يقيم العليمي في الرياض وباقي الأعضاء موزعين.. من يقف وراء تعطيل عودة أعمال مجلس القيادة الرئاسي..؟

تتصاعد الخلافات داخل أروقة مجلس القيادة الرئاسي، بحيث أنها أصبحت مؤخرا عائقا رئيسيا أمام عودة اجتماعاته في العاصمة المؤقتة عدن. يقيم العليمي في الرياض، ويتوزّع باقي أعضاء المجلس في أماكن مختلفة.

يبدو طارق صالح في الواجهة من مقر قواته في المخا، وهو ما يعطي انطباعا أوليا بأنه أصبح رجل المرحلة سعوديا في ظل الخلاف القائم بين العليمي والزبيدي.

يرى البعض أن المجلس وصل إلى المرحلة التي أرادتها كلٌ من السعودية والإمارات، وهي لحظة مصممة منذ البداية ليكون مجرد أداة لتحقيق بعض الإنجازات لصالحهما ثم يتم تجميده وإنهاء دوره.

يرى هؤلاء أن عدم مبادرة أي من السعودية والإمارات لحل خلافات المجلس يدعم وجهة نظرهم، بحيث أن تصاعد الخلافات يعطل المجلس ويجعله ضعيفا في مواجهة أي استحقاقات قادمة، وهو ما يمنحهما فرصة أكبر لتمرير ما تريدانه.

على الطرف الآخر، يرى البعض أن خلافات المجلس كانت قائمة منذ لحظة إعلانه، ولم تشكل عائقا أمام استمرار عمله، ولن تكون كذلك. أما عن دور السعودية والإمارات فهو لن يساعد أكثر مما يساعد الأعضاء أنفسهم.

وبحسب هؤلاء، فإن الدولتين قد قامتا بما يجب فعله، وآخر ذلك هو إيداع جزء من الوديعة الإماراتية في محاولة لمساعدة المجلس في الجانب الاقتصادي.

 

- انهيار الهدنة

في هذا السياق، يقول الصحفي نشوان العثماني: "العائق الأكبر أمام عودة اجتماعات مجلس القيادة في عدن هو انهيار الهدنة"، مشيرا إلى أن "ربما تكون هناك ترتيبات أمنية قد تكون مهمة للقيام بها قبل هذه العودة".

واستدرك "لكن المجلس حتى الآن يجري اجتماعاته، ويقوم بالتواصل، وتواجد الرئيس في الرياض يقوم بمهام جارية".

وتابع "هناك مشاورات بشأن الدعم الاقتصادي وبرامج إنمائية للتخفيف من المعاناة الإنسانية".

وأوضح أن رئيس المجلس رشاد العليمي "كان قد نشر -في صفحته في تويتر- أنه ربّما يتم، اليوم، الانتهاء من إجراءات الوديعة، ويتم التوقيع على تعزيز البنك المركزي بثلاثة مليارات دولار".

وذهب بالقول إلى أنه "التباينات التي يعاني منها المجلس، الحاصلة داخل هذا الإئتلاف، هي طبيعية، لأن هناك أطرفا عديدة ومصالح مختلفة"، مستدركا "لكنهم -على الأقل- متفقون حول الرؤى الأساسية والكبيرة، لكن يجب أن يكونوا حذرين من التواجد في الداخل مع انهيار الهدنة".

 

- الخلافات والتباينات

واعتبر القول بأن هناك خلافات عميقة بين أعضاء مجلس القيادة الرئاسي ليس دقيقا في الحقيقة، مشيرا إلى أن "هناك بعض التباينات تحدث بين حين وآخر".

وأشار إلى أن هناك أسبابا أخرى أدت إلى عدم عقد المجلس الرئاسي اجتماعاته في عدن، "والجانب الأمني حاضر بالتأكيد، هناك ترتيبات أمنية ولوجستية مفترض أن تكون متصلة بعودة المجلس إلى العاصمة المؤقتة عدن".

وبخصوص التباينات بين أعضاء المجلس، يقول العثماني: "أي تبانات أمرها وارد في أي إئتلاف، نحن نعرف أن المجلس توحّده أهداف إستراتيجية في استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب".

وأضاف "لكن هناك خلافات متوقّعة، لأن هناك أولويات لهذه الأطراف، ومصالحها مختلفة"، موضحا أنه "بالإمكان عدم تضخيم مثل هذه الخلافات التي تجري هنا وهناك، وهي أيضا تناقش، والأعضاء كلهم يحضرون الاجتماعات التي تُعقد برئاسة رئيس المجلس".

 

- مازال موحّدا

ويرى العثماني أنه "لا يمكن التقليل من أهمية استمرار هذه الاجتماعات، وأيضا كون أن هذا المجلس ما يزال موحّدا حتى اللحظة، رغم هذه التباينات التي تحدث في الأثناء".

وبيّن أن "هناك جهودا سعودية - إماراتية من قَبل سنوات، لكنها جهود تتدخل عند لحظة مفصلية أو عند نقطة أخيرة".

وأشار إلى أنه "ربما هناك مساحة متروكة لهذه الأطراف اليمنية أن تحل تبايناتها، وأن تلتئم أكثر وتمضي قُدما، وبالتالي إذا أخفقت ووصلت إلى حد نهائي من ثم تعود إلى الطاولة مجددا في الرياض أو في مكان آخر".

وتمنّى أن تكون اجتماعات المجلس الرئاسي التي تحدث عبر الزوم واقعا وتعود كما بدأت.

وبخصوص الدعوات المطالبة بتعطيل المجلس، لفت العثماني إلى أن "المجلس مازال في بداياته، ولا يمكن أن نحكم وأن نلقي آراء قطعية في هذا الجانب".

 

- بذرة صراعات وانقسامات

من جهته، يقول الصحفي عبدالعزيز المجيدي: "المجلس في بنيته يحمل بذرة صراعات وانقسامات كبيرة لا تسمح باتجاه أي تفاهمات سواء مرحلية، أو ستكون على المستوى البعيد أكثر استحالة".

وأضاف "المجلس صُمم بطريقة لا تسمح له بأن يكون كيانا قادرا على إدارة ملفات وشؤون البلد بعيدا عن وصاية التحالف".

وأشار إلى أن "التحالف كان يدرك تماما عندما قرر في لحظة ما التخلص من الشرعية أو من الرجل الذي كان ضعيفا لكنه كان يقول لا".

وتابع: "جاءوا بكيان مقسّم وموزّع على مجموعة كيانات يمكن إطلاق عليه عملية تفريق دم الشرعية بين مجموعة أطرف متصارعة، أصبح كل طرف يمسك بطرف من هذه الشرعية المهلهلة".

وأوضح أن "هذه الأطراف تمثل جزءا كبيرا من سياسة التحالف وتوجّهاته"، مشيرا إلى أنه "من خلال بعض المواقف، التي أثيرت في المرحلة الماضية، لا سيما الاتجاه الذي فرضه المجلس الانتقالي في المحافظات الجنوبية، بالتأكيد أن هذا الأمر فجّر الصراع"، مؤكدا أن "التحالف ليس بعيدا عن هذا الأمر".

 

- خلافات عميقة

وذكّر المجيدي بأن "آخر اجتماع لمجلس القيادة الرئاسي عُقد في الرياض في سبتمبر بدعوة ورعاية سعودية، ولم يلتئم بعد ذلك على الإطلاق، لأن الخلافات عميقة، وكان رئيس المجلس الرئاسي تحدّث عن هذه الخلافات، وأقر بها".

وقال المجيدي إن "من الواضح وجود انقسام كبير داخل المجلس الرئاسي، وبالتالي  انعكاس لتجاذبات طرفي التحالف بدرجة رئيسية".

وأكد أن "دول التحالف متفقة على إيصال الشرعية إلى هذه الصورة"، موضحا أنه "ربما هناك هوامش للصراع والسجال بين الطرفين يتم مشاهدته من خلال بعض تصرّفات الأعضاء المحسوبين على طرفي التحالف، الانتقالي يذهب للتصعيد حينا ثم بعد ذلك يهدئ حينا آخر".

وزاد: "من المؤكد أن هذا المجلس لم يكن ليشهد شكلا من أشكال الاستقرار، لأنه بني وشُكّل بدرجة أساسية من أطراف متشاكسة ومتصارعة غير قادرة على أن تذهب لحسم الكثير من الملفات، لأن هذه الملفات مرتبطة بدرجة أساسية بالراعي الأكبر وهو الراعي الإقليمي".

 

- تصفية الشرعية

وأشار المجيدي إلى أن "تشكيل المجلس لم يكن إلا ذريعة لتصفية الشرعية والقضاء عليها وتحويلها إلى خرقة مهلهلة تتقاسمها هذه الأطراف التي نشاهدها الآن، وهي غير قادرة حتى على الإلتئام بغير رعاية الطرفين الراعيين للمجلس".

ويرى المجيدي أن "مجرد الاجتماع عبر تقنية الزوم يؤكد مسألة وجود خلاف عميق بين مختلف الأطرف".

وقال متسائلا: "ما الذي يمنع اجتماع رشاد العليمي وعيدروس الزبيدي في العاصمة السعودية الرياض؟، مرجعا ذلك إلى "وجود مشكلة كبيرة"، حسب تصوّره.

 

- طُعم لليمنيين

وبخصوص الإعلان عن تسلم جزء من الوديعة الإماراتية، اعتبر المجيدي الحديث عن الوديعة والمنح من قِبل السعودية والإمارات طُعما لليمنيين وضع أمام المجلس الرئاسي منذ البداية، ومجرد محاولة لتخدير اليمنيين من حالة التململ التي يشعرون بها من حالة الخذلان الكبير التي أبدتها السعودية والإمارات.

وأشار إلى أن "ذلك لا يدل على وجود أولويات بقدر ما يدل على أن أولويات التحالف هي التي تمرر بدرجة رئيسية، وأن السعودية والإمارات لديهما أجندة متباينة في بعض القضايا إلى حد كبير".

وأوضح أن عدم عودة الزبيدي رغم سيطرة المجلس الانتقالي على عدن يدل على ضغوط كبيرة مارستها السعودية على الإمارات من أجل إبعاده.

وبيّن أن "السعودية والإمارات شكلتا المجلس الرئاسي وهما تدركان بأن أطرافه غير منسجمة، وتدركان أيضا بأن هذه الأطرف غير المنسجمة ستفاقم الوضع أكثر مما كان عليه في فترة وجود الشرعية الضعيفة والهزيلة بقيادة عبدربه منصور".

واعتقد المجيدي بأن "السعودية والإمارات ليستا مستعجلتن على الذهاب بانسجام أكبر داخل المجلس الرئاسي، لأن التفاهمات والمفاوضات التي تجري بين الحوثيين والسعوديين من أجل الهدنة -وهناك هدنة ضمنية بالتأكيد- لا تسعهما باتجاه إنهاء صراعات المجلس".

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية