أحداث لا تُنسى: كيف أطاحت ثورة سبتمبر بحكم الإمامة؟
الحوثيون ولعبة الوقود.. هكذا تخطط الميليشيا لإرباك السوق وزيادة الأسعار

عاودت ميليشيا الحوثي احتجاز شاحنات نقل المشتقات النفطية في مناطق سيطرتها، ومنعتها من المغادرة الى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية لجلب الوقود، في مسعى لفرض زيادة جديدة في الأسعار، وخلق أزمة إنسانية هدفها الضغط على الحكومة اليمنية للسماح بإدخال الوقود عبر ميناء الحديدة رغم إخلال الجماعة بالاتفاق المبرم في هذا الشأن.

ويتضمن اتفاق الحديدة الموقع تحت إشراف الامم المتحدة بين الحكومة اليمنية والمليشيا الحوثية نهاية العام 2018 توريد عائدات موانئ محافظة الحديدة، إلى حساب بنكي خاص في البنك المركزي بالمحافظة، واستخدامها لاحقاً في دفع رواتب موظفي الخدمة المدنية.

وكحال بقية بنود اتفاق ستوكهولم، لم يصمد هذا البند لأكثر من عام، حين خرقه الحوثيون وسحبوا 35 مليار ريال يمني من الحساب الخاص برسوم المشتقات في فرع البنك المركزي بالحديدة وأوقفوا توريد العائدات الى الحساب، في تصرف اعتبرته الحكومة مخالفة صريحة للتفاهمات، وقررت إيقاف إصدار التصاريح معلقة العمل بالآلية منذ نهاية مايو2020.

والأسبوع الماضي، قالت مصادر محلية في محافظة الجوف للمصدر أونلاين، إن الحوثيين يحتجزون ما يزيد عن 120 شاحنة وقود في منطقة حويشيان شرقي المحافظة وتمنعها من دخول مناطق سيطرتها بالتزامن مع منع ناقلات أخرى من العبور نحو مناطق سيطرة الحكومة، وهو ما أكده تجار وأصحاب شركات نقل في العاصمة صنعاء.

وبين الحين والآخر تفتعل ميليشيا الحوثي أزمة في الوقود بمناطق سيطرتها ترتفع معه أسعار المشتقات، عادة ما تكون مصحوبة بحملة إعلامية ضد الحكومة والتحالف بقيادة السعودية، الذين تتهمهم الميليشيا بالوقوف وراء الزيادة السعرية، وكذا ضد الوسطاء الدوليين، في ضغط يثمر غالباً السماح لهذه السفن بالعبور الى الميناء.

ففي أغسطس من العام الماضي، احتجز الحوثيون شاحنات نقل المشتقات النفطية ومنعوها من المغادرة الى الموانئ الواقعة تحت سيطرة الشرعية وسحبوا تصاريح العبور الخاصة بها، وأشعروا التجار ومالكي الناقلات في حينه بضرورة وقف استيراد المشتقات النفطية عبر تلك الموانئ، بذريعة أن هذه المشتقات تخالف المواصفات المطلوبة.

وسبق أن صادرت الميليشيا بذات الذريعة كميات ضخمة من النفط من تجار قدموا بها من مناطق سيطرة الحكومة، قبل أن تضخها للبيع في السوق السوداء، كما يقول تجار في سوق المشتقات.

وفي تصريح خاص لـ المصدر أونلاين، قال أحد ملاك شركات الخدمات النفطية: "قام الحوثيون بإجبارنا على وقف استيراد المشتقات عبر المنافذ التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية بالإضافة الى سحب تراخيص العبور الخاص بشاحنات نقل الوقود، وطالبونا بنشر بيانات بأن الشرعية هي من تقوم بمنع إدخال الوقود لمناطق سيطرتهم وأنها تتخذ اجراءات عقابية بحق الشعب اليمني".

وتحاول المليشيات الحوثية تحميل الحكومة اليمنية والتحالف مسؤولية ارتفاع أسعار الوقود بالإضافة لارتفاع أسعار السلع الاساسية والكمالية، رغم أنها هي من تفرض رسوما جمركية إضافية على جميع السلع الواصلة حتى السلع الاساسية.

وقال مدير شركة صرافة في صنعاء، إن سلطات الجماعة في البنك المركزي وجهت في أغسطس الماضي إشعارات شفهية لشبكات التحويل المالي بوقف أي تحويلات خاصة باستيراد او شراء المشتقات النفطية عبر مناطق الشرعية، أو التعامل مع شبكات الصرافة في تلك المناطق حتى إشعار آخر، وحذرت المخالفين بعقوبات كبيرة تصل إلى سحب التراخيص.

وبعد شهر من تلك القرارات تراجعت المليشيات عن قرار المنع وسمحت بإدخال الوقود الواصل عبر مناطق الشرعية ولكن بعد فرض رسوم إضافية جديدة، أدت الى زيادة سعر الوقود بنسبة 40 %، حيث بلغ سعر الجالون 20 لتر 11,200 مقارنة بـ 8,500 قبل القرار الحوثي.

وتهدف الإجراءات الحوثية بحسب مراقبين، إلى الضغط على التجار والمستثمرين للاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع لسيطرتها، وبالتالي الضغط على الحكومة الشرعية لإعطاء التصاريح للسفن بالوصول عبر الميناء.

وتأثر السوق المحلي في العاصمة صنعاء والمحافظات المجاورة بالإجراءات الحوثية التي عاودت فرضها مطلع الشهر الماضي، حيث انعدمت المشتقات النفطية في العديد من محطات التزود، وعادت السوق السوداء للظهور بأسعار مرتفعة للغاية بلغ سعر الجالون البنزين 20 لتر في هذه المحطات 28 الف ريال يمني (46$).

وفي إطار حملتها الضاغطة، زعمت ميليشيا الحوثي في خبر نشرته وكالة سبأ الخاضعة لها في صنعاء نهاية الشهر الماضي، أن التحالف بقيادة السعودية احتجز السفينة (Eships Barracuda) الخاصة ببرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة والتي تحمل كمية 4,022 طنا من مادة الديزل، ومنعوها من الوصول إلى ميناء الحديدة.

وتزامن الخبر الحوثي مع أخبار تتحدث عن احتجاز التحالف 15 سفينة وقود أخرى ومنعها من الدخول، إضافة الى وقفات احتجاجية منددة بـ"الحصار" في مختلف مناطق سيطرة الميليشيا.

وفي وقت لاحق، أكد مصدر في برنامج الغذاء العالمي، أن السفينة التابعة للبرنامج، وصلت الى ميناء الحديدة، وقال المصدر لـ"المصدر أونلاين" إن السفينة "وصلت (الى مكان تفتيش السفن) يوم الخميس (27 يناير)، وخرجت يوم الأحد (30 من الشهر ذاته)، وقد وصلت الى الميناء وتم تفريغها".

وتخضع سفن الوقود القادمة إلى الميناء بشكل اعتيادي للفحص المصرفي والفني والقانوني المتفق عليه مع مكتب المبعوث الدولي والأمم المتحدة، بهدف تطبيق الضوابط الدولية لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال وتجفيف اقتصاد الحرب، والحد من التجارة غير القانونية للنفط في اليمن، حسب بيان سابق للمجلس الاقتصادي الأعلى للحكومة.

والثلاثاء الماضي، أعلن وزير الخارجية اليمني أحمد بن مبارك، أن الحكومة سمحت بدخول سفن مشتقات نفطية إلى ميناء الحديدة "لدواع إنسانية"، دون مزيد من التفاصيل.

 

أسعار جديدة

قال تاجر ومالك محطة للتزود بالوقود في العاصمة صنعاء للمصدر أونلاين، إن انعدام الوقود مفتعل والهدف منه الزيادة في أسعاره، وإن سلطات الحوثيين بصدد رفع اسعار البنزين والديزل بزيادة قد تصل الى 30% عن السعر الرسمي.

وبحسب التاجر، فقد أبلغه عدد من موظفي شركة النفط الحوثية، أن سعر الجالون البنزين 20 لتر، سيصل الى 14,700 ريال، فيما سيكون سعر جالون الديزل 20 لتر 13الف ريال، وإن هذا القرار سيطبق ابتداء من منتصف الشهر الجاري.

وتعد سوق المشتقات النفطية بعائداتها الضخمة من أهم مصادر تمويل الحرب التي تقودها ميليشيا الحوثي ضد اليمنيين، لذلك فإنها تعول على عامل الوقت، والضغط الذي تمارسه المنظمات الدولية على الحكومة للسماح بوصول الوقود عبر ميناء الحديدة ما يجعل العائدات التي تجنيها أكثر من تلك التي تجنيها حال وصوله عبر مناطق وموانئ الشرعية.

وفي في تقريره السنوي للعام 2021، تطرق فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن الدولي والمعني باليمن، إلى ملف "بيع الوقود في السوق السوداء وفرض الرسوم غير القانونية على استيراده"، وكشف عن وجود نمط تصاعدي في واردات الوقود، مؤكداً وقوف مليشيا الحوثي وراء اختلاق أزمات المشتقات النفطية وإدارة السوق السوداء لمضاعفة أرصدتها المالية.

وقال تقرير الخبراء الدوليين إن الحوثيين "يخلقون ندرة مصطنعة للوقود من أجل إجبار التجار على بيعه في السوق السوداء التي يديرونها وجمع الرسوم غير القانونية المفروضة على المبيعات".

ووفقاً للتقرير فقد "حصل الحوثيون إيرادات رسمية من واردات الوقود (أي رسوم الجمارك وغيرها من الضرائب عبر ميناء الحديدة) فاقت 70 بليون ريال يمني".

وقال الفريق الأممي إنه تلقّى "معلومات تفيد بأنه على الرغم من أن الرسوم الجمركية يتم تحصيلها في ميناء الاستيراد الأول، فإن الحوثيين يحصلون بشكل غير قانوني تعريفات ورسوماً جمركية إضافية من التجار في مراكزهم الجمركية البريدية.

وعلى سبيل المثال، نقل فريق الخبراء عن أحد المستوردين قوله إن الحوثيين يحصلون 37 ريالاً يمنياً عن اللتر الواحد منذ فبراير 2021".

وبيّن فريق الخبراء، أن نشاط توريد الوقود إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين مربحة للغاية بالنسبة للكثيرين، فيما يدفع المستهلكون النهائيون الثمن.

وأشار إلى وصول بلاغ لفريق بأن الزيادة في أسعار الوقود تؤثر سلباً على الشركاء المنفذين للمنظمات الإنسانية الدولية.

يذكر أن تقرير الخبراء للعام 2018 كشف أن نفطاً تقدمه إيران كدعم لذراعها في اليمن ميليشيا الحوثي، نقل عبر شركة «يمن إيلاف» المملوكة لـ عبد السلام صلاح فليتة "محمد عبدالسلام" الناطق الرسمي للحوثيين ورئيس مجلس إدارة شبكة المسيرة التلفزيونية التابعة للمليشيات، عبر سلطنة عمان، وبتصريحات مزورة من السلطنة ودولة الإمارات.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.