ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

لماذا فشل السياج الحدودي المراقب تكنولوجيا في تأمين إسرائيل؟

أرادت إسرائيل حماية نفسها من الهجمات من غزة بنظام حدودي كلف عدة ملايين من اليوروهات، لكن نظام التكنولوجيا الفائقة فشل.

 

مجلة “شبيغل” الإخبارية الألمانية، سلطت الضوء على قدرة إسرائيل على حماية نفسها عبر هذا الجدار ورصدت عبر خبراء ألمان أبرز ملامح هذا الفشل.

 

اختراق الحدود والذي أثار انتباه العالم، سلط الضوء على فشل إسرائيل الاستخباراتي، وعدم قدرتها على رصد تحركات حركة حماس بالرغم من التفوق التقني الهائل الذي تحوزه، بيد أن القليل من وسائل الإعلام سلط الضوء على ماهية الجدار نفسه والذي أقامته إسرائيل بغرض التحكم في قطاع غزة ومنع محاولات الدخول منه إلى البلدات الإسرائيلية المجاورة.

 

حسب “شبيغل” فإن فشل الجدار، لا يعود إلى اختراق جدار حدودي عادي، إذ أن إسرائيل زرعت أنظمة استشعار واستطلاع تكنولوجي فائق عبر هذا الجدار، حيث تباهت مجموعة التكنولوجيا الإسرائيلية “أي وان بيت” مرارا بقدرات هذا الجدار والنظام الذكي المدمج به، حيث تتم مراقبة المنطقة ليلاً ونهاراً بالكاميرات والرادارات من أبراج المراقبة الثابتة. إضافة إلى ذلك، هناك أجهزة استشعار مزروعة على الجدار أو حتى على المركبات المحيطة، والتي ترتبط بها كذلك شبكة من طائرات الاستطلاع من دون طيار والتي تراقب الوضع من الجو وترصد حتى عمليات الاتصال المحيطة وتنقلها إلى طاقم متخصص من أجل فك تشفيرها أو حتى اعتراضها وحتى الاتصالات من الجانب الآخر يمكن اعتراضها.

 

في نهاية المطاف، يتم تجميع جميع المعلومات معاً في مركز القيادة، حيث يقدم البرنامج الأمني توقعات ونصائح للمسؤولين بشأن التهديدات المحتملة التي يجب معالجتها وبأي ترتيب، ليتم توجيه فرق الاستجابة على الأرض إلى موقع انتهاك الحدود المحتمل. وكانت هناك تقارير كذلك عن وجود مركبات روبوتية مستقلة جزئيًا على الحدود مع غزة.

 

ومع ذلك، فإن الهجوم الضخم الذي شنه مقاتلو حماس على إسرائيل منذ نهاية الأسبوع قد أظهر بوضوح شديد قدرات متواضعة لما يمكن أن تحققه التكنولوجيا المتقدمة في مثل هذه المواقف. إذ تم الاجتياح ولم تتمكن إسرائيل من إرسال قوات برية إلى المعركة، وهو ما يشير إلى فشل كبير لهذه التكنولوجيا باهظة الثمن والتي عجزت عن التعامل مع ما حصل على الأرض. فحتى التكنولوجيا باهظة الثمن والمتطورة للغاية لم تتمكن من عرقلة الهجوم.

 

ووفقاً للمعلومات الحالية، قُتل ما لا يقل عن 900 شخص في إسرائيل على أيدي حماس وتم اختطاف عدد غير معلوم من الإسرائيليين والعودة بهم عبر الحدود، أي تم عبور الجدار بالاتجاهين لأكثر من مرة، وهو ما يشير إلى فشل الأجهزة لعدد كبير من المرات وليس لمرة واحدة فقط، فماذا حدث؟

 

كان هناك حاجز يبلغ طوله 65 كيلومترا يحمي الأراضي الإسرائيلية من الهجمات الآتية من غزة. ووصف وزير الدفاع آنذاك بيني غانتس المنشأة بأنها “جدار مصنوع من الحديد وأجهزة الاستشعار والخرسانة”، عند افتتاح مرحلة التوسعة الأخيرة قبل عامين تقريباً.

 

وكانت الحكومة فخورة ببنائها الذي عمل فيه 1200 عامل، وتم نقل حمولة 330 ألف شاحنة من الرمال والحجارة والتراب، وتركيب مليوني متر مكعب من الخرسانة، واستخدام 140 ألف طن من المعدن.

 

وقيل في ذلك الوقت إن هناك الكثير من حديد التسليح الذي يمكن استخدامه لتغطية الطريق من إسرائيل إلى أستراليا.

 

وحسب المجلة، فإن نظام الحدود المذكور هدف إلى تجنب المخاطر على الأرض.

 

إذ لم يكن الجدار، المجهز بعدد لا يحصى من أجهزة الاستشعار عالية التقنية، فوق الأرض فحسب، بل كان أيضاً يحتوي على أجهزة تحت الأرض لمنع محاولات الاختراق وحفر الأنفاق فوق الأرض، وكثيراً ما كانت حماس تتحدى إسرائيل بالانفاق. قبل 17 عاماً اختُطف الجندي جلعاد شاليط تحت الأرض، ولكن بعد توسيع المرافق الحدودية، لم يعد هذا موجودا.

 

المجلة الألمانية أجرت مقابلة مع خبير أمني متخصص يعمل في جامعة تتبع الجيش الألماني في ميونيخ. وقال: “أمر صادم أن يتم ترك الكثير من الفجوات مفتوحة ضمن جدار أمني يتم التحكم به عبر التكنولوجيا ومجموعة أمنية بشرية مساندة”.

 

الخبير الألماني حلل مقاطع الفيديوهات الخاصة بالهجوم والتي يتم تداولها على شبكات التواصل الاجتماعي، ورصد قدرات متواضعة واختراقات تمت للتكنولوجيا الأمنية التي تدير الجدار.

 

وبين أن ما جرى هو أمر بسيط لكن مهم، العديد من الأمور تطورت، ومن الواضح أنه لم يتم تطوير أو إدخال بيانات جديدة للجدار.

 

وزاد: “من المدهش أن بعض الأشياء التي كانت تقلق الخبراء لسنوات لم تكن متوقعة على ما يبدو. على سبيل المثال، لم أكن أعتقد أنه من الممكن أن تتمكن طائرات من دون طيار بسيطة تحمل قنابل يدوية من تدمير صفوف من أبراج المراقبة وحتى دبابة”.

 

طائرات بلا طيار

 

وواصل: “كان ينبغي على الإسرائيليين أن يدركوا هذا الخطر، وأن يتفادوه إن أمكن”، موضحا أن “إرسال طائرات من دون طيار رخيصة الثمن محملة بالقنابل اليدوية إلى أهداف ثمينة هي استراتيجية معروفة أيضاً من حرب أوكرانيا. هذه الطائرات أو الأجهزة البسيطة كان من الممكن أن يراها شخص يحمل منظاراً على الفور، ولكن يبدو أنه تم الاعتماد الكامل أو الأكبر على التكنولوجيا الأمنية التي أظهرت فشلها”.

 

ومنذ نهاية الأسبوع الماضي “أصبح من الواضح أنه لا يمكن الاعتماد على هذه التكنولوجيا، جاء المهاجمون من البحر والجو، ومن البر: استخدموا الزوارق البخارية، والطائرات الشراعية الآلية التي تحلق ببطء، وسووا السياج بالأرض بالجرافات، والشاحنات الصغيرة والدراجات النارية، ودمروا تكنولوجيا المراقبة بطائرات من دون طيار، لقد فشل النظام بأكمله”، تبعا للخبير.

 

في الأسابيع والأشهر المقبلة، “سيتعين على المسؤولين في إسرائيل أن يحللوا كيف حدثت الكارثة وسيتحدث الناس عن فشل أجهزة المخابرات التي كان من المفترض أن تراقب اتصالات المسلحين وتسعى لاختراق مجموعاتهم”، وفق الخبير، الذي أضاف: “سيكون هناك جدل حول الدور الذي لعبته الاعتبارات الاستراتيجية العسكرية، ويشمل ذلك نقل القوات من الجنوب إلى الضفة الغربية من أجل ضمان السلام هناك، بعد أن أدت سياسات حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية بشكل متزايد إلى احتجاجات الفلسطينيين”.

 

سبب فشل رئيسي

 

واعتبر الخبير الألماني أن “الحلول الأمنية التي تعتمد فقط على التكنولوجيا غالباً ما تعتمد على افتراض أن العدو غير قادر على التفكير الموازي القادر على إبطال قدرة هذه الأجهزة، وهذا سبب فشل رئيسي”. وزاد: “بطبيعة الحال، هناك جدل حول مدى فعالية نظام الحدود عالي التقنية. المشكلة واضحة، الحلول الأمنية التي تعتمد فقط على التكنولوجيا غالبا ما تعتمد على افتراض أن العدو لا يطور نفسه بسرعة، وقدرات تفكيره محدودة، ولا يفكر في المستقبل ولا يتكيف معها”.

 

وتابع: “يبدو أن المهاجمين الذين طاروا ببطء وعلى ارتفاع منخفض باستخدام الطائرات الشراعية كانوا قادرين على التفوق على أجهزة الاستشعار؛ وكان من الممكن أن يرصدها شخص يستخدم منظارًا على الفور”.

 

وختم : “عدم وجود أشخاص في أبراج المراقبة كان أيضاً قراراً سياسياً. أدت الأتمتة واسعة النطاق لمراقبة الحدود إلى تقليل خطر تحول المواقع إلى أهداف للقناصة من غزة. ومع ذلك يبقى السؤال: لماذا لم تتمكن التكنولوجيا من حماية الإسرائيليين؟”.

القدس العربي

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.