حضرموت على صفيح ساخن مع الإعلان عن كيان سياسي جديد

كيان سياسي جديد، وكأن ما يحتاجه البلد الآن هو مزيدا من الكيانات السياسية والجهوية. 

مجلس حضرموت المعلن من الرياض هو جديد الساحة من الكيانات، وقد أثار الكثير من النقاش في الأيام الماضية.

فبينما يراه البعض تعبيرا واضحا عن قوة حضرموت، وتأكيدا عن دورها في المشهد الراهن، وقدرتها على حمل خياراتها في مواجهة المشاريع الأخرى، وخصوصا تلك المشاريع الانفصالية، يرى أنصار المجلس الانتقالي أن المجلس مجرد أداة في مواجهة تطلعات الجنوب، وتعبير عن مصالح أحزاب وقوى تحاول استغلال حضرموت لخدمة أهدافها.

وبين هذا وذلك، يوجد فريق آخر يرى المجلس المعلن مجلسا سعوديا، تم صنعها للتعبير عن مصالح السعودية شرق اليمن، والحصول عن نصيب من الكعكة في مواجهة أطماع الإمارات.

المجلس جاء بعد فترة طويلة من الشد والجذب، بين القوى والمكونات المحلية، وبين المجلس الانتقالي الذي يسعى لفرض سيطرته على المحافظة الأكبر في البلاد، وقد أثار إعلانه في الرياض، بحضور السفير السعودي في اليمن، الكثير من الدلالات، التي تشير في مجملها إلى أن السعودية ترعى هذا الكيان.

وهو ما يثير التساؤلات حول أهداف الرياض، وكيف ستكون علاقة هذا الكيان بالمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي ترعاه الرياض أيضا بالشراكة مع أبو ظبي؟

 

- امتعاض الانتقالي

في هذا السياق، يقول الصحفي صلاح السقلدي: "بالتأكيد يبدي (الانتقالي) امتعاضه؛ لأن له أسبابه الواضحة، فهو لا يتمنى على الإطلاق؛ بل هو يعمل من أجل انتزاع حقوق حضرموت؛ حقوقها الاقتصادية، حقوقها الاجتماعية، حقوقها النفطية وثرواتها".

وأضاف لبرنامج "فضاء حر"، الذي بثته قناة "بلقيس"، مساء أمس: "لذلك يرى -الانتقالي- مثل هذه التشكيلات، التي تتوالد وتحد من السلطات، هي امتداد لنفس الحركات، التي ظهرت منذ عام 94".

وأوضح: "إذا كان هناك من نوايا صادقة لدى هذه الأحزاب فهي بكل سهولة وبكل يسر يمكن أن تقدم لحضرموت وتعيد لها حقوقها وثرواتها بدون أي تشكيك".

وأشار إلى أن "حضرموت، مثل سائر المحافظات، متخمة تماما بمثل هذه الكيانات وهذه التكوينات".

وتابع: "إذا كان هناك من نوايا حقيقية، فالخطوة الأولى يجب أن تبدأ من إعادة أبناء حضرموت إلى حقوقهم، وإلى وظائفهم، وإلى خدماتهم، بعيدا عن التوظيف السياسي والتجيير السياسي الذي يتم فيه تجيير قضية حضرموت وشعب حضرموت ومظالم حضرموت لأهداف سياسية بحتة".

وقال: "نعرف تماما لماذا تظهر هذه الكيانات في مثل هذه الأوقات، بعد الإفرازات، التي حققتها القضية الجنوبية، وأحرزها المجلس الانتقالي في كثير من الخطوات؛ وآخرها لقاء حضرموت، ولقاء التصالح والتسامح، والهيكلة التي أجراها المجلس الانتقالي".

 

- إفشال ومكايدات

وبيّن: "ظهور مثل هذه الكيانات هو بالتأكيد لغرض إفشال هذه الخطوات (التي قام ويقوم بها الانتقالي)؛ وغرض المكايدات، وإضفاء نوع من الضبابية والتشويش على القضية الجنوبية".

ولفت إلى أن "هناك كثيرا من الحركات الشعبية تم إجهاضها ومواجهتها واعتبارها مجرد حركات انفصالية، ومجرد حركات متشرذمة تدعو إلى الفرقة والعنصرية".

وتابع: "على الواقع، نحن ننظر إلى ما يقوله عامة الشعب، عامة الشعب وكثير من الجماهير التي تخرج في كثير من الساحات وكثير من الشوارع بالملايين ومئات الآلاف هي الفيصل، وهي من تحدد مَن مع حضرموت، ومَن يقف مع حضرموت؛ هي التي تحدد بكل وضوح وبكل جلاء ماذا تريد حضرموت".

وزاد: "بعيدا عن إنشاء هذه الكيانات من خلف الحدود، وبعيدا عن إنشائها من كنف ومعطف السلطات والأحزاب، فالشارع الحضرمي هو مَن يحدد، وهو الذي يجب أن يكون صوته هو المرتفع، وهو الذي يجب أن تذعن له كل الرؤوس وتنصاع له كل الأحزاب، وكل القوى السياسية، بما فيها المجلس الانتقالي".

وذهب بالقول: "نحن أمام قوى تستخدم مظالم حضرموت لأغراض سياسية، وفي أوقات معينة".

وأضاف: "إذا كان الغرض من هذا المكون هو استعادة حقوق حضرموت فنحن نمدد أيديهم"، مؤكدا أنه لا يخفي توجسه من هذا المجلس؛ وذلك لأن وراء إنشائه السعودية.

 

- نتاج حراك مجتمعي

بدوره، يقول الناشط السياسي محمد بالفخر: "مجلس حضرموت الوطني جاء نتاج حراك مجتمعي بعد أن تعرضت حضرموت للكثير من الإشكاليات منذ أكثر من 60 عاما، وهي تتعرض لنكبات تلو نكبات".

وأضاف: "رأى الكثير من أبناء حضرموت أن لا تبقى حضرموت على تلك المعاناة من هنا أو هناك، وبالتالي أجمع الكثير على إنشاء مكون حضرمي يحمل القضية الحضرمية، ويحمل المظلومية الحضرمية، ويسير بحضرموت نحو الاستقرار، نحو السلام، نحو التنمية؛ بعيدا عن مشاريع أخرى، بعيدا عمن يريد أن يتخطف حضرموت من اليمين أو من اليسار".

وأوضح: "هذه المكونات الحضرمية، التي أتت إلى الرياض بدعوة كريمة من المملكة العربية السعودية أجمعت وبعد مشاورات عديدة في كل المجالات وخرجت بهذا الاتفاق؛ إنشاء مجلس حضرموت الوطني".

ولفت إلى أن السعودية "هي سند لحضرموت ليس من الآن، كما هي سند لليمن بشكل عام"، حسب اعتقاده.

 

- استجابة للتطلعات

ويرى أن "إنشاء مجلس حضرموت الوطني جاء استجابة لتطلعات أبناء المحافظة، ولإخراج أبناء حضرموت من كل المآسي، ومن كل المنزلقات السياسية التي حاولوا جرها يمينا ويسارا منذ 60 عاما".

وأشار إلى أن "اسم حضرموت تم طمسه، وسميت بالمحافظة الخامسة، ومديريات حضرموت ومسمياتها شبام، سيئون، القطن، دوعن، سميت بالجهات الأربع، مديرية شرقية، مديرية غربية، مديرية وسطى، مديرية شمالية...".

واستطرد: "ناهيك عن التجارب، التي عملت في حضرموت من تأميم ومن قتل ومن سحل، وغير ذلك، كل ذلك وحضرموت تعاني من تلك الفترة (منذ عام 60م)، وهُجر أبناؤها على مدار تلك السنوات، ولم يجدوا حضنا آمنا سوى المملكة العربية السعودية".

واستهجن بلفجر الأصوات التي تقول إن مجلس حضرموت الوطني لا يمثل أبناء حضرموت، موضحا أن "المجلس يريد أن تكون حضرموت قائدة ورائدة...".

وبيّن: "المشروع الانفصالي، أو الانتقالي، يتحدث عن جنوب اليمن، وحضرموت ليست من جنوب اليمن، ولم تكن من ضمن ولايات اتحاد الجنوب العربي، التي صنعتها بريطانيا، والتي قامت الجبهة القومية لمحاربة هذا المشروع البريطاني".

وأشار إلى أن "النموذج، الذي قدمه الانتقالي، من 2017، لم يكن نموذج دولة، ولم يكن هناك نموذج استقرار، ولا أمن، بل قتل وسحل..".

وأوضح: "أبناء حضرموت سيسيرون ويديرون بلادهم أمنيا وعسكريا، وهم من سيقود حضرموت، وستخرج كل القوات التي من خارج حضرموت إلى مناطقها، وستكون حضرموت نموذجا".

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية