سياسيون وصحفيون: تعامل الأمم المتحدة والمنظمات مع قضيّة قحطان "تعامل صادم"

على طريقة العصابات الإرهابية، تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران إخفاء السياسي اليمني محمد قحطان، للسنة الثامنة على التوالي، في سجونها السرّية بصنعاء، وتحاول تغييب قضيّته عن ملف المفاوضات التي تجري حالياً برعاية الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، بشأن إطلاق الأسرى والمختطفين.

والسياسي محمد قحطان، أحد المشمولين بقرار مجلس الأمن الدولي 2216، الذي يطالب مليشيا الحوثي بالإفراج الفوري عنه دون شروط مسبقة، إلى جانب وزير الدفاع الأسبق اللواء محمود الصبيحي، وشقيق الرئيس السابق هادي، اللواء ناصر منصور، والعميد فيصل رجب.

وتجاهل قضيّته من قبل الأمم المتحدة التي ترعى المفاوضات، إلى جانب المنظمات والأطراف الأخرى الفاعلة في الملف، أثار استغراب اليمنيين.

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي موجة استنكار واسعة من قبل سياسيين ونشطاء وحقوقيين من مختلف المكونات السياسية والفكرية والاجتماعية، منددين باستمرار تجاهل قضيّة قحطان في مفاوضات المختطفين المدنيين، رغم أن قضيته إنسانية بحتة ولا علاقة لها بالحرب الدائرة في البلاد منذ نحو 8 سنوات.

موقع "الصحوة نت" استطلع آراء عدد من السياسيين والكتّاب والنشطاء الحقوقيين بشأن التعاطي الجاري مع قضيّة السياسي قحطان وغيره من المختطفين المدنيين الذين ترفض مليشيا الحوثي حتى مجرّد النقاش حولهم خلال المفاوضات الحالية.

 

صدمة يمنية

الصحفي والناشط الحقوقي همدان العليي، عبّر عن استغرابه إزاء "تجاهل الأستاذ محمد قحطان السياسي المدني المعروف محمد قحطان وعدم الضغط بإطلاق سراحه، والكشف عن مصيره"، وقال إن اليمنيين "يشعرون بالصدمة من هذه المواقف المتراخية منذ أكثر من 8 سنوات".

وقال في حديث لـ"الصحوة نت": "المسألة تشعر اليمنيين بأن هناك شيء من التواطؤ ضد حقوقهم. مضيفاً: نحن نتحدث عن محمد قحطان وبقية رفاقه، إلى جانب الصحفيين الذين يرفض الحوثيون في هذه اللحظات مجرد الحديث عنهم، وهذه جريمة".

كما استغرب العليي، صمت المنظمات وتجاهلها لقضية قحطان وغيره من المختطفين، قائلاً: مجرد صمت المنظمات و تجاهلها لهذه المسائل يعني بأنها تتواطأ وتساهم بشكل أو بآخر في إطالة معاناة هؤلاء".

وشدد، على ضرورة أن يكون هناك موقف للمنظمات "وإن لم يكن هناك تواطأ". موضحاً: أنا اتحدث عن عناصر داخل مكاتب المنظمات أو بعض المنظمات التي تعمل في هذا الإطار، ولا أتحدث بالمجمل عن منظمة الأمم المتحدة، إنما عن عناصر ونحن نعرف جيداً عن ماذا نتحدث، نتحدث عن اختراقات تُجيّر أعمال بعض المنظمات لصالح جماعة الحوثي، وهذه اشكالية نقولها بكل صراحة وبكل ألم".

وأشار إلى أن "هذه اشكالية تنعكس بشكل واضح وجلي على أوضاع المختطفين على رأسهم الأستاذ محمد قحطان وبقية رفاقه الصبيحي وطارق عفاش، بالإضافة إلى الصحفيين وغيرهم".

من جانبه، استغرب الكاتب والمحلل السياسي  عبدالله اسماعيل، صمت المنظمات الدولية تجاه قضيّة السياسي قحطان، واعتبر أن "قضية الأستاذ محمد قحطان هي القضية الأكبر التي توضح غياب الضمير في التعامل مع ملف بالغ السوء. موضحاً أن "الأستاذ محمد قحطان هو مختطف وهو ليس أسيرًا على الاطلاق ولا يجوز أن يسمى أسيرا، وإنما هو مختطف دون أي مبررات على الإطلاق".

وقال في حديث لـ"الصحوة نت" إن هذا الأمر "يضع علامة استفهام كبيرة أمام هذا الصمت أو التواطؤ من هذه المنظمات في ملف الأستاذ محمد قحطان وفي ملف بقية المختطفين، وبالأخص المختطفين المدنيين والصحفيين والسياسيين".

وإجمالاً، عبّر السياسي إسماعيل، عن شعوره بالأسف من أداء "المنظمات الدولية التي تتعامل مع الملف اليمني بكثير من إدارة الأزمة، وبكثير من الانتهازية"، مضيفاً: "ليس هناك مواقف واضحة من الصليب الأحمر ولا الأمم المتحدة والمبعوث الدولي".

وقال: إن مليشيا الحوثي "لم تجد من مبعوث الأمم المتحدة أو الدول الراعية لحل الأزمة اليمنية موقفاً حازماً، وأيضاً افتقار الحكومة الشرعية حتى اليوم لقواعد صارمة للتفاوض الحقيقي في مسألة إطلاق الأسرى والمختطفين.

وأكّد اسماعيل، أهمّية أن يكون لدى الحكومة خطة واستراتيجية أكثر شمولاً في مسألة التعامل مع ملف المختطفين.

 

إرهاب وابتزاز

وفي السياق ذاته، قال الكاتب عبد الله إسماعيل، إن "استمرار إخفاء الأستاذ محمد قحطان والصحفيين، وأيضاً القيادات العسكرية البارزة الذين تم اختطافهم في وقت مبكر أداة ابتزاز بيد مليشيا الحوثي.

وأشار في حديثه لـ"الصحوة نت" إلى أن مليشيا الحوثي "ستماطل في عقد أي صفقات تتضمّن إطلاق هؤلاء لأنها تعتبر هذه الشخصيات بالنسبة لها أداة ابتزاز، وتعتبرهم ورقة قوة بيدها، وتتعامل مع ملف المختطفين بشكل عام بشكل ابتزازي رخيص". مضيفاً أنها تتوقع فيما يخص المختطفين البارزين أنها كلما "كانت المماطلة أكثر كلما حققت أهدافا أكبر".

وقال: "إن جماعة الحوثي تمارس هذا الابتزاز وهذا الاستثمار القذر مع كل المختطفين، وكلما رأت أن المسألة تستدعي أن يكون لديها رصيد من المختطفين تتوجه لخطفهم من الشوارع ومن المدارس ومن مقار العمل".

وتابع إسماعيل: "هذه الجماعة تختطف كل شيء ليس فقط السياسة فهي تختطف الدولة والمجتمع، وبالتالي هذا ليس أمرا مستبعدا أن تقوم به جماعة الحوثي، ولكن المستبعد أن نتعامل معها على أنها جماعة يمكن أن تؤمن بالسلام أو أن تكون شريكا في عملية سياسية".

ولفت: "أن جماعة الحوثي عرقية عنصرية إرهابية متطرفة لا تعترف بالآخر لا تعترف بالعملية السياسية وبالعملية الديمقراطية، ولا تعترف بالندية في التعامل مع شركاء الوطن".

وتابع: "وبالتالي عندما نقيم أعمالها بهذا المفهوم وبهذه السردية سنفهم كيف تتعامل معه، ولماذا تتعامل مع ملف كملف المختطفين، ملف الاعدامات، وملف الإخفاء القسري والتعذيب حتي الموت نفهم المنطلقات والمبررات إذا صح التعبير".

 

أين المشكلة؟

الخبير العسكري محمد الكميم، قال "محمد قحطان رجل سياسي ليس له علاقة بالقتال، رجل صاحب كلمة ليس مقاتل في الميدان ويجب التعامل مع قضيته كحالة إنسانية خاصة، لأنه ليس مقاتل".

وأضاف في حديث لـ "الصحوة نت"، "توصيفه بأنه أسير حرب "خطأ جدا"، لافتا إلى "أن قحطان رجل وطني كبير كانت مهمته التقارب بين الأطراف اليمنية"، مشيرا "أن الحوثيين يحتفظون ببعض الأوراق للمساومة للابتزاز ومنها قحطان والصحفيين الأربعة والقيادات الآخرين".

وقال "إن الحوثيين مستمرون في تعنتهم منذ اتفاق الكويت وستوكهولم وغيرها، ويفضلون التبادل بالخفيف الذي يشمل بعض الأسماء التي تهمهم من الأسر السلالية أو قيادات مقاتلة فقط لكن بقية الناس لا يهمّونهم، فيما يبقون بعض الأشخاص للابتزاز السياسي".

وانتقد الكميم، دور الأمم المتحدة ووصفه بأنه "ضعيف جداً".

 وشدد على ضرورة أن يكون "المفاوض اليمني قويًا ومصراً على إطلاق الكل مقابل الكل".

وقال: "هناك الآلاف ممن اختطفهم الحوثيون بما فيها شخصيات سياسية وقيادات مدنية، وصحفيين، ومشائخ، وأعيان، وأطباء، ومهندسين وغيرهم، وهؤلاء مختطفون من المنازل ومن الشوارع وأماكن أعمالهم؛ وبالتالي لا ينطبق عليهم وصف أسرى".

 

سبب التعنت

من جانبه، يقول الناشط السياسي محمد المحيميد، إن ما يدل على أن الحوثية عبارة عن عصابة إرهابية هو "اختطافها للمئات من الناشطين والسياسيين ومنهم القيادي الكبير في حزب الإصلاح محمد قحطان".

وقال في حديث لـ"الصحوة نت" إن "ما يزيد من تعنت مليشيا الحوثي هو عدم وجود أي ضغوط حقيقية سواءً من الأمم المتحدة ومبعوثها لليمن أو المنظمات الحقوقية". واتهم الأمم المتحدة بأنها "تدلل عصابة الحوثي الإرهابية وتتغاضى عن جرائمها بحق اليمنيين".

 وقال: "لا أعتقد وجود جماعة إرهابية في العالم حظيت بكل هذا الدلال من الأمم المتحدة ومنظماتها كما حظيت به عصابة الحوثي".

وتابع "مبعوثي الأمم المتحدة إلى اليمن منذ البداية لم يعملوا لأجل تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالشأن اليمني والشواهد على ذلك كثيرة ومنها ما نحن الحديث بصدده وهو إخفاء واختطاف القيادي السياسي محمد قحطان المشمول بقرار أممي يطالب الحوثي بإطلاقه دون أي شرط".

وعن موقف الحوثيين، يقول المحيميد إنه "نتيجة طبيعية وانعكاس لتركيبتها الإرهابية ولو لم تفعل ذلك لكان الأمر غريبًا، فعصابة الحوثي جماعة إرهابية عنصرية تعيش وتعتاش بالحروب واختطاف الناس ونهب أموالهم وسلب حقوقهم الخاصة والعامة وبدون هذه السلوكيات لا يمكن لها أن تستمر".

وكان حزب الإصلاح، قد اعتبر استمرار إخفاء السياسي محمد قحطان من قبل الحوثيين أمرا "غير مقبول" منتقداً "غياب الضغوطات الكافية من الجهة المُيسرة كحق طبيعي".

وقال مصدر مسؤول في الحزب "إن قحطان "واحدا من الذين يجب الإسراع في إنهاء معاناة أسرته باعتباره أقدم مختطف سياسي".

 

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية