بعد الحادثة التي هزت الوسط الصحفي بعدن.. هل أصبحت عدن بعد صنعاء بيئة غير آمنة للصحفيين؟

حادثة جديدة هزت الوسط الصحفي في اليمن مساء الأربعاء الماضي (15 يونيو 2022)، بعد مقتل الصحافي اليمني صابر الحيدري، بعبوة ناسفة استهدفت سيارته في العاصمة المؤقتة عدن، وأودت بحياته واثنين آخرين، وإصابة الشخص الرابع.

لم يكن قد مضى الكثير من الوقت على مقتل الصحافية اليمنية رشا الحرازي وجنينها، والتي تم استهداف السيارة التي كانت تقلها إلى جانب زوجها الصحفي محمود العتمي بعبوة ناسفة في ذات المدنية التي يتخذ المجلس الرئاسي اليمني والحكومة اليمنية مقراً لهما لإدارة شؤون الدولة والمعركة معاً ضد الحوثيين.

حادثة الصحافي صابر نعمان الحيدري، أثارت الكثير من المخاوف لدى الصحفيين اليمنيين، الذين شعروا بأن المحافظات اليمنية جميعها بدأت تضيق عليهم أكثر وأكثر لا سيما مع إطالة الصراع في هذا البلد.

وطوال فترة الحرب، ظلت صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين، مُحافِظة على صدارتها في ارتكاب الانتهاكات المختلفة التي طالت عشرات الصحفيين في اليمن منذ اندلاع الحرب عام 2015، لكن اللافت اليوم، أن بعض المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة والتي كانت ملجأ فر إليها عشرات الصحفيين، أصبحت اليوم تضيق بهم، مع تزايد أعداد الانتهاكات التي تطالهم.

 

“اليمن بيئة خطرة للصحفيين”

في ظل الوضع الصعب في اليمن، أصبح الصحفيون، الحلقة الأضعف في الصراع، لا سيما مع حالة الاستقطاب التي انتقلت من ميدان السياسة إلى ميدان الإعلام، ليصبح الصحفي طرفا في الصراع، بسبب غياب الإعلام الحر المستقل، كما يؤكد الصحافي كمال السلامي

ويشير السلامي في حديث لـ”يمن مونيتور” إلى أن اليمن صارت بيئة خطرة على الصحفيين، فهذا الصحفي صابر الحيدري، قتل في عدن بعد أن فر من الظلم في صنعاء، وقبله الصحفية رشا الحرازي، وغيرهم.

يؤكد السلامي أن “الصحفيين في اليمن يدفعون ثمن مهنتهم الخطرة، وللأسف لا يوجد مؤسسات تحميهم، أو توفر لهم الضمانات للحيلولة دون تعرضهم لأخطار الموت، أو حجز الحرية، والتضييق اليومي”.

والأمر كذلك بالنسبة للصحفيين اليمنيين خارج البلاد، فالكثير منهم – وفق السلامي- معرضين لأخطار عدة، أبرزها الترحيل، وكذا ندرة المؤسسات الراعية لهم، فضلا عن غياب الدور الحكومي.

 

“تصفية حسابات يدفع ثمنها الصحفيون”

تعيش مدينة عدن والمحافظات المحررة من الحوثيين في اليمن، مرحلة تشهد تحولات كثيرة، أبرزها تشكيل المجلس القيادي الرئاسي، الذي يواجه حاليا تحديات كثيرة.

وفي هذا الشأن، قال رئيس مركز البلاد للدراسات حسين الصوفي، إن استهداف الصحفيين، يعتبر استهداف للمجتمع بشكل عام، ومحاولة لإقلاق السكينة وإسكات الحقيقة.

ويعتقد الصوفي في حديثه لـ”يمن مونيتور”، أن استهداف الصحفيين بالقتل مؤشر خطير، ينبئ عن وجود تصفية حسابات بين الأطراف السياسية على حساب الأسرة الصحفية.

ويؤكد الصوفي أن “الأخطر من القتل والاستهداف بهذه الطريقة لهم، هو رمي ملف تلك القضايا في الأدراج، وهي جريمة توازي قتل الصحفيين”.

ويستغرب الصوفي من “صمت الجهات الرسمية المختلفة إزاء ما يتعرض له الصحفيون، لافتا إلى أنه لم نسمع مع كل حادثة قتل أو اعتقال وغيره، عن أي تحقيقات تم إجراءها أو متابعة لما حدث.

ويستطرد: “نحن نعلم أن هناك تصفية حسابات، وتحولات سياسية، لكن يجب أن لا يكون الصحفيون ملعبا لتصفية الحسابات، وأن لا يتحولوا إلى كبش فداء، وطاولة لتنفيذ الرسائل بدمائهم، بارتكاب مزيد من الجرائم بحقهم”.

 

“إصرار على الجريمة”

بالنظر لحالة القتل المروعة التي تعرض لها الصحفي صابر نعمان شهدتها العاصمة المؤقتة عدن، وقبلها اغتيال الصحافية اليمنية رشا الحرازي، يرى السلامي أن “هناك من يسعى للقضاء على الإعلام الحر، ويريد تكريس الصوت الواحد لإخفاء معالم الجريمة التي تُرتكب بحق اليمن واليمنيين”، مؤكدا أن “المستفيد من هذه الجريمة هي مليشيات الحوثي المسئول الأول عنها”.

وكان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، اتهم جماعة الحوثي بالوقوف وراء جريمة قتل الصحافي الحيدري، بغرض لث الرعب في نفوس مراسلي وسائل الإعلام العربية والاجنبية، ومنعهم من أداء رسالتهم في المناطق المحررة.

وفي تقرير لمرصد الحريات، تم توثيق خلال 2021، خمسين حالة قتل لصحفيين وعاملين في هذا المجال منذ بدء الحرب في اليمن.

 

“مطالبات بالتحقيق وملاحقة الجناة”

وما يزال في سجون مليشيات الحوثي حتى اليوم أربعة صحفيين، يعيشون ظروفا قاسية، جراء ما يتعرضون له من تعذيب نفسي وجسدي بحسب تقارير حقوقية عديدة.

في هذا الشأن، يؤكد الصحافي السلامي على “أهمية توفير البيئة الآمنة للصحفيين، قائلا: “وهنا يأتي دور السلطات، وكذا دور المؤسسات الإعلامية التي يجب أن تحيط الصحفي بما يحتاج من الحماية الشخصية، بل وتوفير بيئة آمنة من خلال فتح خطوط مع السلطات في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الشرعية، حتى يضمنوا سلامتهم”.

وهو ما يتفق معه أيضا الباحث الصوفي الذي دعا لتحقيق عاجل ومستقل، وكشف من يقف خلف تلك الجرائم في مختلف المحافظات، وتوفير الحماية للصحفيين، داعياً الجهات المعنية في مدينة عدن، إلى التحقيق وكشف التهديدات التي تمارس فيها ضد الصحفيين، ومحاكمة وملاحقة من يقف وراءها.

وبحسب الصوفي فإنه “يجب على الأسرة الصحفية أن تحمي نفسها، وتقوم النقابة بدورها، وإيصال صوت الضحايا إلى المجتمع الدولي، وتوفير الحماية للصحفيين المطالبة، والتصعيد، ورفع الجرائم في المحاكم الوطنية والعدل الجنائية الدولية”.

وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، اعتبر اغتيال الصحافي الحيدري، نتيجة مؤسفة لعدم محاسبة الجناة على الجرائم السابقة.

يُذكر أن الصحافي الحيدري، كان يعمل مؤخرا مراسل تلفزيون (NHK) الياباني، وعمل في إدارة العلاقات العامة بوزارة الإعلام منذ العام 2013، وانتقل إلى عدن عام 2017 بعد التضييق الذي عانة منه في صنعاء.

 

 

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية