الصراع السعودي - الإماراتي.. ما تأثيره على اليمن؟

خفايا جديدة تظهر على السطح تتعلق بخفايا التحالف، الذي يجمع السعودية والإمارات، حيث استطاعت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية الحصول على معلومات حصرية تتضمن تصريحات لـ محمد بن سلمان في اجتماع له مع عدد من الصحفيين، في الرياض في ديسمبر من العام الماضي.

وبحسب الصحيفة، فإن محمد بن سلمان قال بالنص: "الإمارات طعنتنا بالظهر، وسيرون ما يمكننا فعله"، وهي تصريحات خطيرة تكشف عن مدى عُمق الأزمة في العلاقة بين قيادة البلدين، (محمد بن سلمان ومحمد بن زايد)، وإلى أي مرحلة وصلت بهما الخلافات في ملفات عدّة، بينها الحرب في اليمن، وملف إنتاج النفط، ومنظمة أوبك، والتقارب مع إيران، وغيرها من الملفات الإقليمية الحساسة.

وقالت الصحيفة إن الزعيمين لديهما طموحات في قيادة المنطقة، وهذا الطموح كان مشتركا في مرحلة ما، لكنه تحوّل إلى تنافس بينهما، مما قد يؤدي إلى الدّخول في صراعات تهدد أمن الإقليم، لكن السؤال الذي يهمُّ اليمنيين: هل هذه الخلافات بين البلدين لصالح اليمن أم لا؟

 

- مقاربات مختلفة

يقول أستاذ العلوم السياسية، الدكتور ناصر الطويل: "إن ظهور الخلافات السعودية - الإماراتية إلى السطح قابلته بتوجس، وكأننا أمام مرحلة جديدة، ومناورات جديدة، لأن أي توتر في العلاقات الخليجية، والإقليمية بشكل عام، اليمن هي من تدفع الثمن".

وأوضح: "ثمة مقاربات مختلفة لتناول هذا التقرير وتقييمه، فالبعض يأخذ ما جاء فيه على محمل الجد؛ كونه تضمن مجموعة من المؤشرات إلى وجود توتر حقيقي في العلاقات السعودية - الإماراتية، وهي وجهة نظر تستند إلى مجموعة من المؤشرات؛ منها حالة عدم ظهور رئيس الإمارات وولي العهد السعودي بشكل جماعي مُعلن".

وأضاف: "هناك مقاربات أخرى، وأنا أميل إليها، وهي أن العلاقات الإماراتية - السعودية في حالة من الانسجام، وفي حالة من التكامل في كل الملفات، باستثناء هامش بسيط يتعلق بالتنافس الاقتصادي حول إمكانية النهوض الصناعي السعودي في جذب بعض الإمكانات من دبي".

وأشار إلى أن "الاختلاف بين أي فاعل دولي وآخر شيء طبيعي، فلا يحدث تكامل وتطابق في المصالح 100% بين دولة وأخرى، فغالبا يكون هناك اتفاق في مصالح وجوانب محددة، واختلاف في جوانب أخرى".

وتابع: "ليس هناك ما يدعو لخلاف حقيقي بين الإمارات والسعودية، وحالة الانسجام بين البلدين عالية، ولا يمكن وضعهما في حالة ندية أيضا، فالإمارات تظل دولة خليجية صغيرة محدودة القدرات والإمكانات، مقارنة بدولة إقليمية كبيرة وناهضة".

واعتبر أن "الأسس الموضوعية بين الدولتين لا تزال كما هي، وليس هناك ما يدعو إلى خلاف، فالدولتين ليستا في حالة ندية، حتى يقال إن المنطقة ستدخل في حالة استقطاب، أو ما إلى ذلك".

 

- نية سيئة

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الحديدة، الدكتور فيصل الحذيفي: "من خلال متابعتنا للتصريحات المعلنة، فهي لم تكن تصريحات بشكل رسمي، وكأنها كانت في جلسة خاصة مع فريقه الإعلامي، ولم يذكر فيها الإمارات، ومحمد بن زايد بشكل صريح، وإنما قال إن هناك دولة كنا على تحالف معها، وطعنتنا في الظهر".

وأضاف: "أحيانا يكون هناك خطاب سياسي رسمي ومعلن، ويتم من خلاله تحديد المواقف، لكن ما نلاحظه في العلاقة بين السعودية والإمارات، منذ دخولهما في حرب اليمن في مارس 2015م، نجد أننا لا نسمع أي إشارات لخلافات من نوع ما حتى العام 2019م، عندما أعلنت الإمارات انسحابها من اليمن، وهذا الانسحاب قد يكون متفقا عليه، أو يكون في موضع تباين".

وأوضح: "انعكاس العلاقات السعودية - على اليمن، انعكاس سلبي، سواء كانوا متفقين أو مختلفين لأن النية السيئة لكلا الطرفين في اليمن، والتربص بها شرا قائما، سواء في حالة الاتفاق، منذ 2015م حتى 2019م، أو حتى في بداية التباينات التي تسرَّب دون تأكيد رسمي، منذ 2019م، وحتى اليوم".

وتابع: "حتى الآن، نجد أن هناك عدة موضوعات يتم التنافس عليها، فليس موضوع اليمن هو الملف الوحيد في مسألة التباينات بينهما، فهناك ملف النفط وملف التطبيع مع إسرائيل، وفتح العلاقات الدولية المتعددة، مع إيران، وسوريا، والاتجاه شرقا في التحالفات الدولية مع روسيا والصين، تعدد أنواع أسواق الأسلحة".

وأكد: "ما يهم اليمنيين هو أن العلاقات السعودية - الإماراتية في موضوع اليمن، سواء اتفقتا أو اختلفتا، فاليمن دائما في دائرة ليست مبشرة بالخير، فنحن في وضع سُلم ملف اليمن للرياض وأبو ظبي، بشكل مفتوح، وصودرت السيادة اليمنية والقرار السياسي اليمني، ولم تعد لنا سلطة شرعية ولها مشروعية يمكن أن تدّعي أنها تمثل الشأن اليمني بقد ما تمثل من عيَّنها (السعودية والإمارات)".

وشدد على ألا ننظر  إلى العلاقات السعودية - الإماراتية بشيء من الإفراط في ملفات أخرى غير الملف الذي يخص اليمنيين.

وأشار إلى أن "هناك تقاسم نفوذ بين السعودية والإمارات على المستوى الجغرافي، وعلى مستوى المصالح الاقتصادية، والسعودية اكتفت بوضع يدها على المحافظات الحدودية، كشبوة وحضرموت والمهرة، بينما الإمارات فرضت نفسها على مستوى الموانئ والجزر وخطوط الملاحة الدولية، ولم تعترض السعودية، وهو ما يؤكد وجود تقاسم نفوذ بين الدولتين".

وبيّن: "التحالف السعودي - الإماراتي بُني على موافقات وضوء أخضر دولي، من واشنطن ولندن، وعدم قدرة السعودية على إخراج الإمارات من المشهد يؤكد ذلك؛ لأن ما تفعله الإمارات على الأرض هي تنازع السعودية في نفوذها بشكل واضح، ومع ذلك لا تستطيع السعودية الاعتراض، أو تبني سياستها على أن الملف اليمني حصر بيدها".

ولفت إلى أن "الانقسام اليمني هو انعكاس للتباين السعودي - الإماراتي، ولم يأتِ من فراغ، سواء كان هذا التباين متفقا عليه أو مختلفا فيه".

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية