القيادي "محمد قحطان".. 8 سنوات من الإخفاء القسري في سجون الحوثيين

لا يزال القيادي في حزب الإصلاح اليمني، محمد قحطان، مخفي قسراً في سجون جماعة الحوثي للعام الثامن على التوالي. وبالتزامن مع جولة التفاوض الجديدة بشأن الأسرى والمختطفين التي بدأت في 11 مارس/آذار الحالي في جنيف السويسرية، وأُعلن فيها أمس الإثنين عن التوصل لاتفاق لإطلاق نحو 880، يرفض الحوثيون الكشف عن مصير قحطان أو التفاوض بشأنه، ويعقّدون هذا الملف في كل مرة يطرح اسمه.

وتقول فاطمة قحطان، ابنة السياسي اليمني، "لم تردنا أي معلومات جديدة من قبل المتفاوضين في سويسرا، ولكن ما تداولته وسائل الإعلام عن غموض الحوثي بمسألة ملف الأسرى، تحديداً رفضهم الإفصاح عن مصير والدي غير مطمئن".

وتضيف في حديث مع "العربي الجديد": "نحن نترقب وننتظر ما إذا كان والدي ضمن الاتفاق أم لا، ونأمل أن تخرج هذه المفاوضات بنجاح وذلك بإعلان حرية والدي وكل الأسرى".

 

فاطمة قحطان: لا نعلم كيف هي صحة والدي

وتروي فاطمة فصولاً من معاناة العائلة التي لم تلتق بالأب منذ إخفائه، قائلةً: "آخر ما وردنا قبل عام هو إنكار أحد قادة الحوثيين بأن والدي موجود في سجونهم، ونحن حينها أصدرنا بياناً رداً على تهربهم من الإفصاح عن والدي وحالته".

وتتابع: "ثمانية أعوام لم نحصل فيها على مكالمة هاتفية أو رسالة بخط والدي، ولا نعلم كيف أصبحت صحته وهو رجل في الستينات من العمر، وكان دائماً مواطناً ينبذ حمل السلاح وشعاره السلم، وبالأخير يكون مصيره الإخفاء ولا نعلم عنه شيئاً ولا هو يعلم كيف أسرته".

وتطالب ابنة قحطان المفاوضين في جنيف بالإفراج عن والدها وكل المختطفين، معتبرة أن "لا ذنب لهم جميعاً ولم يحملوا بندقية ولم يكونوا في ساحة الحروب، بل كانوا في منازلهم وأعمالهم. يكفي ثمانية أعوام لقد تعبنا وتعبوا هم أكثر منا".

 

إخفاء قسري

وكان قحطان قد اختُطف في 4 إبريل/ نيسان 2015 حين داهمت قوات تابعة للحوثيين منزله في حي النهضة بالعاصمة صنعاء. ومنذ ذلك اليوم لا تعرف أسرته عنه شيئاً.

وسبق عملية الاختطاف وضعه تحت الإقامة الجبرية في منزله، بعد توقيفه على إحدى النقاط الحوثية في مدينة إب، حين كان متوجهاً إلى مدينة تعز في فبراير/ شباط 2015، وذلك بعد أشهر على سيطرة الحوثيين بالقوة على صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وبدأوا بشنّ حملات واسعة لاختطاف ناشطين وسياسيين.

في الأشهر الأولى من اختطاف قحطان، الذي شغل عضوية الهيئة العليا لحزب الإصلاح، وكان رئيساً للدائرة السياسية للحزب، وُضع مع عدد من القيادات العسكرية والسياسيين في منزل لسياسيٍ تم الاستيلاء عليه من قبل الحوثيين في صنعاء. وتحول المنزل، مع منازل أخرى، إلى معتقلات وسجون للحوثيين في السنوات الماضية.

وإلى جانب قحطان، هناك العشرات من المخفيين قسراً في سجون الحوثيين خلال الحرب، وهذه الجريمة تعيد إلى ذاكرة اليمنيين كابوساً وتاريخاً طويلاً مشابهاً لها، والتي حدثت خلال فترات متقطعة منذ ستينيات القرن الماضي في البلاد، وطاولت سياسيين وناشطين في أنظمة سياسية مختلفة سواء في الشمال والجنوب، وما زال مصير بعضهم مجهولاً، وأسرهم تبحث عنهم من دون جدوى.

 

لا تفاوض بشأن قحطان

ويرفض الحوثيون فتح ملف التفاوض بشأن قحطان، وآخرها الأسبوع الماضي في مفاوضات جنيف.

ويكرّر حزب الإصلاح استنكاره لعدم وجود ضغوط كافية من قبل الأمم المتحدة للإفراج عن قحطان، بما في ذلك تشديده في بيان أخير له على أنه "من غير المقبول لدى الحزب استمرار المليشيا الحوثية في إخفاء مصير السياسي محمد قحطان، من دون ضغوط كافية من الجهة المُيسرة كحق طبيعي". وأضاف البيان: "يجب الإسراع في إنهاء معاناة أسرته باعتباره أقدم مختطف سياسي".

نبيل البكيري: الحوثيون يستخدمون إخفاء قحطان ورقةً في عملية مقايضة

وذكر نائب رئيس جهاز الإعلام في حزب الإصلاح، عدنان العديني، في منشور على "فيسبوك"، أن "تحرير قحطان من الاختطاف هو تحرير للسياسة نفسها، والحل السياسي الذي لا يقوى على تحرير المدنيين المختطفين كيف سيتمكن من ردم الهوة بين المقاتلين".

وبرأيه، فإنه "إذا لم يتم الإفراج عنه في العملية السياسية التي يجري الترتيب لها حالياً، فهذا يعني أن المنطق الذي قاد إلى الحرب والدمار ما زال قائماً والمشهد الآتي لن يختلف عما سبق، إذ تحتاج السياسة إلى إثبات عودتها بإجراءات عدة، وفي مقدمتها خروج الرجل الذي غيّبته الحرب كعلامة على انتهاء مرحلتها".

والجمعة الماضي، احتشد المئات من أبناء مدينة تعز، للمطالبة بإطلاق سراح قحطان، وجميع المختطفين والمخفيين قسراً في سجون الحوثيين، ورفعوا لافتات تندد بدور مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، كطرف فاعل في المفاوضات، بتجاهل القضية وعدم الضغط على الحوثيين.

 

ابتزاز في قضية إنسانية

ويعتبر الباحث السياسي نبيل البكيري أن "محمد قحطان شخصية سياسية محورية بالنسبة لحزب الإصلاح، وورقة سياسية كبيرة للحوثيين، وبالتالي يستخدمون إخفاءه ورقةً في عملية مقايضة كبيرة، ولا يريدون كشف أي معلومات عنه لمزيد من الضغط لتمرير صفقاتهم".

ويضيف في حديث مع "العربي الجديد": "إذا لم يتم للحوثيين ذلك، فسيُبقون عليه مجهولاً، كي لا يتسنى للمشهد اليمني أن يكون هناك عقل سياسي، وبالتالي يتهربون من الحديث عنه في دلالة واضحة على الانتهازية واستغلال قضية إنسانية بهذا الشكل".

من جانبه، يعتبر رئيس منظمة "سام" اليمنية للحقوق توفيق الحميدي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "رفض جماعة الحوثي الإفصاح عن أي معلومة بشأن محمد قحطان، هو استمرار لنهجها في استغلال القضايا الإنسانية لأهداف سياسية. والأمر ينطبق أيضاً على الصحافيين والناشطين الذين اعتُقلوا من أماكن أعمالهم والطرقات، وهؤلاء ضحايا لا علاقة لهم بالحرب".

ويشير الحميدي إلى "أن الإخفاء القسري يرقى إلى جرائم الحرب التي تجوز ملاحقة مرتكبيها سواء في القضاء الدولي أو المحلي، ومحمد قحطان أحد هذه الحالات التي يجب تسليط الضوء عليها، وعلى المجتمع الدولي ان يكون جاداً في التعامل مع الحوثيين بشكل قاطع كونه ملزماً بمحاسبة جميع مرتكبي تلك الجرائم".

 

" العربي الجديد"

أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية