"احمد ماهر" مثال حي.. الانفصاليون في عدن يُشددون الخناق على الصحفيين ويصادرون الإعلام الحكومي
تمضي مليشيا المجلس الانتقالي الانفصالية (المدعومة من الإمارات) في سياسة تضييق الخناق على الصحفيين في العاصمة المؤقتة عدن، وارتكاب الانتهاكات بحقهم، والسطو على الإعلام الرسمي الحكومي وتسخيره لأنشطة قياداته، في مسعى منها لتغليب صوت اللون الواحد، واستدعاء تجربة الأجهزة القمعية الشمولية التي كانت تحكم عدن سابقا
وخلال الأسابيع الماضية، وبالتزامن مع إطلاق عمليات عسكرية على الأرض، كانت المليشيا الانفصالية تسارع الزمن في تشديد قبضتها الإعلامية على الوسائل الإعلامية الرسمية والتضييق على الصحافة الحرة وإصدار التوجيهات بمنع تحركات الصحفيين وخطف الصحفيين كما جرى مع الصحفيين أحمد ماهر ومشعل الخبجي.
كما كان لافتاً تغطية وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) لأحد أنشطة رئيس مايسمى بالمجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، في مقر المجلس وخلفه شعار المجلس والعلم الشطري، الأمر الذي يعكس بحسب مراقبين صورة الواقع عن المشهد الإعلامي القائم في العاصمة عدن، في ظل سطوة المليشيا الانفصالية واستقوائها بالسلاح.
تضييق واعتداء
الثلاثاء الماضي، كشف الصحفي اليمني فؤاد مسعد، عن تهديدات واعتداءات تطال الصحفيين في العاصمة المؤقتة عدن، من قبل عصابات مسلحة يقودها القيادي في المجلس الانتقالي مختار اليافعي .
وتقدّم الصحفي فؤاد مسعد، ببلاغ صحفي نشره في صفحته على "الفيس بوك"، إلى "نقابة الصحفيين اليمنيين، والاتحاد الدولي للصحفيين، وكل المنظمات المحلية والإقليمية والدولية المعنية بحرية الإعلام، بخصوص الاعتداء الذي تقوم به عصابات مسلحة يقودها مختار اليافعي في عدن".
وأوضح فؤاد مسعد، أن مختار اليافعي (نائب رئيس ماتسمى بـ "الهيئة الوطنية للإعلام الجنوبي) قام بمنعه مع عدد من الصحفيين من إجراء المقابلات التلفزيونية مع القنوات الفضائية، بعد تهديدات أطلقها ضد الصحفيين وضد مكاتب البث الموجودة في عدن.
وأشار إلى أنه تفاجأ مساء الثلاثاء، وقُبيل البدء بمقابلة مع تلفزيون بي بي سي، عربي- أن إدارة مكتب البث التابع لشركة المعمري تلقت أوامر من "اليافعي" بمنع بث أي مقابلة مع القنوات الفضائية.
ونقل الصحفي فؤاد مسعد عن مندوب المكتب قائلا له: "إنهم لا يستطيعون بثّ المقابلة؛ بسبب التوجيهات الصادرة عن المذكور"، مختار اليافعي.
وندد "بالاعتداء الآثم والجبان الذي يطال الصحفيين ويُضيّق عليهم في أعمالهم، ويعبر عن إفلاس من يقوم بهذه الانتهاكات لا لشيء إلا لامتلاكهم السلاح، وقدرتهم على ممارسة البلطجة وتهديد الصحفيين واقتحام المؤسسات الإعلامية.
ولفت إلى قيام مختار اليافعي خلال الفترة الماضية، باقتحام "مؤسسة 14 أكتوبر الرسمية، ووكالة الأنباء اليمنية "سبأ"، وهي وقائع اعتداء واقتحام معروفة وموثقة ومسجلة باسمه".
وحمّل الصحفي فؤاد مسعد، مختار اليافعي، وجميع شركائه وداعميه، تبعات ما يتعرض له مع زملاءه الصحفيين، من اعتداءات متواصلة.
وأكد أنه تلقّى مع زملاءه الصحفيين، بلاغ من مقربين لديهم، أن لدى مختار اليافعي، "قائمة بأسماء مجموعة من الصحفيين الذين رفضوا العمل تحت توجيهاته، ويقوم حالياً يقوم بتوزيع هذه الأسماء، باعتبار أصحابها مطلوبين وممنوعين من الحديث لوسائل الإعلام".
وطالب الصحفي فؤاد مسعد، "الجهات المختصة سواء في الحكومة، أو سلطات الأمر الواقع في عدن بوقف هذه الجرائم والانتهاكات التي تكشف للرأي العام أن العصابات المسلحة التي تعتدي على الحريات في عدن تتشابه مع نظيرتها عصابة الحوثي في صنعاء".
كما حمّل فؤاد مسعد، المدعو مختار اليافعي، "مسؤولية ما قد يتعرض له مستقبلاً؛ بسبب تحريضه المستمر، وتهديداته المتواصلة ضده وضد كل الصحفيين الذين رفضوا أن يتحولوا إلى أبواق مأجورة، أو يتسولوا عفوه ومكرمته".
وأشار إلى أن مختار اليافعي، "يقوم باعتداءاته مستغلاً سطوة المجموعات المسلحة التي ترافقه في ممارسة الانتهاكات الجسيمة بحق الصحافة والصحفيين".
أحمد ماهر.. مثال حي
مثلت حادثة اختطاف الصحفي أحمد ماهر في السادس من أغسطس الماضي من منزله، وإجباره لاحقاً تحت التعذيب والترهيب الاعتراف بتنفيذ عمليات إرهابية، المثال الصارخ للنهج الشمولي القمعي الذي تنتهجه مليشيا المجلس الانتقالي ضد الصحفيين في مدينة عدن والمحافظات الخاضعة لسيطرتها.
وكان الصحفي أحمد ماهر، قد ظهر في مشهد صادم الأسبوع الماضي، وعليه آثار تعذيب، عبر تسجيل مُسرب وهو يعترف بجرائم كثيرة كان يُمليها عليه تحت الترهيب أحد المحققين التابعين للانتقالي، في حادثة فجّرت غضبًا واسعًا في الوسطين الصحفي والحقوقي.
الحادثة استنكرتها نقابة الصحفيين اليمنيين، واعتبرتها بأنها عملية ترهيب تعرض الصحفي أحمد ماهر من قبل الأجهزة الأمنية المسيطرة على عدن؛ ورسالة تخويف بعثتها تلك الأجهزة لكل الصحفيين، وأصحاب الرأي.
وقالت في بيانها إن "نقابة الصحفيين اليمنيين تستنكر بشدة هذا الأسلوب القمعي والهمجي ضد صحافي على خلفية ممارسته للمهنة، وتعبيره عن مواقفه وآرائه".
وعبرت النقابة عن استهجانها ورفضها اعتماد السلطات في عدن أسلوب الأجهزة القمعية الشمولية في فترات سابقة، بإهانة الضحايا وإكراههم في ظروف قمعية على الإدلاء باعترافات غير صحيحة وغير حقيقية لتبرير انتهاكاتها ومخالفاتها لكافة الشرائع السماوية وللدستور والقانون وللمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
فيما أدان مرصد الحريات الإعلامية، الحادثة وطالب سلطة محافظة عدن (تابعة للمجلس الانتقالي المدعوم إماراتياً) باحترام حرية الرأي والتعبير وعدم الزج بالصحفيين في الصراعات السياسية، وإلصاق مثل هذه التهم على كل من يخالفهم الرأي.
وضع مشابه لما يحدث في صنعاء
استهداف الصحافة والحرب ضد الصحفيين في اليمن نهج دأبت عليه مليشيا الحوثي المدعومة من إيران في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرتها، مستخدمة قوة السلاح والقضاء كأدوات للبطش بالصحفيين وإغلاق وسائل الإعلام ونهبها ومصادرتها، وهو النهج الذي باتت تسير على خطاه مليشيا الانتقالي المدعومة إماراتياً.
وتشير تقارير مؤشرات الحريات الإعلامية، إلى أن مليشيا الانتقالي تعد من أكبر أعداء الصحفيين في اليمن، بعد مليشيا الحوثي نظراً لحجم الانتهاكات التي ترتكبها بحق الصحفيين ووسائل الإعلام المختلفة.
وفي بيان لها تعليقاً على حادث إجبار الصحفي "أحمد ماهر" على الاعتراف بجرائم إرهابية، قالت منظمة سام للحقوق والحريات: "إنها تنظر بخطورة وقلق شديدين لاستمرار الانتهاكات والممارسات غير القانونية التي ينفذها الأفراد والقوات التابعين للمجلس الانتقالي ضد المدنيين وبشكل خاص الصحفيين"، مؤكدة على أن تلك الممارسات تشكل انتهاكًا يستوجب المساءلة الدولية.
وشدد البيان، على أن مثل هذه الممارسات تعد مؤشرًا خطيرًا على حجم التهديدات التي تحيط بالصحفيين اليمنيين في مناطق سيطرة المجلس الانتقالي.
وقال إن "المؤسسة الأمنية في عدن أصبحت أداة من أدوات الصراع السياسي التي لا تختلف كثيرا عن مثيلاتها في صنعاء الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي".
ودعا البيان الأجهزة المسلحة التابعة للمجلس الانتقالي للكف عن مضايقة واعتقال الصحفيين والمعارضين سياسيا بسبب آرائهم ومواقفهم، وأهمية توفير الحق للجميع في التعبير عن آرائهم وإبداء المعارضة السياسية".
وأوضحت منظمة سام، أن قلقها ينبع من أن مثل هذه الممارسات قد رصدتها في شواهد سابقة، حيث قام المجلس الانتقالي وقواته باعتقال العديد من المدنيين بتهمٍ كالاغتيال أو مناصرة الحوثي دون أي سند قانوني ثم يتم الإفراج عنهم بعد مدد طويلة دون محاكمتهم.
وشدد البيان على أن "استمرار غياب دور أجهزة القانون والحكومة الشرعية في التنسيق والمتابعة مع المجلس الانتقالي بشأن انتهاكات قواته ضد المدنيين لا سيما الصحفيين أعطى تلك المليشيات غطاءً ضمنيًا للاستمرار في انتهاكاتهم".
وحذر، من خطورة استمرار الصمت المحلي والدولي أمام تكرار مثل هذه الحوادث التي تؤشر على انتهاكات خطيرة ضد الصحفيين يجب تداركها بشكل عاجل، مشيرا إلى أن مليشيا الانتقالي ودولة الامارات مدانتين بانتهاكهما للقواعد والقوانين الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية.
مصادرة الإعلام الرسمي
المتتبع لأداء وسائل الإعلام الرسمية في عدن يلحظ أن المجلس الانتقالي المسيطر فعليًا على عدن، قد أكمل سيطرته على تلك الوسائل وحولها إلى جزء من وسائله الإعلامية التي تغطي فعالياته وأنشطة قياداته.
صحيفة 14 أكتوبر الرسمية كانت الوسيلة الإعلامية الأولى التي سطت عليها مليشيا الانتقالي وحولتها إلى وسيلة إعلام مساندة للمجلس وقياداته وسط صمت حكومي غير مبرر.
وليس بعيد عنها وكالة الأنباء اليمنية الحكومية "سبأ" الوكالة الرسمية الأولى للدولة، هي الأخرى نشرت خبراً ـ منتصف أغسطس الماضي ـ عن لقاء عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي وعضو مجلس القيادة الرئاسي في موقعها الرسمي، جمعه بالمدير العام للمؤسسة العامة للاتصالات السلكية واللاسلكية المهندس وائل محمود محمد طرموم، مع شعار المجلس والعلم الشطري، لأول مرة في تاريخها.
وأرفقت الوكالة صورة للقاء تظهر علم المجلس الانتقالي الانفصالي (علم الشطر الجنوبي قبل الوحدة).
يذكر بأن مليشيا الانتقالي سبق وأن اعتدت في يونيو من العام الماضي على مبنى فرع وكالة الأنباء اليمنية سبأ، وقامت برفع لافتة باسم (وكالة أنباء عدن).
وأفاد حينها رئيس مجلس إدارة وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ"، عبدالله حزام، في حديث لـ "يمن شباب نت" بتعرض مبنى فرع الوكالة في العاصمة المؤقتة عدن جنوبي اليمن؛ لأعمال تخريبية من قبل مليشيا الانتقالي.
وقال حزام إن "مسلحي المجلس الانتقالي عبثوا بمبنى الوكالة وقاموا بتكسير أقفال الأبواب الداخلية ودخلوا المكاتب".
وأضاف، أن عناصر الانتقالي احضروا أجهزة وصحفيين تابعيين لهم للعمل من داخل مبنى الوكالة باسم موقع وكالة أنباء عدن التابعة للانتقالي".
التعليقات