الهُدنة في تعز.. جرائم حوثية مستمرة برعاية أممية

استبشر المدنيون في محافظة تعز (جنوب غرب اليمن)، بالُهدنة الأممية ليأمنوا من خوف جرائم ووحشية مليشيا الحوثي الإرهابية، لكنها ما فتأت أن تحولت إلى غطاء تستخدمه المليشيا لمضاعفة جرائمها بحق المدنيين، وتشديد قبضة الحصار عليهم، برعاية الأمم المتحدة ومبعوثها الذي يسعى بكل قوة لاستمرارها وتمديدها رغم الخروقات الصارخة التي ترتكبها المليشيا.

خلال شهر ونصف من الهُدنة المعُلنة ارتكبت مليشيا الحوثي مئات الجرائم بحق سكان مدينة تعز المحاصرة وسط صمت وتواطؤ من المبعوث الأممي ورُعاة الهُدنة حسب أبناء ونخب المدينة.

ومطلع إبريل/ نسيان الماضي، أعلن المبعوث الأممي موافقة الأطراف اليمنية على هدنة إنسانية لمدة شهرين، تشمل وقف كافة العمليات العسكرية، وتشغيل رحلتين تجاريتين من مطار صنعاء الدولي كل أسبوع، والسماح بدخول سفن المشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة بمجموع 18 سفينة خلال فترة الهدنة، وفتح طرق تعز وغيرها من المحافظات.

 

ضحايا بالعشرات

واصلت مليشيا الحوثي الإرهابية جرائمها ضد السكان والأحياء والقرى السكنية في تعز، منذ سريان الهُدنة الأممية مطلع أبريل الماضي، كما ضاعفت من حصارها للمدينة من خلال نشر فرق ومواقع قناصة في محيط المدينة كما تفيد الجهات الرسمية.

ويوم الجمعة الماضية، ارتكبت مليشيا الحوثي جريمة جديدة بحق المدنيين في قرية السائلة غربي المدينة حيث سقطت قذيفة صاروخية على منزل المواطن "هاشم محمد علي"، وتسببت بمقتله طفله "محمود" وإصابته وزوجته، في جريمة لاقت تنديد حقوقي وشعبي واسع.

وحسب إحصاء جديد للمركز الإعلامي لمحور تعز، فإن المليشيا ارتكبت 1432 خرقاً للهُدنة حتى صباح الأحد (15 مايو 2022م)، تسببت بسقوط 7 شهداء و54 جريحًا من قوات الجيش والمقاومة الشعبية، فيما سقط شهيدين من المواطنين وأصيب 17 آخرين، وأضرار مادية كبيرة في الممتلكات الخاصة والعامة.

وشملت الخروقات الحوثية "استقدام تعزيزات وتحركات للأسلحة فضلا عن حصار قناصي المليشيا للمواطنين والقصف المدفعي واستهداف المواقع والقری والأحياء السكنية ومخيمات النازحين بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة إلى جانب زراعة الألغام وشق طرقات وانشاء تحصينات ومواقع جديدة" حسب بيان الجيش.

ورغم الجرائم الحوثية اليومية بحق السكان لم يخرج المبعوث الأممي أو الدول الراعية للمبادرة بأي تصريح يدين تلك الجرائم أو ممارسة أي نوع من الضغوط لإثنائها عن نهجها الإجرامي.

هذا الصمت المُريب استدعى منظمات حقوقية إلى مناشدة المبعوث الأممي والمجتمع الدولي إلى مغادرة مربع الصمت والعمل على الضغط الجدي على الحوثيين لوقف الجرائم الوحشية ضد المدنيين.

وفي هذا الصدد ناشد مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان( Hritc) ، مبعوث الأمم المتحدة، والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ضرورة وقف العدوان الممنهج تجاه تعز.

من جانبها طالبت منظمة "رايتس رادار"، المجتمع الدولي بموقف حازم إزاء جرائم الحوثي بحق المدنيين في محافظة والحد منها.

 

تدليل الحوثي وتثبيت للحصار

من المتوقع أن تطير أول رحلة جوية اليوم الاثنين من مطار صنعاء الخاضع لسيطرة مليشيا الحوثي بعد ضغوط كبير مارسها المبعوث الأممي ورعاة الهُدنة، في حين تشد المليشيا الحوثية من خنق سكان مدينة تعز بحصار ظالم وترتكب بحق أبنائها مزيد من الجرائم وسط صمت أممي ورضوخ غريب لشروط مليشيا الحوثي المتعنتة.

ورغم الخروقات الحوثية الصارخة للهُدنة وعدم الالتزام بتنفيذ بنودها إلا أن المبعوث الأممي يواصل تحركاته لتثبيتها وتمديدها دون أن يكون له موقف حازم لإرغام الحوثيين على فتح الطرق وإنهاء الحصار الظالم على تعز الممتد للعام الثامن على التوالي، مايعني تمديداً للحصار وتثبيته برعاية أممية.

وفي وقفة لهم من أمام منزل المواطن "هاشم محمد" في قرية السائلة بالضباب الذي طاله القصف الحوثي الأخير، ندد حقوقيون وناشطون وسكان محليون، السبت، بالصمت الدولي وناشدوا العالم بالتحرك لوقف مجازر الحوثيين بحق المدنيين في المحافظة.

وقال بيان صادر عن الوقفة، إن "مليشيا الحوثي الإرهابية تمادت في ظل التجاهل الدولي والإقليمي فأخذت تزيد من قبضة الحصار ضد تعز وتكثف من قصف الأحياء المدنية".. داعياً إلى المسارعة بمعاقبة الحوثي وإيقاف جرائمه بحق أطفال ونساء تعز.

ودعا بيان المحتجين مجلس الأمن والمبعوث الأممي إلى الوقوف بحزم أمام هذه الانتهاكات الصارخة مندداً بما سماه "الدلال" للحوثيين.

في السياق دعا ناشطون من أبناء المحافظة "غروندبرغ" إلى التوقف عن الكيل بمكيالين والعمل على فتح كافة الطرق المؤدية إلى تعز تزامناً مع استئناف الرحلات من مطار صنعاء.

وقال عدداً من الناشطين على مواقع التواصل الإجتماعي، إن ملف رفع الحصار عن تعز لم يلقى أي اهتمام من المبعوث الأممي منذ بداية الهدنة، مشيرين إلى أن المبعوث الأممي يضع الملف في هامش اهتماماته وينحاز في مساعيه إلى الحوثيين.

وفي هذا السياق قال الإعلامي زكريا الشرعبي، "رغم مرور أكثر من شهر على الهدنة لم يكن هناك أي تحرك أممي بالنسبة لفتح الطرق الرئيسية إلى تعز وربطها بالمحافظات الأخرى".

وأضاف في تصريح لقناة "يمن شباب" أن المبعوث الأممي في المقابل ومع كل جولة أو زيارة يقوم بها يضغط (على الجانب الحكومي) لفتح مطار صنعاء.

وأشار إلى أن تنازل الحكومة ورضوخها للضغوط الأممية بشأن استئناف الرحلات من مطار صنعاء كان من المفترض أن يقترن بفك الطرق المؤدية إلى تعز.

واستدرك: ثمان سنين من الحصار على تعز ومعاناة أبنائها يبدو أنها لم تكن كافية لدى المبعوث الأممي للعمل على انهائها.

 

حسم عسكري ووقف التفاوض

وأمام تعنت مليشيا الحوثي ورفضها كل الجهود الدولية والحلول السياسية والسلمية، دعا نائب رئيس شعبة التوجيه المعنوي بمحور تعز العقيد عبدالباسط البحر، لكسر الحصار عن تعز بالقوة العسكرية إن لم تفِ المليشيات الحوثية بتعهداتها.

وطالب العقيد البحر في منشور له على صفحته بالفيس بك، مجلس القيادة الرئاسي بتوفير الدعم الكافي والامكانيات اللازمة لقوات الجيش في تعز لكسر الحصار الجائر وفتح جميع المعابر بالقوة المسلحة العسكرية أمام المواطنين الذين تحاصرهم مليشيات الحوثي وتمنع عنهم كل أسباب الحياة.

وناشد العقيد البحر قيادة التحالف العربي والضمير الانساني العالمي الوقوف مع أبناء تعز المدنيين الذين يتعرضون لأسوأ معاناة إنسانية ومنع حرية الحركة والتنقل ودخول المواد التموينية والمساعدات الإنسانية والبضائع المختلفة (...) حتى رفع الحصار والضرر عنهم، خصوصا بعد رفع القيود عن مطار صنعاء وميناء الحديدة.

من جانبها طالبت كتلة محافظة تعز في البرلمان، يوم السبت، مجلس القيادة الرئاسي بقيادة رشاد العليمي، وقف أي تفاوض مع المليشيا قبل رفع الحصار عن المحافظة، وفتح كل الطرقات والمنافذ بشكل عاجل.

كما طالبت الكتلة، في بيان لها، مجلس القيادة بوضع حصار تعز ومعاناة سكانها على رأس أولوياته، مؤكدة أن "رفع هذا الحصار الجائر، هو حق إنساني في المقام الأول، ولا يجب إخضاعه لأي مقايضات أو تفاوض، لأن المتضرر الوحيد منه هم المدنيون".

ودعا برلمانيو تعز، المبعوث الأممي إلى "الكف عن التعاطي مع هذا الملف الإنساني من منظور سياسي".

وطالبوا غروندبرغ بـ"الاسراع بتنفيذ تعهداته برفع الحصار وفتح الطرقات، والضغط على مليشيا الحوثي للتوقف عن الانتهاكات ضد المدنيين، والتي لم تتوقف رغم الهدنة الإنسانية والعسكرية في البلاد".

واعتبروا صمت وتجاهل المبعوث الأممي إزاء جرائم الحوثي بمثابة "غطاء لاستمرار هذه الجرائم"

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية