احتياج محلي أم فرض خارجي.. ما الجديد الذي يحمله بن مبارك لليمنيين؟
خفّضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لإسرائيل إلى "إيه 2" (A2) مع نظرة مستقبلية سلبية، في حين علّق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على ذلك بقوله "اقتصاد إسرائيل متين، وخفض التصنيف الائتماني سببه أننا في حالة حرب".
وقالت موديز إن سبب تخفيض التصنيف الائتماني لإسرائيل هو الحرب مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وتداعياتها، كما توقعت الوكالة ارتفاع أعباء الدين في إسرائيل عن توقعات ما قبل الحرب.
وأضافت موديز أن مخاطر تصاعد الصراع مع حزب الله لا تزال قائمة، مما يزيد احتمالات تأثير سلبي كبير على الاقتصاد الإسرائيلي.
في الأثناء، سارع نتنياهو إلى التقليل من أهمية التخفيض، مشيرا إلى أن اقتصاد إسرائيل متين، وأن خفض التصنيف الائتماني سببه الحرب، مضيفا أن "الاقتصاد سيعود إلى الانتعاش مجددا بعد النصر".
وينعكس التصنيف الائتماني في العادة على قدرة الدول على الحصول على القروض ومدى الثقة في قدرتها على الوفاء بالالتزامات المالية في موعدها.
وكلما كان التصنيف أفضل، كانت المخاطر المرتبطة بالاقتراض أقل، وبالتالي الحصول على شروط أفضل وكلفة أقل للاقتراض.
بعد فترة من التكهنات والتسريبات، أُعلن عن تعيين أحمد بن مبارك رئيسا جديدا لمجلس الوزراء خلفا لمعين عبدالملك.
لطالما كانت الانتقادات توجَّه لمعين عبدالملك من أكثر من مكان، حتى من شركائه في الحكومة، وتصاعدت مؤخرا مع الانهيار الكبير للعملة الوطنية، وما تبعه من تدهور اقتصادي.
تعيين بن مبارك على رأس الحكومة الشرعية احتياج محلي أم مفروض من الأطراف الخارجية؟!
- الوقت والمكان الصحيحين
يقول المحلل السياسي الدكتور عبدالوهاب العوج: "تعيين الدكتور أحمد عوض بن مبارك جاء في الوقت الصحيح وفي المكان الصحيح"، مرجعا ذلك لعدة أسباب".
وأضاف: "أنا أعرفه منذ وقت طويل، ومنذ أيام دراستنا للدكتوراة، هو رجل قيادي، يمتلك كاريزما القيادة، خريج إدارة واقتصاد، كنا في جامعات بغداد، مشهود له -حينما كنا في صفوف حزب البحث- بأنه رجل متمكن، يؤدي الأعمال في وقتها، تلا ذلك تعيينه أمينا عاما للحوار الوطني، أثبت نجاحات، وكان أحد رجال الساحات في صنعاء، وكنا على تواصل دائم".
وتابع: "أنا على قناعة تامة أنه يمتلك كثيرا من الأوراق، التي ستخدم عملية التغيير".
وأشار إلى أن "التغيير لم يكن بعصا سحرية، وتغيير فجائي وكبير، لكنه سيكون أفضل حالا بكثير من ما ارتكبه الدكتور معين عبد الملك، الذي أحدث خللا كبيرا في الأوامر المباشرة، وفي ضرب القوانين".
وزاد: "الفساد صاحب مرحلته (معين)، سواء في الاتصالات أو في قضايا الشراء المباشر، المشتقات النفطية، قضية الكهرباء كثقب أسود، قضية العقود النفطية، وقضية بيع ميناء قشن لشركات، وكان يسند لشركات لم تكن موجودة، ولا تشتغل في المجال".
ويرى أن "الدكتور أحمد بن مبارك جاء أيضا في ظرف تغيّر المشهد، وهناك توجه أمريكي - بريطاني لإصلاح الحال بحيث يكون لهذا اليمن استقرار، وأن لا يتحول إلى صومال آخر يهدد الملاحة الدولية والوضع على المستوى الإقليمي والدولي".
يتوقع الدكتور العوج أن "أمريكا وبريطانيا ستفرضان نوعا من التدخل على السعودية والإمارات بتقليل المشاكسات فيما بينهم، والاهتمام بالوضع اليمني؛ لأن القضية خرجت عن السيطرة، ولا يريدون لمليشيا الحوثي أن تسيطر على باقي الجغرافيا اليمنية" حسب قراءته.
وخلص إلى القول إن "الدكتور أحمد عوض بن مبارك يمتلك عدة أوراق تؤهله لأن ينجح، ويكون هذا النجاح شاملا كاملا، لكنه سيكون تدرُّجيا أفضل ممن سبقه، خاصة وأن ملفات الفساد، التي صاحبت الدكتور معين عبدالملك، هو مطلع عليها، ويفهم تفاصيل الوزراء، ونقاط القوة والضعف في الحكومة، وسيعمل عليها بوجود دعم سعودي واضح؛ لأن الانتقالي أراد أن يعين أحد أعضائه كرئيس للحكومة" حسب وجهة نظره.
وأضاف: "هناك عوامل ستلعب دورها في اليمن، وهذه العوامل المؤثرة على الساحة المحلية هي انعكاس أيضا للعوامل المحلية والاقليمية والدولية"، مشيرا إلى أنه "يجب قراءة الواقع قراءة صحيحة لا قراءة تشاؤمية".
وأوضح أن "الأمريكان والبريطانيين والسعوديين والإماراتيين يريدون أن تستقر اليمن بالحد الأدنى، وأن لا تتحول إلى صومال جديد ينفرط عقدها"، مستدركا: "اليمن منفرط عقدها منذ 2014، لكنهم لا يريدون لهذا الانفراط أن يخرج عن السيطرة".
وتابع: "الحوثي حينما يخرج عن الخطوط الحمراء ستضطر أمريكا وبريطانيا أن توعزا للإمارات والسعودية بتخفيف التشاكس داخل اليمن، ومحاولة إيجاد حكومة نوعا ما تحاول أن تنجح في الملفات الاقتصادية، وأن تقلل الفساد الموجود في الحكومة السابقة، وتحاول أن تعمل توازنا بحيث تجابه المليشيات الحوثية من خلال القوة اليمنية".
واستطرد: "الأمور تغيرت دوليا وإقليميا، وهناك عامل مؤثر كبير جدا هو أن الحوثيين يهددون الملاحة الدولية، وليس فقط أمريكا وإسرائيل فقط"، مؤكدا أن "الحوثيين متفقون مع الأمريكان لتدويل البحر الأحمر..".
وزاد: "هناك دول وازنة، مثل روسيا والصين واليابان والاتحاد الأوروبي ستتأثر بهذا الأمر، ولهذا يجب أن نستفيد من هذا الأمر ونستغله في الوقت المناسب ولا ننتظر الأيام، ويكون لدينا الاستعداد لتقديم التضحيات".
وأشار إلى أن "اليمن لن يتحرر من مليشيا الحوثي بأن تأتي قوات أمريكية لتحرره"؛ قائلا: "نحن من نحرر أنفسنا بدعم، والغرب عموما هو يؤمن بمنطق القوة والسيطرة على أرض الميدان".
- المسألة ليست في الأشخاص
بدوره، يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء، الدكتور عبدالباقي شمسان: "نحن في وضعيةِ -على المستوى المحلي وعلى المستوى الدولي- صناعةِ واقعٍ جديد، ومتغيراته على المستوى الإقليمي وعلى المستوى المحلي".
وأضاف: "المشكل في اليمن ليس بمعين ولا بأي رئيس وزراء، حتى لو جينا بمهاتير محمد يدير الشأن اليمني، المشكل الآن هو أنه لا بُد عندما نؤسس لحكومة -في هذا التوقيت- أن تكون لهذه الحكومة مؤسسات، وجغرافيا، ورؤية للمحلي والإقليمي والدولي".
وأوضح متسائلا: "كيف يمكن لرئيس حكومة جديد أن يدير أو يصنع القرار والقرار في المناطق الجنوبية خارج نفوذه، وفي مناطق هيمنة الحوثي خارج النفوذ، وفي ما يسمى بالشرعية محل تضارب مصالح، هذا على المستوى المحلي".
وتابع: "وعلى المستوى الدولي، هناك صراع على الممرات الدولية، بمعنى أن هناك طريق الحرير الصيني، وبالتالي هناك طريق بن جوريون، وهناك طريق يمر من الإمارات يمر على السعودية وعلى الأردن وعلى إسرائيل منافس لقناة السويس".
وزاد: "هذا يعني أن البحر الأحمر لا بُد منطقيا أن يظل لفترة طويلة خارج السيطرة، وبالتالي سيظل القصف للحوثيين قصفا لمخازن السلاح أو مواقع تنفيذ الهجوم؛ لأن هناك تخطيطا دوليا للعودة إلى الجغرافيا في الشرق الأوسط، ولا بُد أن توجد قوات بريطانية وأوروبية في كل الممرات الدولية".
ويرى أن "هناك تحولا يشبه سايس بيكو في المنطقة، وهناك صراع على تحديد نفوذ إيران ونفوذ إسرائيل في المنطقة، بحيث يتم تأسيس مشروع أبراهام، الذي يقوم على التطبيع مع إسرائيل مقابل خفض تهديد إيران، هذا واقع دولي".
وتابع: "الواقع المحلي، كيف يمكن أن نعول على أن معين عبدالملك، سواء كان سكرتيرا للسفير السعودي أو لغيره، أن يحدث فارقا بينما رئيس الحكومة ينبغي أن يكون لديه مؤسسات، وما يسمى بمؤسسة السيادة وإدارة الإدارة العامة، وهو لا يستطيع أن يحمي سكنه الخاص؛ لأن هناك مشروعا آخر إماراتيا في المناطق الجنوبية، وهناك صراع سلطنة عُمان مع دول خليجية أخرى على بعض المناطق في اليمن، وهناك الحضور السعودي".
ويرى أن "المسألة ليست في ارتباط الأشخاص، المسألة الآن هل هناك سلطة وطنية قادرة على أن تكون ممثل الإرادة الوطنية، وتدرك التحولات الدولية".
وبيّن أن "الموضوع الخارجي والموضوع الداخلي، لا معين عبدالملك ولا رشاد العليمي، ولا حتى بن مبارك هو قادر على أن يدير الشأن".
واستطرد: "لا بد لأي شخصية أن تدير الشأن اليمني أن يكون لديها رؤية ما فوق وطنية، رؤية وطنية، رؤية لما قبل وطنية، بإدراك كامل وسلطة لممارسة السيادة".
وقال: "نحن في مرحلة في غاية الخطورة، هناك صراع دولي على المنطقة، هناك تواجد عسكري دولي في البحر الأحمر وغيره".
وأضاف: "البحر الأحمر سيظل محل صراع ومحل انفلات أمني؛ لأنه خلال هذه الفترة سيتم فتح طريق بن جوريون، وسيتم فتح طريق بري بين السعودية والإمارات والأردن إلى إسرائيل، وبالتالي تظل اليمن غير مستقرة".
وتابع: "العليمي وبن مبارك هما مجرد موظفَيْن لدى دول التحالف، وعلاقاتهما بالغرب وبدول التحالف مرتبطة بالممول"، قائلا: "لا أعتقد أن العليمي أو بن مبارك شخصيات تمثل الإرادة الوطنية، أو أنها قادرة على تغيير القرار الدولي".
التعليقات