هجمات الحوثيين على الموانئ في اليمن.. ما تأثيراتها على أمن البحر الأحمر والملاحة الدولية؟

كثفت مليشيات الحوثي الهجمات على موانئ تصدير النفط الواقعة تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، في أبرز تصعيد منذ انتهاء الهدنة الأممية والتي استمرت ستة أشهر وانتهت في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وأدت الهجمات الأخيرة إلى توقف الصادرات عبر الموانئ الأمر الذي يهدد بعجز الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها خصوصًا وأنها تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط.

يأتي هذا التصعيد بالتزامن مع استمرار الجهود الدبلوماسية التي يقودها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، للتوصل إلى اتفاق بشأن تمديد الهدنة.

 

هجمات متصاعدة

وللمرة الأولى منذ بدء الحرب التي يهاجم فيها الحوثيون موانئ نفطية بعد أن ظلت بمنأى عن الاستهداف خلال السنوات الماضية.

خلال أكتوبر/تشرين الأول شنّ الحوثيون ثلاث هجمات على ميناءين نفطيين هما الضبّة بمحافظة حضرموت، والنشيمة بمحافظة شبوة جنوب شرقي البلاد.

وفي التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، استهدف الحوثيون ميناء قنا التجاري في مديرية رضوم بمحافظة شبوة، بطائرات مُسيرة، أثناء رسو سفينة تحمل مشتقات نفطية مستوردة.

وخلال الفترة ذاتها أعلنت القوات الحكومية أكثر من مرة إسقاط طائرات مسيرة للحوثيين رصدتها في أجواء شبوة وحضرموت، المحافظتين الغنيتين بالنفط والغاز.

ويصف الحوثيون تلك الهجمات بأنها "رسائل تحذيرية" تهدف لمحاولة "نهب النفط وتهريبه" حد تعبيرهم. لكن مراقبون استبعدوا هذا المبرر ويرون أن الحوثيون يسعون من خلال الهجمات لتحقيق مكاسب اقتصادية في محادثات تمديد الهدنة.

ويشترط الحوثيون على الحكومة دفع رواتب مقاتليها من عائدات النفط للموافقة على تمديد الهدنة التي بدأت في الثاني من أبريل/ نيسان الماضي، التي توسطت فيها الأمم المتحدة، ثم جُددت مرتين.

 

الانعكاسات

وأثارت الحوادث الأخيرة مخاوف أمنية لدى شركات النقل البحري التي استدعت واحدة منها الشهر الماضي ناقلة كان من المقرر أن تحمل مليوني برميل، وفقًا لوكالة رويترز.

وكانت شركة كالفالي بتروليوم الكندية، أعلنت أواخر أكتوبر الماضي، إيقاف عملها في القطاع التاسع بمنطقة الخشعة بحضرموت، نتيجة "الوضع السياسي الحالي وعدم توفر سعة لتخزين النفط".

جاء اجراء الشركة الكندية بعد أيام من إعلان شركة بترومسيلة المشغلة لقطاعات نفطية في شبوة إيقاف عملية الإنتاج.

وفي وقت سابق هذا الشهر أكد رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي، أن هجمات الحوثيين أدت إلى توقف التصدير في موانئ حضرموت وشبوة، محذرًا من أن تؤدي الهجمات الى "نسف مساعي السلام، فضلاً عن تداعياتها الإنسانية الكارثية التي قد تشمل عجز الحكومة عن دفع رواتب الموظفين والوفاء بالتزاماتها الأساسية تجاه المواطنين".

ويعتبر قطاع النفط والغاز أهم مصدر لمعظم إيرادات الحكومة، وكانت تشكل حصة صادرات الخام التي تحصل عليها الحكومة من تقاسم الإنتاج مع شركات النفط الأجنبية، قبل اندلاع الحرب، نحو 70% من موارد الموازنة العامة للدولة و63% من إجمالي صادرات البلاد و30% من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي حال استمرار هجمات الحوثيين على موانئ وسفن تصدير النفط، فإن ذلك سيؤدي إلى تحويل المياه اليمنية إلى جمرة ملتهبة من المخاطر، يدفع السفن إلى تجنب الرسو في الموانئ اليمنية والتعامل معها؛ ما سيؤدي إلى عديد من الأمور الكارثية، وفقًا لمركز أبعاد للدراسات والبحوث (يمني غير حكومي).

ويشير في تقرير حديث له، إلى أن الهجمات الحوثية قد تدفع شركات الشحن لمنع إرسال ناقلات النفط والغاز إلى موانئ التصدير، وهو ما يفقد الحكومة اليمنية مصدر الموازنة الوحيد المتبقي الذي يُدر عملة صعبة.

