حتى الثورة المضادة لم تنتصر !!

اليوم هو الحادي عشر من فبراير/شباط، يوم مجيد من ايام اليمنين الأحرار لا يزال يستدعي المزيد من القراة حول المآلات وسط هذا الصخب والهجوم الذي يتعرض له من قبل ذيول النظام السابق .

 

في مثل هذا اليوم قبل أحد عشر عاماً خرج اليمنيون الى الشوارع في التحام عظيم مع الربيع العربي الذي انطلق من تونس ومر عبر عواصم البؤس والخراب العربية، مؤذنا بنهاية النسخة الاستعمارية من الحكام الدكتاتوريين الذين قاولوا على حكم بلدانهم بطريقة أبقتها في ذيل الأمم في الحضارة والحرية والكرامة.

 

لا تزال بقايا هذه الدكتاتوريات مستمية في ادانة الربيع العربي، وتظهر كيف كان زوال هؤلاء الحكام سببا في فقدان الأمن والاستقرار والحد الأدنى من المعيشة التي توفرت على هامش حياة البذخ والفساد وسياسة تعطيل الموارد في جمهوريات الربيع العربي الوراثية.

 

ثورة الحادي عشر من فبراير/شباط اليمنية، تفردت بإنجازها السلمي الذي وفر لرأس النظام حياته وامواله وكرامته، لكنه واستنادا الى فائض القوة الذي بقي لديه، وتوالي الثورات المضادة في بلدان الربيع العربي أصر على صياغة النهاية التي يستحقها.

 

حصل علي عبد الله صالح على الحصانة من البرلمان الذي كان يمتلك حزبه الأغلبية المطلقة فيه، فقابل ذلك بإهدار الحصانة عن الدولة والجمهورية والسلم الاجتماعي.

كان رأس النظام قد اتخذ قرارا منذ منتصف التسعينات برعاية حركة التشيع التي كان يقف على رأسها غلاة الجارودية متصلين طائفيا بإيران الاثني عشرية وحرسها الثوري.

 

وكان دافع صالح هو ايجاد توازن فكري يكفي لمنح حكمه المزيد من الاستقرار. للأسف شاركه في مخطط الردع الطائفي هذا عقلاء في حزبه الحاكم الذين لم يكونوا يرون في خطوة تمكين الحوثيين سوى اجراء تكتيكي لردع النفوذ السياسي المتزايد للتجمع اليمني للإصلاح وادارة ممكنة لحرب الأفكار على ساحة يمنية يعلمون جيدا هشاشتها.

 

يسوق أنصار صالح الى اليوم مقولة ان ثوار فبراير هم من أتوا بالحوثيين الى صنعاء والى الساحات، والحقيقة هي ان المشاعر الوطنية الملتهبة في تلك الفترة لم تكن لتسمح بإقصاء أحد ومع ذلك كانت ساحة التغيير في صنعاء لا تكاد تهدأ من المواجهات واختبار القوة التي ترافقت مع المحاولات الحثيثة والمستميتة والفاشلة لاتباع الجماعة المسلحة لتأسيس منصة منفصلة ومسار ثوري بأجندة طائفية داخل ساحة التغيير بصنعاء.

 

علي صالح منح الحوثيين (8)معسكرات بأسلحتها في محافظة صعدة، وسخر كل إمكانيات الدولة العسكرية لصالحهم، ليأتي نائبه من بعده ويكمل مشوار التمكين لهذه الجماعة الطائفية المسلحة.

 

لقد عاقب حزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم الشعب اليمني واطلق كلابه الضالة وكتائب الفساد الأخلاقي على ثوار فبراير ورجال الجمهورية ولا يزال، محاولا باستمالة اثبات ان اليمن كان بخير قبل ثورة فبراير.

 

لكن من من هؤلاء يمكنه ان يخبرنا بأن انقلاب 21سبتمبر/ أيلول 2014 كان اجراء تصحيحيا موفقا؟

هذا الإجراء الذي تبرع به المؤتمر الشعبي العام، وتنازل معه عن القيادة للجماعة الحوثية المسلحة ومكنها من استخدام مقدرات الدولة للثأر من أعداء صالح بتلك الطريقة العنيفة، هو في تقديري اكبر دليل على ان صالح لم يكن زعيما ولا حكيما هو ومن معه، بدليل ان نهايته لم تكن على أيدي ثوار فبراير بل على أيدي من استعان بهم للانتصار على من يعتبرهم أعداءه الحقيقيين .

 

وفي جردة حساب سنجد أن صالح وهادي حصلا معاً على المكافأة المستحقة من هذه الجماعة قتلاً وإذلالاً وتشريداً. وكان للدول الإقليمية التي مولت الثورة المضادة نصيبها المستحق من المكافأة الحوثية الإيرانية، فقد أصبح عمقها الاستراتيجي مكشوفاً.

 

واليوم تعيد الأموال السعودية والإماراتية ترميم "التركة العفاشية" الممزقة، بطريقة مفضوحة ومكشوفة بما لا يسمح بتوقع ان هذه التركة، وبعد ان حازت هذا القدر من الامكانيات العسكرية، ستكون في حالة جهوزية لمقاتلة الحوثيين، لا انتصاراً للجمهورية التي غدرو ا بها ولكن على الأقل، انتقاما لزعيمهم الذي لا يزال في أحد دواليب التبريد المجهولة المكان في صنعاء.

 

الرئيس الحالي الذي سلم عمران وصنعاء والدولة للحوثيين، ترافقه غصة مستديمة نتيجة وجود شقيقه معتقلا لدى هذه الجماعة، وهو في حالة عجز تام عن تحريره، فلم يشفع له ذلك التفريط والخيانة الصريحة للشعب اليمني في تأمين محيطه العائلي الصغير، الذي ينعم بكل مقدرات ألشعب اليمني دون ان يقدم شيء لهذا الشعب.

 

لايزال ثوار فبراير يقدمون التضحيات تلو التضحيات في معركة الانتصار للوطن، فيما يمضي انصار الثورة المضادة في مخطط تكريس الاقطاعيات العسكرية في تورط صريح في مؤامرة تمزيق الوطن وإفناء الدولة وتبديد ملامحها الجمهورية والديمقراطية فأي الفريقين أهدى سبيلا وأوفر كرامة بنظركم؟

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية