هانس غروندبيرغ.. دبلوماسي مخضرم تنتظره مهمة معقدة باليمن (بروفايل)
قبل أسبوعين، عين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الدبلوماسي السويدي هانس غروندبيرغ، مبعوثا خاصا إلى اليمن، لتواجه خبرته التي تصل إلى نحو 20 عاما، إحدى أشد الأزمات تعقيدا على مستوى العالم.
وجاء تعيين غروندبيرغ خلفا للمبعوث الأممي السابق البريطاني مارتن غريفيث، الذي بات حاليا يشغل منصب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ومنسق حالات الطوارئ.
وانتهت مهمة غريفيث نهاية يونيو/ حزيران الماضي، بعد أن استمر في قيادة جهود الأمم المتحدة باليمن ثلاث سنوات.
وبعد أسابيع من المشاورات، عقب انتهاء مهمة غريفيث، تم تعيين غروندبيرغ مبعوثاً أممياً جديداً لليمن.
وحظى تعيين المبعوث الأممي الجديد بترحيب محلي من قبل الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي والمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، إضافة إلى مكونات سياسية ومدنية متعددة أعربت عن أملها التوصل القريب لحل شامل للأزمة.
كما رحبت العديد من الدول والتجمعات الدولية بتعيين غروندبيرغ، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي ومنظمة التعاون الإسلامي ومجلس التعاون الخليجي والسعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان.
وغروندبيرغ، حاصل على ماجستير العلوم في إدارة الأعمال والاقتصاد من كلية ستوكهولم للاقتصاد، وشغل منذ سبتمبر/ أيلول 2019، منصب سفير الاتحاد الأوروبي في اليمن خلفا لأنطونيا كالفو.
وخلال مهامه سفيرا للاتحاد الأوروبي، عرف غروندبيرغ بنشاطه الدبلوماسي وعقده لقاءات متعددة مع طرفي النزاع اليمني في محاولة منه لتوفير بيئة توافقية أو تقارب بين المتصارعين.
وفي فبراير/ شباط الماضي، أجرى غروندبيرغ زيارة إلى مدينة عدن جنوبي اليمن، وعقد هناك مباحثات حول الأزمة مع مسؤولين حكوميين.
كما زار في يناير/ كانون الثاني 2020، العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، مع سفراء أوروبيين آخرين، ضمن التحركات الدولية الرامية لوقف الحرب.
وخلال فترة عمله سفيرا لدى الاتحاد الأوروبي، شدد لمرات عديدة على ضرورة التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية، وحاول كثيرا أن يكون على مسافة واحدة من مختلف الأطراف.
ويعد من بين السفراء القلائل، الذين كتبوا عدة مقالات عن الأزمة اليمنية وآثارها، وضرورة صنع حل عاجل للبلاد.
** عقدان من الخبرة
ويتمتع غروندبيرغ بخبرة طويلة في العمل الدبلوماسي، ما جعل الأمم المتحدة تحرص على ترشيحه، ومن ثم تعيينه مبعوثا جديدا للعمل من أجل التوسط لحل واحدة من أشد الأزمات تعقيدا على مستوى العالم.
وإلى جانب خبرته في الملف اليمني، لدى غروندبيرغ خبرة أكثر من 20 عاماً في الشؤون الدولية، بما في ذلك أكثر من 15 عاماً من العمل في مجال حلّ النزاعات والتفاوض والوساطة.
وعمل في أوقات سابقة دبلوماسيا في الشرق الأوسط، ما يجعله ملما بقضايا الإقليم، حيث شغل مناصب دبلوماسية في مصر والقدس.
وترأس "مجموعة العمل على الشرق الأوسط / الخليج" في المجلس الأوروبي أثناء الرئاسة السويدية للاتحاد الأوروبي عام 2009.
وقد رأس قسم الشؤون الخليجية في وزارة الشؤون الخارجية السويدية في ستوكهولم خلال الفترة التي استضافت فيها السويد المفاوضات اليمنية التي يسّرتها الأمم المتحدة والتي أدت إلى اتفاقية ستوكهولم في ديسمبر/ كانون الأول 2018.
وفي 13 ديسمبر 2018، أفضت مشاورات رعتها الأمم المتحدة في العاصمة السويدية ستوكهولم، إلى اتفاق بين الحكومة اليمنية والحوثيين، قضى بحل الوضع بمحافظة الحديدة (غرب)، وتبادل نحو 15 ألف أسير ومعتقل لدى الجانبين، إضافة إلى تفاهمات حول الوضع الإنساني في محافظة تعز (جنوب غرب).
وتعثر تنفيذ الكثير من بنود الاتفاق، وسط اتهامات متبادلة بين الحكومة والحوثيين بشأن عرقلته.
** مهمة صعبة
ورغم الخبرة الطويلة التي يتمتع بها غروندبيرغ، في مسألة حل النزاعات، إلا أن مهمته باليمن قد تحتاج إلى وقت يبدو طويلا لمعالجة الفجوة الكبيرة في وجهات النظر بين طرفي الصراع، الحكومة والحوثيين.
وحتى اليوم، لم يقم الرجل بأي تحركات دبلوماسية سوى لقائه الافتراضي برئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك، ومباحثاته الهاتفية مع وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح.
وقبل أيام، طالب المجلس السياسي الأعلى لجماعة الحوثي، غروندبيرغ بأن يبدأ مهمته من حيث توقف غريفيث، وتجنب الوقوع في أخطاء من سبقه، وعدم بدء نقاش القضايا من نقطة الصفر.
وقال المجلس في بيان "ليس هناك موقف من شخص أي مبعوث أممي؛ وإنما من غياب الدور المفترض للأمم المتحدة".
فيما شددت الحكومة اليمنية أكثر من مرة، على أنها ستقوم بتسهيل مهام غروندبيرغ، محملة الحوثيين مسؤولية وضع العراقيل أمام السلام.
وتتمسك الحكومة بضرورة أن تكون أي مفاوضات مقبلة مستندة إلى مرجعيات ثلاث هي المبادرة الخليجية (2011)، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني (2013-2014) وقرارات مجلس الأمن الدولي خصوصا رقم 2216 (يلزم الحوثيين بترك المناطق الخاضعة لهم وتسليم سلاحهم).
فيما يرفض الحوثيون بشدة هذه المرجعيات ويطالبون بإلغاء القرارات الأممية، ما يجعل التوفيق بين الطرفين تواجهه تحديات كبيرة.
ويشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
وللنزاع امتدادات إقليمية، منذ مارس/ آذار 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية، عمليات عسكرية دعما للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران، والمسيطرين على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء.
التعليقات