ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

خلافات واسعة تعصف بأجنحة الميليشيات وزعيم الجماعة يوجه باستحداث هيئة سرية لهذا الأمر

لم تعد صراعات القيادات الحوثية حدثاً يمكن إخفاؤه من قبل الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، التي تشهد حرباً خفية بين أجنحة الانقلاب على خلفية التنافس على النفوذ والسلطة ونهب الأموال. وهو ما دفع الميليشيات إلى استحداث هيئة سرية تلملم الخلافات المتصاعدة بين قادتها وعلى مستوى جميع صفوفها.

وأوضحت مصادر مطلعة في صنعاء أن الخلاف داخل أجنحة الميليشيات وخصوصاً جناحي صنعاء وصعدة، توسع بشكل لافت خلال الآونة الأخيرة، في وقت تستمر فيه حالة التدهور المعيشية التي يعانيها ملايين السكان القابعين في صنعاء وبقية مدن سيطرة الجماعة.

الاتهامات المتبادلة بين قيادات حوثية في الصف الأول زادت وتيرتها، وتمحورت وفق المصادر ذاتها حول قضايا فساد ونهب بالجملة لأموال اليمنيين الذين يعيش غالبيتهم في السنوات التي أعقبت الانقلاب مأساة إنسانية وصفت وفق تقارير أممية بالأسوأ على مستوى العالم.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي حديثاً تبادل اتهامات بالفساد وتبديد المال العام بين قادة الفصائل والأجنحة الحوثية، رافق بعضها تهديدات بينية بكشف كل الحقائق المتعلقة بجرائم العبث والنهب والفساد للرأي العام.

ويرى مراقبون أن الخلاف وتبادل الاتهامات التي لا تزال حتى اللحظة تعصف بأجنحة وقادة الميليشيات ما هي إلا دليل آخر على مدى التنافس الميليشياوي على نهب مقدرات اليمنيين ومضاعفة معاناتهم.

وقاد الصراع الذي يعصف حالياً بأجنحة الميليشيات إلى التدخل المباشر من قبل زعيم الانقلابيين إذ أجبر قيادات الانقلاب في صنعاء بالتهدئة الإعلامية وحل الخلافات الناتجة عن قضايا الفساد ونهب الأموال بعيداً عن الإعلام.

ونشرت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» قبل أيام خطاباً مطولاً للقيادي في الميليشيات المدعو مهدي المشاط الرئيس الصوري لمجلس حكم الانقلاب يدعو فيه إلى ما سماه التهدئة الإعلامية وحل المشاكل بعيداً عن أعين الإعلام، وهو الأمر الذي عده مراقبون بأنه يكشف حقيقة ما تعيشه الجماعة حالياً من صراع وانقسام كبير داخل أجنحتها، مشيراً إلى أنهم استحدثوا هيئة جديدة خاصة بحل النزاعات بعيداً عن الإعلام حد وصفه، وسماها بهيئة الإنصاف والتظلم «إدارة الشكاوى».

وفي منتصف يوليو (تموز)، ظهر الصراع الحوثي الداخلي أكثر بعد أن شن القيادي في الجماعة المدعو أحمد حامد المعين مديراً لمكتب المشاط هجوماً على أطراف أخرى في الميليشيات واصفاً عناصرها بـ«المنافقين». وهو ما اعتبره القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي ابن عم زعيم الانقلابيين ورئيس ما تسمى اللجنة الثورية العليا وعضو مجلس حكم الانقلاب هجوماً على الجبهة الداخلية للجماعة.

وتحدث مصدر يعمل في جهة مقربة من دائرة حكم الميليشيات بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن أن المعلومات المتعلقة بصراع الانقلابيين على النفوذ والمال باتت تتكشف يومياً أمام اليمنيين سواء من خلال الاتهامات الحوثية المتبادلة بالتخوين والفساد أم غيرها.

وأشار المصدر الذي تحتم عليه سلامته عدم الإفصاح عن اسمه إلى تفاقم الصراع، خصوصاً بعدما كان الجناح الذي يقوده محمد على الحوثي رفض التجديد لمهدي المشاط لرئاسة مجلس حكم الانقلاب قبل تدخل زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي لحسم الأمر، بالتوازي مع استعانة أحمد حامد الذي ينعته الحوثيون «رئيس الرئيس» بمجموعة من الإعلاميين لشن حملة واسعة تستهدف محمد علي الحوثي وسلطان السامعي العضوين في مجلس حكم الانقلاب.

القيادي في الجماعة سلطان السامعي شن هجوماً عنيفاً قبل أيام في مقابلة تلفزيونية على القيادي الحوثي البارز أحمد حامد، متهماً إياه بسرقة عشرات المليارات وتسخير مؤسسات وموارد الدولة لمصلحته الشخصية.

وضمن حلقات ذلك الصراع، كشف القيادي في الميليشيات سلطان جحاف مطلع يوليو (تموز) الماضي عن فساد بمئات الملايين يمارسه أحد مشرفي الجماعة تحت مسمى «مؤسسة الجرحى». وقال: «إن القيادي في الجماعة ورئيس ما يسمى بمؤسسة الجرحى المدعو خالد المداني حول المؤسسة التي يرأسها إلى «مصدر ثراء له تمكن خلالها من شراء فيلا فارهة وأجرها لمؤسسته».

ونشر جحاف على حسابه بمواقع التواصل صورة للفيلا وعليها لوحة مؤسسة الجرحى، وقال إن المداني اشتراها بمبلغ 540 مليون ريال يمني (نحو مليون دولار)، وقام بتأجيرها لمؤسسته، في حين بات جرحى الانقلابيين يعانون أمراضاً نفسية وتحولوا إلى وحوش ضد أسرهم، وانتشرت حالات انتحار بينهم بسبب الإهمال الحوثي المتعمد.

وفي سياق تصاعد الصراع اتهم سلطان السامعي في تغريدات له على «تويتر»، قيادياً في الميليشيات لم يسمه بشراء «فيلتين» بلغت قيمتهما ستة ملايين و200 ألف دولار. وقال إن هذا القيادي «كان حافي القدمين»، قبل اجتياح صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014.

وبحسب التعليقات والهجوم المتبادل بين ناشطين حوثيين تابعين للأجنحة المتصارعة، فإن السامعي يشير بالاتهام إلى القيادي وصاحب النفوذ الأكبر في الجماعة أحمد حامد لما له من نفوذ يفوق المشاط.

وكشف السامعي عن تسخير قيادات الجماعة الأموال العامة لشراء الولاءات والناشطين لمهاجمة وقمع المعارضين لممارساتهم وفسادهم، وقال: «لا نعير الحملة التي مولها اللصوص الجدد بمبلغ 23 مليون ريال ضدنا من مال الشعب لأن نهايتهم ستكون السجون».

وفي تعليق له، قال النائب في البرلمان غير الشرعي بصنعاء أحمد سيف حاشد إن حملة اللصوص الجدد (قيادات الجماعة المنتمية لصعدة) مناطقية وقذرة. وأضاف في تغريدات له على مواقع التواصل، بالقول: «أليست هذه هي المناطقية الطائفية المذهبية القذرة أم ماذا نسميها؟!!».

من جهته علق القيادي الحوثي محمد المقالح على التهديدات التي يتعرض لها السامعي، من قيادات حوثية أخرى، معتبراً أن هذه الأساليب الترهيبية تعكس فساد رأس الجماعة، وقال المقالح: «عندما يخرج كبار القوم للدفاع عن فاسد يكون الرأس هو الفاسد لا الجسد».

ووجه المقالح وهو عضو فيما تسمى «اللجنة الثورية الحوثية العليا» التي تولت السلطة عقب الانقلاب مباشرة، عبر سلسلة تغريدات، انتقادات لاذعة للجماعة واصفاً بأنها جماعة فاسدة تقول ما لا تفعل وأن يدها ملطخة بالدماء.

وقال: «ثمة سلطة لم يسبق لها مثيل في التاريخ تتحدث عن النزاهة كل يوم وهي ملطخة بالفساد من رأسها إلى أخمص قدميها، وتتحدث عن المستضعفين كل يوم وهي تولي المستكبرين، وفي كل منعطف وزاوية فيها بطش أو إذلال».

وأضاف: «أن الحوثيين قد هزموا فعلاً في وعي الناس ولم يتبقَّ سوى هزيمتهم في واقع الناس وستأتي قريباً على أيدي واحد من الثلاثة المخلفين»، في إشارة إلى صراع الأجنحة المتصاعد.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.