وزير الخارجية: الاتفاق بين الحكومة والحوثيين حول ملف الأسرى "خطوة إيجابية ومرحلة أولى يجب البناء عليها"
قال وزير الخارجية اليمني أحمد عوض بن مبارك، إن الاتفاق الأخير بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين حول ملف الأسرى "خطوة إيجابية ومرحلة أولى يجب البناء عليها".
وذكر مبارك في مقابلة مع الأناضول، أن موقف الحكومة التركية الثابت في دعم الشعب اليمني وحكومته الشرعية "دليل ساطع على الترابط الذي يجمع البلدين".
وفي 20 مارس/ آذار الجاري، أعلنت الحكومة اليمنية عن اتفاق مع جماعة الحوثي، يقضي بالإفراج عن 887 أسيرا ومختطفا، في ختام مشاورات عقدت بسويسرا بشأن تبادل الأسرى بين الطرفين.
وأوضح بن مبارك أن الحكومة اليمنية "أطلقت 706 أسرى حوثيين، مقابل 181 مواطنا وأسيرا أطلقتهم جماعة الحوثي بينهم مختطفين وصحفيين محكوم عليهم بالإعدام".
ولفت إلى أن الحرب في اليمن "ليست مشكلة إقليمية لتحل بالاتفاق بين طرفين إقليميين"، موضحا أن "المشكلة داخلية ذات جذور سياسية تتمثل في انقلاب الحوثيين على السلطة الشرعية".
وبعد نجاح وساطة الصين في إعادة العلاقات بين السعودية وإيران، قال بن مبارك إن بكين لم تتحدث مع الحكومة اليمنية عن وساطة لإنهاء الأزمة في بلاده، غير أنه رحب بكل مبادرة لإحلال السلام.
ملف الأسرى
قال وزير الخارجية اليمني إن "ما تم الاتفاق عليه أخيرا بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثيين حول ملف الأسرى في جنيف خطوة إيجابية، وتُعد مرحلة أولى يجب البناء عليها".
وأضاف بن مبارك أن "ملف الأسرى يعد من أبسط الملفات التي من الممكن الوصول إلى اتفاق بشأنها، وهناك أسس قانونية وأخلاقية يجب على جماعة الحوثي الالتزام بها وإطلاق جميع الأسرى في سجونها".
وتابع: "بموجب الاتفاق الأخير أطلقت الحكومة 706 أسرى حوثيين، مقابل 181 مواطنا وأسيرا أطلقتهم جماعة الحوثي بينهم مختطفين وصحفيين محكوم عليهم بالإعدام".
ووفق بن مبارك، فإن موضوع الأسرى "استحقاق قديم تم الاتفاق بشأنه عام 2018 في ستوكهولم على قاعدة الكل مقابل الكل، لكن ماطل فيه الحوثيون منذ ذلك الحين كما هو الحال مع بقية بنود الاتفاق الذي لم يلتزموا بها".
وأردف: "الحكومة تعتبر قضية الأسرى أحد أهم الملفات الإنسانية التي يجب تسويتها للم شمل الأسرى بأسرهم وإنهاء معاناتهم".
حراك دبلوماسي
وعلق الوزير اليمني على الحراك الدبلوماسي الإقليمي الأخير، والتغيير الذي طرأ في نطاق المناقشات بشأن الأزمة اليمنية، وفق تصريحات للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ.
وفي 15 مارس الجاري، أعلن غروندبرغ في إحاطة أمام مجلس الأمن الدولي "وجود حراك دبلوماسي إقليمي وتغيير في نطاق وعمق المناقشات بشأن أزمة اليمن، داعيا أطراف النزاع إلى اغتنام الفرصة لتحقيق السلام".
وأشار بن مبارك إلى أن الأزمة اليمنية "كانت دائما محل اهتمام إقليمي ودولي خاصة بعد الحراك الدبلوماسي الذي نقل التعامل مع الملف اليمني من مستوى السفراء كما كان في الماضي، إلى مستوى العواصم في الدول الفاعلة".
وتابع: "يضاف إلى ذلك المتغيرات الدولية والإقليمية، فأحد دوافع الحراك الدبلوماسي الأخير في أزمة اليمن هو الضغوط الأوروبية والدولية التي مورست ضد النظام الإيراني مؤخرا وأدت إلى عزله لأسباب معروفة لا تتعلق بالوضع في اليمن".
مبادرات السلام
وحول دعوة الحكومة اليمنية المجتمع الدولي إلى التعامل بـ"حذر" مع ما تطرحه جماعة الحوثي بشأن مبادرات السلام، قال بن مبارك إن حكومته "دعت للتعامل بحذر مع سلوك النظام الإيراني في المنطقة حيث يستمر ضخ أطنان الأسلحة أسبوعيا لمليشيات الحوثي ومن جهة أخرى يوقع اتفاقا ينص أحد بنوده على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة".
ووفق الوزير اليمني، فإن جماعة الحوثي "بعيدة جدا عن القبول بالسلام وعلى العكس فهي مستمرة بالتصعيد عسكريا في مأرب (وسط)، وشبوة (جنوب شرق)، وتعز (جنوب غرب)، واستهدفت القيادات العسكرية مؤخرا في الساحل الغربي بالطيران المسير وكذلك موكب محافظ تعز بصواريخ حرارية".
وأضاف: "وتشن حربا اقتصادية ضد الحكومة وأبناء الشعب اليمني ومستمرة في تكميم الأفواه في مناطق سيطرتها وتصفية المعارضين".
ويعاني اليمن حربا بدأت عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014، واشتد النزاع منذ مارس/ آذار 2015، بعد أن تدخل تحالف عسكري عربي بقيادة السعودية لإسناد قوات الحكومة الشرعية في مواجهة جماعة الحوثي المدعومة من إيران.
خصوصية تركية يمنية
وحول علاقة اليمن بتركيا، قال الوزير بن مبارك، إن "العلاقات اليمنية التركية تتمتع بخصوصية فرضتها الروابط التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين، وهي تسير في تحسن مطرد في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية".
وأشار إلى أن "ما تقدمه الحكومة التركية من تسهيلات ورعاية لأبناء الجالية اليمنية، سواء الذين اضطرتهم مليشيات الحوثي لمغادرة بلادهم، أو من الطلاب ورجال الأعمال والزائرين، هو محل تقدير واعتزاز الشعب اليمني".
وتابع: "موقف الحكومة التركية الثابت في دعم الشعب اليمني وحكومته الشرعية، ونضاله لاستعادة دولته على كافة التراب الوطني، يقدم بدوره صورة ساطعة من صور الترابط والتلاحم الذي يجمع البلدين".
"من هذا المنطلق جاءت زيارتي الأخيرة (ديسمبر/ كانون الأول 2022) إلى الجمهورية التركية للدفع نحو مزيد من التعاون والتنسيق في مختلف المجالات وعلى كل المستويات، بما يلبي تطلعات بلدينا وشعبينا الشقيقين"، أضاف الوزير.
علاقات السعودية وإيران
وفي معرض رده على سؤال بشأن عودة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وانعكاسات ذلك على مسار الحرب المستمرة في بلاده منذ نحو 9 سنوات، قال بن مبارك: "يجب أن يكون واضحا أن الحرب في اليمن مشكلة داخلية بجذور سياسية تتمثل في انقلاب جماعة الحوثي على السلطة الشرعية وليست مشكلة إقليمية لتحل بالاتفاق بين طرفين إقليميين".
وفي 10 مارس/ آذار الجاري، أعلنت السعودية وإيران استئناف علاقاتهما الدبلوماسية وإعادة فتح السفارات في غضون شهرين، وذلك عقب مباحثات برعاية صينية في بكين، بحسب بيان مشترك للبلدان الثلاثة.
ومضى بن مبارك قائلا: "من حيث المبدأ تتعامل الحكومة مع جميع المبادرات الهادفة لتهدئة الأوضاع في المنطقة من منظور إيجابي، وبنفس الوقت تنظر إلى الأفعال لا الأقوال".
وأضاف: "إذا أدى الاتفاق (بين السعودية وإيران) إلى تنفيذ فعلي من النظام الإيراني بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن والتوقف عن دعم مليشيات الحوثي بالسلاح فبالتأكيد سيكون ذلك عاملا مساعدا على إنهاء الحرب والتوصل إلى تسوية سياسية وفقا للمرجعيات الثلاث: المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية (2011)، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني (2013-2014) وقرار مجلس الأمن 2216 (يلزم الحوثيين بترك المناطق الخاضعة لهم وتسليم سلاحهم)".
وحول ما يتردد عن وجود وساطة صينية بين السعودية وإيران لإحياء مسارات السلام ووضع نهاية للأزمة في اليمن، قال بن مبارك: "لم يتحدث معنا الأصدقاء الصينيون عن وساطة لإنهاء الأزمة في اليمن".
وأردف: "موقفنا المبدئي بهذا الشأن أننا نرحب بجميع الجهود الدولية الهادفة لدعم المسار الأممي لإنهاء الحرب في اليمن وبما يعزز مسار الأمم المتحدة كمظلة رئيسية لكل تلك الجهود".
تنازلات حكومية
وبشأن التنازلات التي قدمتها الحكومة لإنجاح الجهود والمبادرات الأممية لحل أزمة اليمن، قال بن مبارك: "خلال هدنة الستة الأشهر التي استمرت من 2 أبريل/ نيسان 2022 إلى 2 أكتوبر/ تشرين 2022، كانت الحكومة وراء تحقيق تلك الهدنة".
وأضاف: "الحكومة قدمت التنازلات تلو الأخرى، وأهمها أنها لم تحول القضايا الإنسانية إلى مادة للتفاوض بشأنها وقبلت بكل ما يؤدي إلى التخفيف من حدة الأوضاع الإنسانية المتفاقمة على شعبنا، من منطلق إدراكها أن مليشيات الحوثي هي الطرف المتسبب بالوضع الإنساني المتردي في اليمن والوحيد المستفيد منه".
وأشار الوزير اليمني إلى أن الحوثيين "رفضوا دون أي مبرر تجديد الهدنة كما أنهم لم يقدموا أي تنازل بشأن أكبر قضية إنسانية في اليمن وهي قضية مدينة تعز المحاصرة منذ 8 سنوات ويتعرض مدنيوها للقصف العشوائي والقنص بشكل مستمر".
وتابع: "أما الحكومة فوافقت على إعادة تشغيل مطار صنعاء الدولي واستثناء ميناء الحديدة من الإجراءات المنظمة لاستيراد المشتقات النفطية والمطبقة في كافة الموانئ اليمنية، وحافظت على تعهداتها تلك حتى بعد أن رفض الحوثيون تجديد الهدنة".
وحول العلاقة مع المجلس الانتقالي الجنوبي، قال بن مبارك: "المجلس الانتقالي الجنوبي هو شريك في الحكومة وفي المعركة ضد مليشيات الحوثي، وهذه الشراكة مستمرة وإن اختلفت التوجهات السياسية كما هو الحال في جميع الدول والحكومات التي تؤمن بالتعددية السياسية".
التعليقات