حماسة حوثية للقتال.. تحشيد باتجاه مناطق جنوبية وتعز

تكثف جماعة الحوثيين من تحركاتها العسكرية باتجاه محافظات جنوب اليمن، حيث دفعت بتعزيزات بشرية وآليات إلى محافظة الضالع، وسط البلاد، وذلك بالتزامن مع تعزيزات أخرى وصلت إلى محافظة تعز البوابة الأخرى لمحافظات جنوب البلاد.

وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن جماعة الحوثي دفعت خلال اليومين الماضيين، بتعزيزات مكونة من آليات وعشرات المقاتلين إلى مناطق بالقرب من خطوط التماس في مديرية قعطبة ومريس، شمالي المحافظة، وذلك ضمن دفعات من التعزيزات بدأتها الجماعة منذ نحو أسبوعين.

تشهد مختلف جبهات القتال في المحافظة هجمات متفرقة تشنها القوات الحوثية وقصفا بالطيران المسير أوقع قتلى وجرحى من القوات المشتركة، المكونة من قوات الجيش الحكومي وأخرى تابعة لـ"المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي.

والجمعة، أعلن "المجلس الانتقالي" أن قواته تمكنت من صد هجوم حوثي، وقالت وسائل إعلام مقربة من "المجلس"، إن "وحدات من القوات المرابطة في قطاع الثوخب، شمال شرقي مديرية الحشاء، تصدت لعملية تسلل وهجوم من قبل الحوثيين نحو المواقع المتقدمة للقوات".

 

صالح القطيبي: ينصب الحوثيون منصات صاروخية وأخرى لإطلاق المسيرات

وأوضحت وسائل الإعلام أن "مجموعات من الحوثيين حاولت تنفيذ عملية تسلل نحو مواقع شعب أحمد وحبيل ناجي والساحلة، وتم استهدافها بمواجهات مباشرة عند وصولها إلى منطقة الاشتباك، وتم تحصينها وسط هجوم من جميع الجهات وتكبيدها خسائر كبيرة".

وأكدت المصادر استمرار المواجهات المتقطعة في قطاعي الثوخب والفاخر، والتي تأتي بعد وصول تعزيزات الحوثيين من جنود وأسلحة مع زيارة وزير دفاعهم إلى الجبهة.

تأتي هذه المواجهات بعد يوم من مقتل خمسة عسكريين من القوات المشتركة، أربعة منهم بهجوم لمسيّرة استهدف مواقع اللواء 30 مدرع في جبهة الفاخر، فيما قُتل جندي خامس برصاص قناص تابع للجماعة في جبهة المشاريح، غربي المحافظة، وفق ما أفاد به مصدر عسكري "العربي الجديد".

 

جولة تحشيدية لمحمد ناصر العاطفي

في السياق، يواصل وزير الدفاع في حكومة الحوثيين غير المعترف بها محمد ناصر العاطفي، زياراته الميدانية للقوات في خطوط التماس مع محافظات جنوب البلاد، فزار السبت الماضي، جبهات كرش والقبيطة ودمنة خدير وماوية، في الأطراف الجنوبية لمحافظة تعز والشمالية لمحافظة لحج، في استمرار لجولته في المحافظة والتي بدأها الأسبوع الماضي.

وبالقرب من الحدود السابقة لدولتي اليمن الشمالية والجنوبية قبل الوحدة في عام 1990، تعهد العاطفي بالحفاظ على "الوحدة الوطنية"، متهماً التحالف بقيادة السعودية، باصطناع ما سماها الحواجز السياسية والسعي لتمزيق الوحدة، وتفكيك النسيج الاجتماعي في البلاد.

وهدد العاطفي مجدداً بحرب مفتوحة في حال استمرار رفض شروط الحوثيين في المفاوضات، محذراً التحالف المساند للحكومة بأن "الهدنة حسب رغباتهم لن تبقى قائمة، وسيكون للقوات المسلحة اليمنية تحركها المدروس والذي سيعيد للمنطقة توازنها".

وأضاف أن "الحل ليس بأيدي تحالف العدوان وإنما هم مكرهون على أن يكون الحل بأيديهم، فإن أرادوها سلماً فسيرتاحون وإن أرادوها حرباً فسنجعلها حرباً مفتوحة".

ويشهد اليمن هدنة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، عدم توصل الحكومة وجماعة الحوثي إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة التي استمرت لمدة 6 أشهر برعاية أممية، وبدأت في 2 إبريل/نيسان 2022، فيما تفيد مؤشرات حديثة من بينها تصريحات وتهديدات تطلقها قيادات في الجماعة وبيان أميركي بريطاني فرنسي، بفشل الجهود الرامية لإعادة تجديدها نتيجة شروط الجماعة التي وصفت سابقاً بغير المعقولة.

من جهته، كشف نائب رئيس المركز الإعلامي للقوات المسلحة العقيد صالح القطيبي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "تحشيدات الحوثيين لا تقتصر على جبهة واحدة، بل حشدوا خلال الفترة الأخيرة في مختلف الجبهات، بما فيها جبهات محافظة مأرب المختلفة، ومن خلال الرصد والاستطلاع تبين أنها تنصب منصات صاروخية وأخرى لإطلاق المسيرات على أكثر من جبهة".

وأضاف القطيبي: "الجماعة حالياً في فترة انتهاء عمل مراكز التدريب الصيفية، وتحشد من استغلتهم وغررت بهم خلال هذه الفترة للزج بهم إلى محارق جديدة، لكن الجيش جاهز وهو لهم بالمرصاد، وسيرد بقوة ضد أي هجوم للمليشيا".

وتعليقاً على تلك التحركات والتهديدات، قال الخبير العسكري اليمني العميد ركن محمد الكميم في حديث لـ"العربي الجديد"، إن جماعة الحوثي "لم تتوقف عن التحشيد خلال زمن الهدنة ولم تتوقف عن إطلاق التهديدات، ونحن خبرنا هذه المليشيا عبر 19 سنة من القتال ضدها منذ الحرب الأولى في صعدة (2004)، هي تقبل بالهدنة عندما تكون في رمقها الأخير، وفي أضعف حالاتها، وتقبل بالهدنة فقط من أجل إعادة الاستعداد القتالي، والتهيؤ لجولة جديدة من الحرب".

 

محمد الكميم: الجماعة أعادت تأهيل قواتها وهي تتجه نحو الحرب مجدداً

وأضاف الكميم أن "الجماعة قبلت بالهدنة عندما كانت في مرحلة ضعف، ودفعت بقوات ضخمة للسيطرة على مأرب وفشلت وتكبدت خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات، ثم بدأت باستثمار الهدنة، فبنت قواتها من خلال استقطاب مقاتلين جدد عبر المراكز الصيفية التي أقامتها والعروض العسكرية، ومنحتها الهدنة فرصة لدخول الأسلحة الإيرانية من دون تفتيش، وضغطت لتحقيق مكاسب سياسية". وأشار إلى أن الجماعة "أعادت تأهيل قواتها وهي تتجه نحو الحرب مجدداً لأنها لا تعيش إلا على الحروب".

 

خرق الحوثيين للهدنة

ولفت الكميم إلى أنه "خلال فترة الهدنة الحالية لم تتوقف المليشيا عن هجماتها سواء بالطيران المسير، أو محاولات التسلل، والقصف المدفعي والصاروخي في مختلف جبهات القتال"، مؤكداً أنه سقط العشرات من القتلى والجرحى من القوات الحكومية خلال هذه الفترة جراء هجمات الحوثيين وخرقهم للهدنة".

واعتبر أن الجماعة اعتادت على شن هجمات "خلال فترات الهدن لتسيطر على مساحات وأراض وتنتزع مواقع، من دون أن تلقى رداً حرصاً على الهدنة، وهذا أمر اعتدنا عليه، وقد يكون هو ما تسعى إلى تنفيذه من خلال حشودها الأخيرة إلى بعض الجبهات".

ورأى الكميم أن ما يجري من توتر أمني في العاصمة المؤقتة عدن ومحافظات أخرى خاضعة تحت سيطرة الحكومة جنوبي البلاد، "وسيلة حوثية لزعزعة الأوضاع الأمنية، وضعضعة ثقة الشعب بالقيادة وبالقوات المسلحة، وإشغال للقوات المسلحة في خطوط التماس بما خلفها، وهذا مخطط معروف يقف فيه الحوثي وأكثر من طرف من التنظيمات الإرهابية بمن فيهم القاعدة وداعش". واعتبر أن "الحوثي وبقية الجماعات الإرهابية جميعاً ينسقون مع بعضهم، ويخدمون مخططا واحدا هو تدمير اليمن".

وعن موازين القوى، قال الكميم إنه على المستويين السياسي والعسكري "لصالح مجلس القيادة الرئاسي، فسياسياً دول العالم كلها لا تعترف الا بالحكومة الشرعية، كما أنه على الجانب العسكري أصبح موقف مجلس القيادة أقوى بعد ضم جميع القوى الفاعلة تحت قيادة مجلس واحد في إبريل 2022"، وذلك بعد أيام على بدء سريان الهدنة مع الحوثيين.

واعتبر الكميم أن "من مصلحة مجلس القيادة الرئاسي القتال في هذه الأوضاع"، مضيفاً أنه في حال هاجم الحوثيون "وقرر مجلس القيادة أن يوحد صفوفه ويهاجم فستكون النتيجة انتصارات حاسمة وكبيرة للمجلس على مستوى اليمن".

ويرجح مراقبون ألا تشن الجماعة حرباً كبيرة يمكن أن تخسر تبعاً لها ما تحقق من مكاسب خلال فترة الهدنة، بما فيها عائدات ميناء الحديدة الضخمة التي تكسبها منذ فتح الميناء، إضافة إلى فتح مطار صنعاء إلى وجهات معينة.

وشهدت عدن خلال الأيام الأخيرة توتراً أمنياً متصاعداً وصل في بعض حالاته إلى مواجهات واشتباكات بين مسلحين وقوات أمنية في عدد من مديريات المحافظة، وكان أكثر الحوادث لفتاً للانتباه سلسلة انفجارات دوّت ظهر السبت الماضي، تبين لاحقاً أنها ناتجة من انفجار مخزن للذخيرة في معسكر الشعب بمديرية البريقة، وهو معسكر لقوات "الحزام الأمني" التابعة لـ "المجلس الانتقالي الجنوبي"، المدعومة من الإمارات.

وأوضح بيان لتلك القوات صدر لاحقاً أن الانفجارات لم تسفر عن ضحايا، وأن سببها احتكاك كهربائي في مخزن للذخيرة. كما تشهد محافظة أبين المجاورة منذ عدة أشهر عمليات ضد القوات المشتركة، التي تنفذ حملة أمنية منذ أغسطس/آب الماضي، أسفرت عن مقتل العديد من أفراد تلك القوات وإصابة آخرين.

 

(صحيفة العربي الجديد)

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية