أحداث لا تُنسى: كيف أطاحت ثورة سبتمبر بحكم الإمامة؟
قيادات المليشيا الحوثية.. ثراء فاحش من أوجاع اليمنيين

في وقت تتصاعد فيه الأزمة الإنسانية في اليمن بسبب الحرب التي أشعلتها ميلشيات الحوثي الإرهابية، يزداد قادتها الكبار ثراء فخلال السنوات الماضية تحولت خارطة الأعمال والشركات التجارية الكبيرة لصالح تلك القيادات، بعد عملية ممنهجة استطاعت من خلاله صناعة واقع جديد، على الأوجاع اليومية لليمنين.

منذ سيطرة ميلشيات الحوثي على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، بدأت الجماعة بشكل ممنهج عمليات سطو واسعة على الممتلكات الخاصة والعامة، ثم توسعت أكثر ابتداءً من وضع أيديهم على البنك المركزي، وصولاً لعمليات مصادر للشركات والمؤسسات الاستثمارية، ووضعها تحت تحكم ما أسموه بالحارس القضائي.

وكان تقرير فريق الخبراء الدوليين المعني باليمن، الذي صدر مطلع الجاري 2022 أكد "أن الحوثيين يستخدمون أساليب مختلفة للثراء والحفاظ على أنشطتهم، ولا سيما من خلال العنف أو التهديد باستخدامه والممارسات التنظيمية القسرية".

وخلال السنوات الماضية عمل الحوثيين سلسلة إجراءات تهدف إلى طرد رأس المال الوطني من رجال الاعمال في القطاع الخاص، من اجل إحلال بديلاً عنهم من قيادات تابعة لهم والذين أنشأوا شركات استثمارية ومؤسسات حلت على أنقاض خسارات تكبدها آخرين نتيجة عملية التضييق الحوثية، وآخرها مجموعة إم تي إن للاتصالات الجوالة، التي غادرت اليمن في نوفمبر 2021.

 

أثرياء الحرب

لم يعد خافياً على اليمنين في مناطق سيطرة ميلشيات الحوثي حالة الثراء الطارئة التي تنامت خلال السنوات الماضية، والتي بدأت من الحرب والمأساة الإنسانية التي يعاني منها اليمنيين، والتي تعد أسوأ أزمة إنسانية في العالم حيث يحتاج نحو 20 مليون يمني لمساعدات إنسانية، وفقاً للأمم المتحدة.

وكشف مركز الاعلام الاقتصادي، عن ظهور طبقة جديدة من الأثرياء جراء الحرب، تنامي ظاهرة ما يسمى "الأثرياء الجدد" الذين راكموا ثروات المتحصلة نتيجة النفوذ العسكري والسياسي خلال السنوات الثمان الماضية من الحرب.

 وقال "بأن هذه الظاهرة تمثل نتاج مباشرة للحرب الكارثية التي دفعت باليمن لأن يصبح بلدا هو الأكثر معاناة في الجانب الإنساني عالميا"، وأشار "الثراء الكبير للشبكات النافذة المقربة من ميلشيات الحوثي عبر سلسلة من الأنشطة التجارية والاستثمارية المعززة بالنفوذ والقرب من قيادات الجماعة".

ويكشف تحذير تقرير مركز الدراسات الاقتصادي، من تجريف القطاع الخاص التقليدي، الجزء الأكبر من عمليات الثراء لقيادات ميلشيات الحوثي والتي عملت على إحلال اقتصاد بديل يتبعها في جميع المجالات، بالإضافة إلى صناعة الأزمات في حياة اليمنيين ونهب الممتلكات، وصولاً إلى سرقة الإغاثة والمساعدات الإنسانية، وهنا نبرز أهم مصادر الثراء التي صنعته قيادات الحوثيين.

 

الأموال المنهوبة

قبل سيطرة ميلشيات الحوثي على البنك المركزي في صنعاء كانت خزينته من احتياطات النقد الأجنبي نحو 5 مليار دولار، وخلال السنوات الأولى من الحرب استنفذت الميلشيات كافة تلك الاحتياطات النقدية للبلاد في السنوات الأولى من الحرب، بالإضافة إلى 500 مليار ريال من العملة المحلية، وودائع المواطنين في البنوك المحلية، والتي باتت مجمدة ولا يستطيع أصحابها الحصول عليها. وفق تقرير مركز الاعلام الاقتصادي.

لا يعرف بشكل دقيق محصلة ما تم نهبة من المال العام للدولة من تلك السيولة التي أدارتها الميلشيات، في الوقت التي كانت جميع إيرادات المحافظات اليمنية تصل إليهم حتى نهاية 2016 حيث تم نقل البنك المركزي إلى العاصمة المؤقتة عدن، لكن الميلشيات ظلت تحتفظ بموارد اقتصادية كبيرة.

وفي العام 2021 اتهم فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة المتخصص باليمن مليشيا الحوثي باستغلال إيرادات الدولة لتمويل المجهود الحربي، وكشف ان مليشيا الحوثي استغلت ما لا يقل عن مليار وثمانمائة مليون دولار من إيرادات الدولة في عام 2019م لتمويل عملياتهم العسكرية، وتنطوي تحت هذه الأرقام الباهظة تجارة الأسلحة وتهريبيها من قبل قيادات ميلشيات الحوثي.

ومن ضمن الأموال المنهوبة الشركات والاستثمارات التي صادرتها ميلشيات الحوثي بالإضافة إلى الممتلكات الخاصة للمناهضين لميلشيات الحوثي، ووثقت منظمة سام - في تقرير صدر في فبراير 2022 - 49 واقعة نهب لميلشيات الحوثي خلال سبع سنوات، تجاوزت قيمتها أكثر من ملياري دولار وتشمل والإيرادات للأصول والعقارات والمنقولات التي استولوا عليها.

وجمع التقرير أسماء أكثر من 38 شركة كبرى ومؤسسة وجامعة ومستشفى استولى عليها ما يسمى بالحارس القضائي التابع لميلشيات الحوثي، أبرزها شركة "سبأ فون" وجامعة ومستشفى العلوم والتكنولوجيا الأهلية ومستشفى ابن الهيثم الدولي وجمعية الإصلاح الخيرية بما تملكها من استثمارات أخرى.

 

إيرادات المؤسسات والجبايات

يسيطر الحوثيين على إيرادات كبيرة في مناطق نفوذهم، في الوقت الذي يفرضون جبايات موسمية الى جانب الضرائب والزكاة والتي تضاعفت خلال السنوات الماضية، وتذهب تلك الإيرادات للإثراء للقيادات الحوثية والتنظيم المرتبط بالجماعة، في الوقت الذي تخلت عن التزاماتها تجاه الإنفاق على الخدمات العامة، ودفع الأجور والرواتب للموظفين، متعذرة بنقل البنك المركزي الى عدن.

ووفق تقرير فريق الخبراء المعني باليمن والتابع لمجلس الأمن الدولي، "فإن من أهم مصادر الحوثيين للأموال هي تحصيل رسوم وجبايات غير قانونية من القطاعات الاقتصادية المدرة للإيرادات المرتفعة مثل النفط والاتصالات ومصادرة أصول وأموال الأفراد والكيانات".

وجمعت وزارة الاتصالات الحوثية رسوم تجديد تراخيص سنوية قدرها 13.2 مليون دولار أمريكي من شركات الاتصالات في صنعاء، مع مراعاة رسوم استخدام الترددات ورسوم الإدارة بلغ مجموع الإيرادات التي جمعها الحوثيون من شركتي MTN، و سبأ فون نحو 22 مليون دولار سنوياً، وفق تقرير الخبراء.

وفي العام 2018 أعلن الحوثيين تأسيس ما أسموها الهيئة العامة للزكاة والتي تحولت لمصدر مالي كبير للميلشيات، ووفق تقرير رسمي للحوثيين "فقد بلغ إجمالي إيرادات الزكاة لمحافظة صنعاء خلال العام 2021 أربع مليارات ريال (الدولار 555 بمناطق الحوثيين)، بزيادة عن العام 2020 بنسبة 45%". وهذا يعني أن الإيرادات للزكاة فقط ضخمة ومقارنة بتوقعات اقتصاديين في العام 2013، بأن تصل المبالغ المحصلة سنويا في كافة المحافظات اليمنية ما بين 150 و180 مليار ريال.

ومازالت إيرادات الهيئة اليمنية العامة للطيران المدني والأرصاد تصل إلى الحوثيين، والتي هي عبارة عن رسوم عبور الطائرات المدنية في الأجواء اليمنية، ووفق ما كشف البرلماني عبد الرزاق الهجري - في أول جلسة لمجلس النواب في عدن في ابريل - "فإن تلك الإيرادات تقدر بنحو 45 مليون دولار أميركي سنوياً، ويتم تحويلها من الطيران الدولي إلى بنك الحوثيين في صنعاء".

بالإضافة إلى ان ميناء الحديدة يعد أحد اهم مصادر إيرادات الميلشيات وقياداتها، وفي ابريل الماضي قال رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي "أن حجم العوائد الجمركية والضريبية لـ 18 سفينة من الوقود تم السماح لها بالدخول ميناء الحديدة، تصل إلى 90 مليار ريال"، وهو مؤشر تقديري لكافة الإيرادات من بقية المنتجات التي تدخل عبر الميناء

 

تجارة المشتقات النفطية احلال شركات بديلة

يعد النفط الإيراني المهرب إلى ميلشيات الحوثي جزء من مصادر ثروة القيادات الحوثية، بالإضافة الى أن قيادات ميلشيات الحوثي أنشأت شركات جديدة للاستيراد تابعة لقيادتها، وتبلغ عائدات الوقود في مناطق سيطرة الحوثيين بأكثر من 30 مليار ريال شهرياً، وفق تقرير نشرته بي بي سي في مارس 2021.

ورخصت ميلشيات الحوثي خلال السنوات الماضية من الحرب لنحو 178 شركة استيراد للمشتقات النفطية، مـن بيـن أبـرز تلـك الشـركات شـركة يمن إيلاف وشركة أوسس  والتي تعود ملكيتها للقيادي في ميلشيات الحوثي ورئيس وفدهم التفاوضي محمد عبد السلام فيمـا يتولى شقيقة إدارة شركة "سام اويل" و"أويل بريمر" لاستيراد المشتقات النفطية وتجارة النفط والغاز والمملوكة للقيادي الحوثي أحمد صالح دغسان، وفق تقرير مركز الاعلام الاقتصادي 2022.

بالإضافة إلى شـركة الذهب الأسـود للخدمـات النفطية والغازيـة التابعـة للقيـادي الحوثـي علـي ناصـر قرشـه، وشـركة سـعيد الجمل للاستيراد التابعـة للقيـادي الحوثي سـعيد الجمـل المقيم في طهـران والمتهم من الخارجية الأمريكية بإدارة شبكة من الشركات والسفن التي تهرب الوقود والمنتجات الإيرانية إلى اليمن.

في نوفمبر من العام 2021، كشف تقرير صادر عن مبادرة استعادة (معنية بتتبع الأموال المنهوبة) عن إنشاء ميلشيات الحوثي، قرابة 30 شركة نفطية، تتبع قيادات في الصف الأول من الجماعة، وتمتلك صلاحيات حصرية في الاستيراد عبر مينائي الحديدة والصليف، وتنشط في استيراد الوقود عبر شركات واجهة وشركات وسيطة.

ووفق تقرير الخبراء الأمميين "حجم إمدادات الوقود عن طريق البر إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيين بين أبريل ومايو 2021 بلغ نحو 10 ألف طن يوميا، وهو ما يمثل نحو 65% من الوقود المستورد، فيما بلغ بين يناير ومارس من العام نفسه 6000 طن، مما يدل على وجود اتجاه تصاعدي".

بالإضافة الى أن الحوثيين يخلقون أزمة مصطنعة للوقود في مناطق سيطرتهم، من أجل التجارة في السوق السوداء بأسعار مرتفعة حيث وصل سعر 20 ليتر من البنزين في مارس 2022 بصنعاء إلى 45 ألف ريال (ما يعادل 75 دولار أمريكي)، وهذا هو السعر الأغلى في العالم. ويحتكر الحوثيين تجارة الغاز أيضا، ووفق تقديرات فإن أرباح ميلشيات الحوثي من بيع الغاز المنزلي في 2021 تفوق 350 مليار ريال فقط من اسطوانات الغاز القادمة من مأرب، ناهيك عن الغاز المستورد.

ويستخدم الحوثيين شركات الصراف لغسيل الاموال، وبحسب تقرير الاعلام الاقتصادي "رغم وجود 17 بنك بمقرات رئيسة في صنعاء من أصل 18 بنك لم تتجرأ ميلشيات الحوثي بإيداع الأموال فيها بل مضت نحو اغراق السوق بـ 250 شركة صرافة جديدة تم الترخيص لها خلال السنوات الماضية".

ويعد القيادي الحوثي "صالح مسفر الشاعر" من القيادات التي شكل ثروة هائلة من خلال عملة كحارس قضائي، واستطاع تكوين ثروة هائلة ويمتلك 8 شركات كبيرة في الاستيراد بمجالات عدة، وفي نوفمبر 2021 تم تصنيفه بقوائم العقوبات في مجلس الامن والخارجية الأمريكية، وقالت إنه أشرف على مصادرة ممتلكات تقدر بأكثر من 100 مليون دولار، وكشف تقرير أممي على انه المسؤول عن السيطرة الكاملة على شركة سبأفون التي نقلت مقرها إلى عدن عقب السطو عليها.

وليست تلك المصادر الوحيدة لثروة قيادات الحوثيين، فقد كانت المساعدات الإنسانية عرضة للنهب والسرقة من الميلشيات، ففي ديسمبر عام 2018 قال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة في بيان "أن جماعة الحوثي تسرق الطعام من أفواه الجائعين في وقت يموت فيه الأطفال في اليمن لأنهم لا يملكون ما يكفي من طعام".

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.