العالم مقبل على حرب عالمية.. أميركا وروسيا والصين تسير نحو صدام محتوم
تقدم نظريات العلاقات الدولية منذ عقود أسبابًا للتفاؤل، إذ تشير إلى أن القوى الكبرى يمكنها الحفاظ على علاقات تعاون فيما بينها كما يمكنها حل خلافاتها دون الدخول في صراع مسلح.
لكن الآلاف من طلاب الجامعات الجدد الذين سيبدؤون الدراسة هذا الأسبوع في شتى أنحاء العالم سيتعلمون أن النظريات الأساسية للعلاقات الدولية تحذر من صراع مقبل بين القوى العظمى.
هذا ما يراه المؤلف والأكاديمي ماثيو كرونيغ، الأستاذ بجامعة جورجتاون الأميركية، في مقال له بمجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) سلط خلاله الضوء على التنافس المحتدم بين القوى العظمى والتحولات التي يشهدها العالم والمؤذنة بتغير النظام العالمي أحادي القطب الذي أعقب الحرب الباردة.
وبحسب الكاتب فإن نظريات العلاقات الدولية الواقعية تركز على موازين القوة، وظلت تؤكد على مدى عقود أن النظام العالمي ثنائي القطب الذي ساد خلال الحرب الباردة والنظام العالمي أحادي القطب الذي تمثله الهيمنة الأميركية والسائد منذ نهاية الحرب الباردة كانا نظامين يتسمان بالبساطة نسبيا وليسا عرضة لنشوب الحروب العرضية الناجمة عن سوء التقدير.
كما تؤكد تلك النظريات أيضا أن الأسلحة النووية رفعت تكلفة الصراع وجعلت إمكانية نشوب حروب بين القوى العظمى أمرًا لا يمكن تصور وقوعه.
إضافة إلى عوامل أخرى من بينها المؤسسات والاتفاقيات الدولية -مثل الأمم المتحدة ومنظمة التجارة الدولية ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وغيرها- التي أنشئت بعد الحرب العالمية الثانية وتعززت مصداقيتها وتوسعت بعد نهاية الحرب الباردة، وأصبحت توفر سبلا للقوى الكبرى لحل خلافاتها سلميا.
ويقول الكاتب إن كل تلك الوسائل والضمانات تقريبًا يبدو أنها تنهار الآن أمام أعيننا للأسف، إذ تشير القوى الدافعة الرئيسية للسياسة الدولية، وفقا لنظريات العلاقات الدولية، إلى أن الحرب الباردة الجديدة بين الولايات المتحدة والصين وروسيا لن تكون صراعا سلميا على الأرجح.
وفيما يتعلق بميزان القوة، يشير الأكاديمي الأميركي -الذي يعمل أيضا نائبا لمدير مركز "سكوكروفت" للإستراتيجيات والأمن التابع للمجلس الأطلسي- إلى أن العالم الآن يشهد تحولا نحو نظام متعدد الأقطاب. فبالرغم من أن الولايات المتحدة ما زالت القوة المهيمنة على العالم وفقًا لكل المقاييس الموضوعية تقريبًا، فإن الصين صعدت لتحتل المرتبة الثانية بعدها في القوة العسكرية والاقتصادية.
أما أوروبا فهي أيضا قوة عظمى اقتصاديا وتنظيميا، فيما تحتفظ روسيا بأكبر مخزون من الأسلحة النووية على وجه الأرض. وتلتزم القوى الكبرى في العالم النامي -مثل الهند وإندونيسيا وجنوب أفريقيا والبرازيل- مسار عدم الانحياز في صراعات القوى العظمى، وفق مقال الكاتب.
ويرى الكاتب أن الأنظمة العالمية متعددة الأقطاب تتسم بعدم الاستقرار وتظل عرضة لاحتمال نشوب حروب غير مقصودة نتيجة لسوء التقدير، مشيرا إلى الحرب العالمية الأولى بصفتها أبرز مثال على ذلك.
كما يرى أن عدم ذلك الاستقرار يعود إلى جملة من الأسباب من ضمنها أن كل بلد على حدة يجد نفسه قلقا بشأن العديد من الأعداء المحتملين. ويضرب مثالا على ذلك من الولايات المتحدة، إذ تشعر وزارة الدفاع الأميركية بالقلق بشأن النزاعات المتزامنة المحتملة مع كل من روسيا في أوروبا والصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي.
علاوة على صراع محتمل مع إيران، حيث صرح الرئيس الأميركي جو بايدن ذات مرة بأن "استخدام القوة العسكرية ما زال خيارًا مطروحًا على الطاولة كملاذ أخير للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني"، وبناء على ما سبق فإن احتمال دخول الولايات المتحدة في حرب على 3 جبهات أمر غير مستحيل.
ويشير المقال إلى أن الصراع الأساسي في النظام العالمي اليوم هو كما عبر عنه بايدن عندما قال إن "المعركة تدور بين الديمقراطية والاستبداد".
وينبه الكاتب إلى أن الانقسام أو المفاصلة بين الديمقراطية والاستبداد في السياسة الدولية لا تقتصر على أسلوب الحكم فحسب، بل تتعلق بأساليب الحياة. وتلك حقيقة تعكسها خطب وكتابات الرئيسين الصيني شي جين بينغ والروسي فلاديمير بوتين اللذين يسهبان غالبا في الحديث عن أفكارهما الأيديولوجية حول تفوق الأنظمة الاستبدادية وإفلاس النهج الديمقراطي.
ويخلص الكاتب إلى أن العالم الآن قد عاد إلى حقبة شبيهة بحقبة القرن العشرين، حيث صراع الأيديولوجيات، والتنافس بين الأنظمة الديمقراطية والاستبدادية لإثبات أي منها تستطيع خدمة شعوبها على نحو أفضل، الأمر الذي يضيف عنصرًا أيديولوجيًّا أكثر خطورة إلى الصراع الحالي وفقا للمقال.
المصدر : فورين بوليسي
التعليقات