وذكر أن تهديدات الحوثيين لن تقتصر على موانئ النفط في البلاد بل إنها ستمتد إلى فقدان الثقة التجارية مع اليمن لفترة أطول في حال تكرر هذا التهديد.

 

"مواجهة بحرية"

لم يكتفي الحوثيون بتهديداتهم باستهداف سفن النفط فحسب، بل ذهبوا إلى التهديد بخوض معارك بحرية شديدة ضد التحالف العربي.

رئيس هيئة الاستخبارات والاستطلاع الحوثية عبدالله يحيى الحاكم، قال إن "المواجهة البحرية المتوقعة قد تكون من أشد المعارك مع التحالف". مضيفًا في تصريح أورده موقع قناة المسيرة الناطق باسم الحوثيين، في العاشر من الشهر الحالي، أنه "من الخطأ الركون إلى التهدئة، والمطلوب تعزيز أنظمة وأدوات الردع عسكريا واقتصاديا وعلى كل الصعد".

ويتطابق هذا التهديد مع إعلان الناطق الرسمي باسم القوات الحكومية العميد عبده مجلي، عن تنفيذ الحوثيين تجربة إطلاق صاروخ مضاد للسفن من صنعاء سقط في محافظة الحديدة، محذرًا من تقويض الأمن الإقليمي والدولي.

وقال مجلي في تصريح نقله المركز الاعلامي للجيش، إن العملية جرت مساء الخميس الماضي، وأن الجيش يمتلك أدلة دامغة تثبت تورط الحرس الإيراني بعملية الإطلاق.

 

تخادم "حوثي- إيراني"

هذه التهديدات التي يثيرها الحوثيون على الموانئ وعلى طرق تدفق النفط والتجارة الدولية في البحر الأحمر، يراها الباحث اليمني المتخصص في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، علي الذهب، أنها تؤخذ في اتجاهات مختلفة أبرزها "تنفيذ الحوثيين لأجندات إيران".

ويقول لـ"يمن شباب نت"، إن "إيران لديها أجندة نفوذ في البحر الأحمر وخليج عدن وتحاول المنافسة مع القوى الدولية الأخرى التي تنتشر بقوة في هذه المناطق".

وهنالك هدف آخر للحوثيين من تلك الهجمات يتمثل في استغلالهم عدم ردة الفعل من التحالف العربي في العمليات الداخلية والضغط على الحكومة للقبول باشتراطاتهم بشأن صرف المرتبات، بحسب الذهب.

 ويشير إلى وجود تخادم بين جماعة الحوثي وإيران إذ تحاول الجماعة فرض إرادتها السياسية الضامنة لتنفيذ أجندة طهران بأدوات القوة التي تمتلكها في المجال البحري.

 ويوضح أنه في "الوضع الراهن ـ أتصورـ أن الارتباط الأكبر هو ما يجري في إيران لأن القوة الأمريكية والدولية بدأت تنتشر في محيط إيران البحري تحسبًا لسقوط النظام أو حدوث تحولات عنيفة تكون هذه القوة حاضرة".

ويتابع حديثه: "... لذا ذهبت إيران إلى خارج حدودها البحرية لامتصاص التظاهرات في الداخل وتثبت للعالم أنها مازالت قوية وقادرة على المواجهة".

 

استغلال الهدنة

يبدو أن الحوثيون استغلوا انتهاء الهدنة وتوقف هجمات التحالف العربي لتعزيز قوتهم العسكرية وتنشيط حركة التهريب للأسلحة والمتفجرات.

حيث أعلن الأسطول الخامس بالبحرية الأمريكية، منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، اعترض سفينة صيد كانت تهرب كميات "ضخمة" من المواد المتفجرة أثناء عبورها من إيران على طريق في خليج عمان يُستخدم لتهريب أسلحة إلى الحوثيين.

وقال الأسطول في بيان له إنه عثر على أكثر من 70 طنا من مادة كلورات الأمونيوم، التي تستخدم عادة في صناعة وقود الصواريخ، بالإضافة إلى أكثر من 100 طن من سماد اليوريا، والذي يمكن استخدامه كسلائف متفجرة.

وأضاف البيان أن هذه "كمية ضخمة من المواد المتفجرة، تكفي لتزويد أكثر من عشرة صواريخ باليستية متوسطة المدى بالوقود حسب الحجم".

وكان يقود السفينة التي تم اعتراضها طاقم من أربعة يمنيين، وتم تسليمهم إلى خفر السواحل اليمنية.

وسبق أن ضبط الأسطول الخامس أواخر العام الماضي شحنة بنادق وذخيرة في سفينة صيد قال إنه يعتقد أن منشأها إيران وإنها كانت في طريقها لإمداد الحوثيين.

أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية