الطاقة الشمسية.. ملاذ السكان لمواجهة انعدم الكهرباء في تعز
للسنة الثالثة على التوالي ومدينة تعز، ومثلها أغلب المحافظات اليمنية، تعيش في ظلام دامس؛ بسبب توقف محطات الكهرباء بفعل الحرب التي شنتها – ولا تزال- مليشيات الحوثي الانقلابية على المدينة. وتوقفت أيضاً الخدمات الأخرى، التي أصبحت جزءً من الماضي، الأمر الذي جعل الجميع يلجأ إلى تعويض ذلك الانقطاع بالبدائل الممكنة.
محطات توليد الكهرباء تعرضت للقصف الحوثي المباشر، وأسلاك تم تقطيعها، ومولدات تم نهبها، هكذا هو حال الكهرباء في مدينة تعز، واليمن عموما. وأصبح البحث عن الطاقة الشمسية، البديل الوحيد الممكن أمام المواطن اليمني لإنارة منزله وإعادة بعض الحياة الى معيشته المظلمة.
وكما غطت الطاقة الشمسية حاجة المواطنين من إضاءة، وأتاحت لهم استخدام الأجهزة الكهربائية وغيرها، وفرت كذلك فرص أعمال للمئات، وأصبحت مصدر دخل لعشرات العائلات، سواء من حيث فتح متاجر لبيعها، أو تشغيل الأيادي العاملة المتخصصة بذات المجال.
وبالقدر الايجابي لهذه الطاقة الجديدة، إلا أنها لا تخلو من السلبيات، ولعل من أبرزها عدم وجود أي رقابة للمواصفات والمقاييس، كما لا يوجد أي بيانات أو معلومات أو إرشادات حقيقية وواضحة لها، فضلاً عن ارتفاع أسعارها بشكل كبير يرهق كاهل المواطن.
"حبيب اليوسفي" مالك محل لبيع الطاقة الشمسية بمدينة تعز، قال إن تكاليف هذه المنظومات تختلف من شخص الى أخر، حيث تصل تكاليف منظومة الطاقة الشمسية المنزلية التي توفر الحد الأدنى من حاجة الأسر الفقيرة أو محدودة الدخل، لما يقرب من 30 ألف ريال يمني (100 دولار تقريبا)، وتشمل قيمة (لوح، بطارية، منظم، وأسلاك).
ويضيف اليوسفي في حديث لـ" يني يمن" "إن الأمر مختلف بالنسبة للأسر التي تحتاج مزيد من الطاقة ولديها القدرة المادية، وكذلك بالنسبة للمؤسسات، فإن تكاليف المنظومة القادرة على تشغيل أغلب الأجهزة الكهرباء بما في ذلك الثلاجات وغيرها، قد تصل إلى ألف دولار".
وأوضح أن إقبال المواطنين على الطاقة الشمسية لا يزال متواصلاً، رغم ارتفاع أسعارها مؤخراً بسبب التلاعب في أسعار العملة المحلية، باعتبارها الحل الأوحد في ظل استمرار انقطاع الكهرباء ولا بوادر لإعادتها عقب تحرير 70 بالمائة من المدينة.
وتابع: "وتتوفر بالأسواق المئات من الأنواع المختلفة من منظمات الطاقة، الأمر الذي سبب عشوائية في بيعها، وأفقد المستهلك لهذه السلعة، والسبب يعود في ذلك الى عدم وجود الرقابة من قبل الجهات المختصة، وأصبح المستهلك لا يثق الا بمن يعرف حتى لا يقع فريسية لبضاعة رديئة".
ووفقاً لدراسة أجرتها مؤسسة "برسنت" لبحوث الرأي العام الماضي، فإن 51 بالمائة من اليمنيين يعتمدون على الطاقة المتجددة (الشمسية بالغالب)، وأن نحو 34 بالمائة ممن يستخدمون الطاقة الشمية يستخدمونها في الإضاءة وتشغيل الأجهزة المنزلية والكهربائية، فيما يستخدمها 17 بالمائة للإضاءة فقط.
المهندس المتخصص بالطاقة الشمسية "عبد الرحمن أحمد"، قال إن الطاقة الجديدة حلت الكثير من المعضلات، وأصبحت المصدر الوحيد لغالبية الأسر اليمنية سواء في الريف أو الحضر، بل وصلت الى مناطق لم تصلها الكهرباء من قبل.
ويقول في حديث لـ" يني يمن" إن أحد أهم عيوب المنظومات هو تعرضها للتلف السريع، حيث أنها تبدأ بعد أشهر قليلة تفقد كفاءة البطارية، وتبدأ بالتدهور تدريجياً، بسبب عدم الاستخدام السليم من قبل المستخدم، مما يشكل عليه عبئا جديدا، وتكاليف مضاعفة لتغيير منظومة جديدة.
ومن أسباب التلف أيضاً، وفقاً للمهندس أحمد، أن غالبية المستهلكين لا يهتمون بتركيب منظمات التعبئة، الأمر الذي يجعل البطارية تشحن أكثر من الاستهلاك، مما يؤدي الى زيادة فوران الأسيد، واتلاف خلايا البطارية، التي بدورها تقلل من عمر البطارية بشكل كبير.
محافظ تعز السابق أمين محمود، كان قد كشف قبل إقالته عن استكمال اللمسات الأخيرة لإعلان مناقصة لشراء 30 ميغاوات بأوامر من الرئيس عبد ربه منصور هادي، إلا أن تلك التصريحات تبخرت ويبدو انها لن ترى النور على الأقل في الوقت الراهن.
ورغم كل السلبيات إلا أن الطاقة الشمسية تبقى الملاذ الوحيد لسكان مدينة تعز المحاصرة، لمواجهة انعدام الكهرباء، في ظل انعدام أي حديث عن إعادتها، بالرغم من استكمال تحرير مدينة المخا التي تمد المدينة بالكهرباء، منذ أكثر من عام.
التعليقات