في الطريق لإسقاط الانقلاب .. لماذا تغيرت المعادلة ؟
أثببت الانتصارات الأخيرة على مليشيات الحوثي الانقلابية هشاشة وضعها العسكري واقتراب انقلابها من أيامه الاخيرة ، يقابله في الجهة الأخرى أداء عسكري مميز لرجالات الجيش الوطني ينبئ عن بناء عسكري نوعي مرت به التشكيلات العسكرية خلال الفترة الماضية ، بالاضافة الى عقيدة قتالية تتجاوز الانتصارات الأنية الى السعي نحو التحرير الناجز ، واستعادة الجمهورية من أيدي من حلموا يوماً بدفنها ، وكادوا أن يفعلو في لحظة غفلة وسوء تدبير ، وكم هائل من العمالة والانتقام .
اليوم تغيرت المعادلة وباتت الرقعة التي تحت سيطرة المليشيا الانقلابية تضيق اكثر ، وبات من لوازم الاحداث ان لاتمر فترة إلا واستعاد الجيش الوطني أراضي جديدة ، وضاقت على الانقلابيين الأرض اكثر فأكثر ، وليس ادل على ذلك الا الانتصارات الأخيرة التي تلت محاولة المليشيا الهجوم على مارب التي أوفت لهم الكيل ، وانتقلت من الدفاع الى الهجوم ، وتزاحم اليمنيون في صف الدفاع عن مارب وما تمثله من قيم وطنية جمهورية خالصة لاتشوبها اي شائبة.
لماذا تغيرت المعادلة ؟
في السطور التالية سأوجز بعض الاسباب التي سرعت بالانتصارات والتقدمات الاخيرة في مارب وتعز ولحج وحجة :
1ــ خلال سنوات لم يكن الجيش الوطني يمارس الدفاع عما انجزه فقط بل كانت عمليات الاستعداد والتدريبات قائمة على قدم وساق ، والجيش في 2021 لم يكن ذاته في 2015 ، سواء من حيث التدريب او التخطيط او التسليح ، وباعتقادي فإنه لازالت في جعبة الجيش الكثير من المفاجأت ، والايام القادم ستكون حبلى بالبشارات ، وما نسميه استراحة المحارب هي في الاصل مرحلة استعداد وبناء وتخطيط وليست مرحلة دعة ونوم وراحة ، فالمحارب لاينام الا ليصحوا باكرا ليدافع ويهاجم ، ولا يتناول الطعام الا ليستطيع القيام بمهامه على اكمل وجه .
2 ــ خلال الاعوم السابقة مارست الإمارات دور سلبياً تمثل بمشاغلة الجيش في المناطق المحررة ، وتتم هذه المشاغلة عبر زرع كيانات مسلحة مشاغبة تشتبك معه ، وليس من أهدافها استكمال التحرير ، وهذا شكل عبئاً على المؤسسة العسكرية اضطرت معه الى المواجهة في جبهتين داخلية وخارجية ، لكن مع الثبات والاستمرار ذابت الكثير من تلك الكيانات ، وتراجع بعض العقلاء عن ممارسة سلوك المشاغلة ، وهذا اتاح امام الجيش فرصة افضل لمهمته الاساسية المتمثلة باسقاط الانقلاب واستعادة الوطن ، وحركة المشاغلة الاخيرة التي تمت في عدن خلال اليومين الماضيين هي محاولة اخيرة ضمن هذا السياق.
3 ــ كل يوم او شهر او عام يمر ومليشيا الحوثي تنكشف سؤتها أكثر فأكثر عبر بروز سلوكها العدواني ضد كل من لايترتبط بالسلالة المزعومة ، فحملة التخلص من المشائخ في مناطق سيطرة المليشيا تسير على قدم وساق ، وباتت التصفيات للوجاهات التي تحالفت يوما مع المليشيا خبر يومي مكرر ، بالاضافة الى مسلسل النهب لأموال الناس تحت مبررات واهية كقانون الخمس والمولد ودعم الجبهات ، بالاضافة الى الزج بالاطفال الى محارق الموت ، وهذا كله نتيجته ضعف الحاضنة الاجتماعية ، وبداية نضوب المخزون البشري والمالي ، وبالتالي فان كل هذا يفقد المليشيا كثيرا من عناصر القوة ويعجل بزوالها مشروعاً واشخاصاً .
4 ــ تقليص الدور الاماراتي يبدو انه أحد الاسباب التي ستعجل بزوال الانقلاب ، ومع انه من الصعب القول ان الامارات لم يعد لها دور في الشان اليمني فلازالت تحتفظ باوراق واذرع عديدة تدعمها تمويلا وتخطيطاً لكن على الصعيد الرسمي لم تعد لاعباً اساسياً ، وهذا اتاح الفرصة لاتخاذ قرارات التقدم ليس باستقلالية تامة لكن عالاقل بدون قيود شديدة وعراقيل دأبت الامارات على فرضها ذي قبل .
تعز .. معركة الارض المكشوفة :
من اللافت في المعارك والتقدمات الأخيرة وخاصة في تعز أن المعركة كانت على الأرض فقط ، وخلت الهجمات من أي دعم جوي ، سواء متزامن او سابق من قبل التحالف ، ولا اعتقد ان ذلك أمراً عابراً بل هو استراتيجية تمت بالاتفاق بين الجيش الوطني والتحالف ، وفي رايي ومن خلال ما سبق من غارات جوية صحيح انها افقدت المليشيات الكثير من مقوماتها البشرية والتسليحية لكنها حال انطلاق العمليات على الارض كانت تشكل إرباك لاسباب كثيرة مرتبطة ببنك الأهداف ، ومدى التنسيق بين الجو والارض ، واسباب عديدة متشابكة، لكن المهم والأهم هو تمكن الجيش من تحقيق انتصارات وتقدمات كبيرة دون مشاركة صقور الجو للمعركة ، وهذا تقدم كبير وانجاز مميز يضاف الى سجل الجيش الوطني في محوري تعز وطور الباحة ، إضافة الى الحرفية العسكرية العالية في توجيه المعارك باستخدام المباغتة والمشاغلة والارباك ، وكل هذه الخطط اتت اكلها ولم تظلم منه شيئا.
ما المأمول اليوم ؟
بلاشك فإن الهدف الأسمى وكل المعركة يجب ان توجه لاستعادة الجمهورية واسقاط الانقلاب والبعد عن أي معارك أو مشاغلات جانبية تحت أي مبرر كان ، وليس من الحكمة ولا من الروح الوطنية أن نتخلى عن معركتنا الام ونذهب لمعارك جانبية، وكل كن يحاول ذلك يلزم الوقوف في وجهه بحزم فإنه يخدم المليشيا الانقلابية دون وازع ولامانع ، وما تقوم به الحكومة والحاضنة الشعبية خير نموذج على ما ينبغي ان يكون ويدوم.
التعليقات