ما هو مصير جرحى الجيش في مصر بعد إعلان اللجنة الطبية إيقاف عملها؟

ظهرت مشكلة الجرحى في اليمن، منذ بداية اندلاع الحرب في العام 2014، وبالرغم من تغير الكثير من المعطيات الميدانية، إلا أن هذه المشكلة لم تجد طريقها إلى الحل بشكل نهائي، حيث أعلنت اللجنة الطبية العسكرية التابعة لوزارة الدفاع اليمنية، مؤخرا، إيقاف علاج الجرحى العسكريين في دولة مصر؛ بسبب عدم صرف الموازنة.

وبحسب مراقبين، فإن الإمكانيات المادية وصعوبة الظروف، التي كانت تمر بها مختلف الأطراف في السابق، كانت سببا في ظهور مشكلة الجرحى، إضافة إلى نقص الخبرات الإدارية اللازمة لإدارة الملف ومعالجة آثاره، ومواجهة ما يستجد من تحدّيات.

ومع مرور الوقت، وتدخل أطراف جديدة في الحرب، توفَّرت حلول كثيرة يمكن الاستفادة منها لمواجهة آثار الأزمة المتفاقمة، غير أن نقص كفاءة الكوادر المعنية بالملف، والاشتباه بضلوع مسؤولين عن علاج الجرحى بقضايا فساد، وتداخل الجهات المسؤولة عن علاج الجرحى، ظلت سببا أساسيا لاستمرار المشكلة وضياع الجرحى في دهاليز اللجان والوزارات والهيئات.

 

- مصير مجهول

يقول عضو اللجنة الطبية العسكرية لعلاج الجرحى في تعز، عبدالملك السامعي: "إن هذا القرار، الذي أصدرته اللجنة الطبية العسكرية بمأرب، بوقف علاج الجرحى، لا سيما في الخارج، هو لا شك أنه يؤثر على لجنة تعز، وجرحى تعز في الداخل والخارج".

وأضاف: "المصير المجهول للجرحى، الذين هم بأشد الحاجة إلى العلاج واستمرار برنامجهم العلاجي، لا سيما من هم في الخارج، بلا شك سيكون مصيرا مأساويا وعلى اللجان الداخلية، سواء في مأرب أو في تعز".

وتابع: "هذا القرار سيؤثر سلبا على أفراد الجيش والمقاومة في الجبهات، وفي كل الألوية وكل المناطق، لذا يجب أن تقوم الحكومة بواجبها تجاه الجرحى، لا سيما من هم في الخارج الذين معاناتهم كبيرة مع الإهمال والتقصير الحاصل لهم، والبرنامج الذي يتلقونه غير مسعف لهم".

واعتبر أن "الفترة المتبقية من هذا الشهر قبل توقف عمل اللجنة بشكل نهائي في 30 سبتمبر، فترة قصيرة، ويمكن أن يتعرض الجرحى للإهانة والإساءة الكبيرة، لا سيما في مصر".

وأردف: "نحن في اللجنة الطبية بتعز لدينا 21 جريحا في مصر، و25 جريحا في الأردن، وجريحان في الهند، وهؤلاء تم اختيارهم بواسطة لجنة فنية متخصصة في تعز، وهم بأشد الحاجة للسفر؛ لعدم وجود إمكانيات في مستشفيات الداخل للقيام بالعمليات الكبيرة والخطيرة، وتقدم لهم اللجنة كل البرامج العلاجية، من عمليات وعلاج طبيعي وسكن وإعاشة ووجبات، وغير ذلك".

وقال: "نحن في لجنة تعز؛ نظرا لكثرة الجرحى ومعاناتهم الطويلة والمستمرة، شكلنا لجنة فنية مكوَّنة من أطباء واستشاريين بكافة التخصصات، كالجراحة العامة والعظام والعمود الفقري والأوعية الدموية والتجميل، وهي من تحدد من هم الأولى بالسفر".

وأضاف: "لدينا في تعز أكثر من 100 جريح بحاجة إلى السفر، وجرحى ذهبوا لمصر والهند، ولديهم قرارات عودة، وكل هؤلاء ملفاتهم تحال إلى اللجنة الفنية، مع تقاريرهم الجديدة، والكشافات وأجهزة الرنين، أو الطبقي المحوري، وبحسب ما يوجد من دعم مالي تقرر اللجنة الفنية تحديد من الجرحى الذين لهم الأولوية بالسفر في المرحلة الأولى، ومن يمكن تأخيرهم إلى مراحل قادمة".

 

- معاناة أدت إلى الانتحار

 يقول الصحفي والناشط السياسي وديع عطاء: "تكرار الحديث عن هذه المعاناة شيء معيب بالمسؤولين بكل مستوياتهم، بدءا برئاسة مجلس القيادة الرئاسي، ووصولا إلى المشرفين على هذا الملف، على المستوى الميداني".

واعتبر أنه "من المعيب أن يقصر الوطن وتقصر الحكومة في حق هؤلاء الأبطال الذين بذلوا دماءهم وأرواحهم وأعمارهم وأوقاتهم فداء للوطن، وللدفاع عن المدن والقرى والثورة والجمهورية، وفي الأخير يتم التعامل معهم كما لو كانوا نوعا من الأثاث الذي انتهى استخدامه مع فارق التشبيه، وعظيم التقدير والإجلال لهم".

وأضاف: "من المعيب أيضا أن يستمر بقاء بعض القيادات العسكرية، التي لا تتعامل مع الجرحى بمسؤولية قانونية وإنسانية وأخلاقية، وتتعامل مع هذا الملف كنوع من الترف أو المحسوبية، أو وفق أولويات بناء إما على الولاء القبلي، أو الولاء المناطقي، أو الحزبي، أو السياسي، أو الجهوي، أو الأسري، والتي تؤثر على حقوق الجرحى، وعلى فرصة المساواة التي يجب أن يتمتع بها كافة الجرحى".

وأشار إلى "قصة الجريح عبد الرحمن (23 سنة)، بقوله: عبدالرحمن -شاب في مقتبل العمر، وبمنتهى الالتزام الأخلاقي والديني- في أحد الأيام بعد أن صلى الفجر أعطى تلفونه ومفاتيحه لأحد أقاربه، ثم ذهب إلى أقرب مكان وانتحر، بسبب أنه ضحى من أجل الوطن وقاتل لسنوات، وعندما أصيب تم معالجته معالجة أولية، وكانت لا تزال المسامير في جسده، وفوجئ في فبراير الماضي أنه تم فصله، وإيقاف راتبه، واستبداله بآخر".

ولفت إلى أن "قصة عبدالرحمن سبقتها قصة محمد - وهو أب لخمسة أطفال-، حيث تم معالجته المعالجة الأولية، ثم لم يتم إعادته إلى مصر لاستكمال علاجه أسوة بالآخرين، بسبب المعايير التي وضعت لاختيار من يستحقون العودة من عدمهم".

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية