذي يحقق شراكة لجميع القوى.
مشيرا إلى أنه كان هناك قيادة يعول عليها وهي القيادة المتواجدة في أبو ظبي، وفي القاهرة، وكان هذا التعويل من القواعد ومن المجتمع الدولي، لكن هذه القيادة مدت يدها لقيادة الداخل بقراءة خاطئة ولم تستطع قراءة الواقع السياسي والتحولات فارتمت في حضن قيادة الداخل التي هي تحت قوة الحوثي، وبهذا حرم المؤتمر من استعادة دوره، وأصبحت قيادة صنعاء مرتهنة للحوثي.
وحذر الشجاع من أن المؤتمر يقف أمام مشروع تقسيم خطير، وعلى القوى السياسية والمثقفين أن لا يتشفوا بهذا الامر، لأن تقسيم المؤتمر ليس في صالح العملية السياسية ولا الجمهورية، وعلى الجميع ان يكونوا حريصين ان يظل المؤتمر واقفا على قدميه، لأن سقوطه سيستفيد منه الحوثي سواء على مستوى القوى البشرية او على مستوى الغطاء السياسي الذي يوفره لهذه الجماعة.
من جهته قال الباحث والمحلل السياسي اليمني ياسين التميمي، في مداخلته تحت محور " المؤتمر وعلاقته بالصف الجمهوري، أن حزب المؤتمر أحد الاحزاب المهمة التي لعبت دورا أساسيا في اليمن وارتبط اليمن بهذا الحزب ارتباطا وثيقا، وأثر تأثيرا عميقا، ولا يزال تأثيره وإن كان بصورة أقل.
وقال إن المؤتمر لم يكن من حيث تأسيسه فكرة ديمقراطية بقدر ما كان في الواقع يسعى لأن يكون مكافئا سياسيا للحزب الاشتراكي، ولم يكن احد يتصور أن تطرح فكرة العلاقة بين حزب المؤتمر وبين الصف الجمهوري للنقاش، وهو الحزب الوحيد الذي ولد من رحم الدولة الجمهورية.
وبين أن اشكالية الحزب تكمن في إشكالية في أهداف وجوده، كما انها تكمن في أنه اراد ان يلبي الفضول الأيدلوجي برجال الدولة الذين كانوا مرتبطين سياسيا بأحزاب سرية يسارية وقومية واسلامية، بغية إبعادهم عن هذه الاحزاب وتوفير ذريعة لمحاربتها، في الوقت الذي استمر فيه بالادعاء أنه حزب جمهورية، والجمهورية تعني حكم الشعب، وهذا يقتضي وجود تعدديه لم يوفرها حزب المؤتمر طيلة فترة حكمه، حتى في عهد التعددية ظل يستأثر بالسلطة ويمنع أي فرصة أمام أي حزب للفوز.
وأوضح التميمي أنه من أبرز سمات المؤتمر انه ولد ضدا للتعددية السياسية، وضد للمنظومة الحزبية السرية التي كانت تنشط في ذلك الوقت، وبقدر ما كان 24 أغسطس82 تاريخ ميلاد للمؤتمر، فإن 23 نوفمبر 2011 وهو تاريخ توقيع المبادرة الخليجية هو يوم الانتهاء الفعلي للمؤتمر، نتيجة ثورة شعبية كان من أنبل أهدافها الحفاظ على النظام الجمهوري، بدلا من تكريس السلطة العائلة، التي فتحت الطريق أمام الإمامة.
وأردف" عندما أقام علي عبدالله صالح، تحالف شاذا مع المليشيات الحوثية في صيف 2016، وكان يدرك انه يفقد السيطرة، لان الحوثيين كانوا قد تمكنوا من مقدرات الدولة كلها أثناء هذا التحالف، وبين تاريخ التأسيس ومقتل مؤسسه، ثمة حقائق مرة، وهي تمكينه لأعداء الجمهورية، وسلوك طريق خاطئ، حتى استخدم الإماميون أدوات المؤتمر ونفوذه وتركته العسكرية للانقضاض على النظام الجمهوري، ووفر له شعبية وحاضنة شعبية.
مشيرا إلى أن صالح لم يبذل أي شيئ لإنهاء حالة اللادولة في شمال غرب البلاد، وهناك مدخلان رئيسيان عملا على تسهيل وصول الاماميين الى مفاصل الدولة اليمنية، الاول ان المذهب الزيدي بقي عقيدة مجابهة للدولة بكل ما اتاحته الفرص لأصحاب المشروع الامامي، حتى بقت الدولة والمجتمع عهدة لدى الاماميين، ومذهبهم الذي ينص على أن السلطة لا يجب أن تكون لغيرهم، وكان صالح متسمك بالمذهب بالرغم انه ليس دينيا.
أما المدخل الثاني وفقا للتميمي، يتمثل في استمرار مشكلة التمييز الجهوي خصوصا في ظل حكم صالح، وقد راينا كيف بقيت المؤسسة العسكرية مغلقة وكانت كلية الشرطة مغلقة على صنعاء ومحيطة، ولم يحتمل صالح وجود إلى كتائب عسكرية لا تخضع له حتى حدث حرب صيف 94، لافتا إلى أن سيطرة الحوثيين على الجيش، هو ي=بسبب علي صالح الذي جعله عهده بيدهم ومهد لهم الطريق، وأعادوا استخدامها وصولا إلى أهدافهم.
وقال إن هناك عامل أخر تمثل بالهجوم على المدمرة كول، 2000م، وهذا ساهم ان صالح خضع للإملاءات الامريكية، التي دفعته لإحداث نوع من التوازن وكان أسهل طريقة بالنسبة له أن يدعم حركة الاحياء الزيدية التي انتهت بحركة حوثية لا تقبل الشراكة لا في السلطة ولا في الثروة، كما نشأت وحدات عسكرية مثل الحرس الجمهوري ومكافحة الارهاب، وكان هناك حرص امريكي ان تكون من مناطق معينة لمواجهة العقيدة بالعقيدة، وهذه الوحدات تمكن منها الحوثي بشكل جيد ، واستفاد منها ابان القتال مع صالح، وعندما اراد صالح استعادة الجيش في ذلك المنعطف الخطير، لم يجده، ونجح الحوثيون بحسم الحرب بذات الامكانات والاسلحة التي وفرها صالح لبناء سلطته العائلية.
واوضح أن مقتل صالح مثل محطة مفصلية للمؤتمر كحزب فقد مؤسسه كما فقد ادوات السلطة لتكشف عن حقيقته كحزب ارتهن لرغبات مؤسسه ونزعاته السلطوية، وبعد مقتل صالح فقد المؤتمر ألقه، والحزب في هذا الشتات وارتهانه للمليشيات يفقد وجوده، ولهذا لايزال قياداته مستمرون في ذات النهج الخاطئ، لافتا إلى أن هذا لا يمنع من حث المؤتمرين على ترميم الصف الجمهوري عبر تحالف وطني واسع الطيف ومتحرر من الاحقاد ومستحضر للمرحلة المهمة من مرحلة البلاد، وعلى المؤتمرين توحيد صفوفهم ومنع الحوثي من استمرار الاستفادة من امكانيات المؤتمر.
أما السفير عبدالوهاب طواف، فقال في محوره الدور المستقبلي للمؤتمر في استعادة الدولة، إن المؤتمر تأسس في بداية الثمانينات من القرن الماضي، وتم اشهاره في 24 أغسطس عام، والميثاق الوطني هو نظامه الداخلي، وتم صياغته من كوكبة من رجالات اليمن من جميع المكونات صب فيه عصارة متطلبات وتطلعات الشعب السياسية والاجتماعية والثقافية. فكان منتج وطني خالص، و أسهم في إنهاء الصراعات الايديولوجية آنذاك، ووحد الجميع تحت مظلة وطنية واحدة.
وأضاف إن إدارة الرئيس صالح لملفات التمرد الحوثي والقاعد ة والمطالب الانفصالية في جنوبي اليمن دون المستوى الذي كان يجب أن يكون، وبالتالي بدء عام 2011 ولدينا أربع إشكاليات رئيسية، التمرد الحوثي في الشمال والتمرد الانفصالي في الجنوب، والقاعدة في الشرق والتردي الاقتصادي في قلب الوطن والمواطن.
وأوضح أنه بعد أحدث 2011م، دخل المؤتمر في مواجهة مع بقية الأحزاب السياسية، وخرج من تحت عباءته مجموعة من القيادات لا بأس بها، ليظل الحزب يناضل ويواجه الأمواج بنصف سلطة، إلا أن وجود الرئيس صالح رحمه هللا على رأس قيادته مكنه من الصمود والتماسك.
وقال إنه باستشهاد صالح وأمينه العام الشهيد عار ف الزوكا في ديسمبر 2017م بعد مواجهة غير متكافئة مع مليشيا الحوثي ) 1-4 ديسمبر(، حدث فراغ كبير وخطير في قيادة الحزب، مازال حتى الان ) و منذ ذلك الحين دخل الحزب في دوامة من التجاذبات السياسية الداخلية والإقليمية، وطغت لغة المصالح الشخصية على المصالح العامة لليمن وعلى مصالح الحزب نفسه من قبل بعض قياداته. ِ
وطرح السفير طريقان لا ثالث لهما أمام المؤتمر للخروج من حالة التيه والفرقة للإسهام الفعال في جهود استعادة اليمن، تتمثل الاولى إعادة تشكيل قيادة الحزب وفقا للنظام الداخلي له، مع مراعاة التطورات والمستجدات الجديدة على الساحة اليمنية، والمضي في مصالحة حقيقية مع الرئيس هادي والأحزاب السياسية الاخرى، والانضمام الكامل (سياسي، عسكري) إلى الشرعية والعمل تحت مظلتها، والسعي إلى تصحيح أي اختلالات من الداخل، وإعلان موقف واضح من جهود استعادة الدولة، وتجميد العمل الحزبي في الداخل حتى عودة الدولة وتوفر الظروف الطبيعية للعمل الحزبي، وإعلان بطلان كل القرارات التي صدرت منهم خلال الفترة السابقة.
أما الطريق الثاني وفقا للسفير، تتمثل في التخلص من معظم ركاب الدرجة الأولى للحزب ممن صار وجودهم عائقا أمام أي تطور، وضخ دماء جديدة داخل الحزب تكون متحررة من أحقاد الماضي وأطماع الحاضر، والتخلص من سلبيات الماضي، والبدء برسم خارطة جديدة تناسب الظروف الحالية للبلد، وبناء حزب بتوجه معارض، حتى يتمكن من العودة إلى السلطة بفاعلية وقوة، وتجاوز الماضي وتفادي تحول الحزب إلى حائط مبكى وساحة لطم وتغني بالماضي، واختيار قيادة جديدة بعيدا التزامات اللوائح السابقة للمؤتمر التي تحولت إلى نقاط خلاف وإعاقة لعمله وتطوره.

التعليقات