حال وصول ترامب إلى الحكم.. ماذا ينتظر العلاقات التركية الأميركية؟
تحدثت صحيفة تركية عن إمكانية حدوث تغييرات في العلاقات بين واشنطن وأنقرة، في ضوء الانتخابات الرئاسية بالولايات المتحدة خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
وقالت صحيفة يني شفق في مقال للكاتب التركي "قدير أوستون" إن نتائج الانتخابات الأميركية والتغيرات في السلطة لها أبعاد تهم العالم كله تقريبا.
فعلى الرغم من أن الاستمرارية هي الأساس في العديد من القضايا السياسية، فإن ملفات المرشح الجديد وتفضيلاته تحدد أولويات السياسة الخارجية الأميركية.
النهج القادم
وذكر الكاتب أن هوية المرشحين، الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس المتناقضة للغاية في الانتخابات ستحدد بشكل كبير نهج أميركا تجاه القضايا العالمية والإقليمية.
من الناحية التي تتعلق بمستقبل العلاقات مع تركيا، فإن توقع الاستمرارية أو التغيير ليس أمرا خاطئا.
ومن الصعب القول أيضا إن الأزمات التي تنشأ بشكل دوري بين واشنطن وأنقرة يمكن التغلب عليها دائما.
ومع ذلك، يمكن القول إن العلاقات الثنائية بين تركيا وحلف شمال الأطلسي تستند إلى البنية التحتية المؤسسية التي يوفرها التحالف.
وتعزز تلك العلاقات أهمية تركيا إقليميا بالإضافة إلى السياسات الخارجية المستمرة للولايات المتحدة.
في الواقع، كانت العلاقات التركية الأميركية تظهر طابعا متقلبا على مر العصور، وفق الكاتب.
وأضاف أنه حتى في فترة الحرب الباردة التي يفترض أنها الأكثر استقرارا في العلاقات، كانت جزيرة قبرص الرومية تثير قضية العقوبات على تركيا.
وتابع: دعمت تركيا العراق عام 1991، وكانت هدفا لانتقادات الكونغرس بشأن حقوق الإنسان في سياق مكافحة الإرهاب في التسعينيات.
وبين أن تركيا نجحت في التغلب على الآثار متوسطة المدى لبعض الأزمات التي واجهتها في الماضي.
ففي عام 2000 رفضت تركيا فتح جبهة شمالية للمشاركة في غزو العراق، مما أثر على العلاقات التركية العراقية والعلاقات الإقليمية.
ومع ذلك، تمكنت تركيا من إدارة هذه الأزمة والحفاظ على استقرارها الداخلي والإقليمي عام 2008.
إذ جرى عد تركيا دولة رئيسة في جهود الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما لتحسين العلاقات مع العالم الإسلامي.
وقد جرى تقدير دور تركيا بسبب مكانتها الإقليمية والدولية ودورها الإستراتيجي في المنطقة.
وأصبحت الديناميكية الإيجابية التي خلقتها الأطروحة القائلة بأن تركيا يمكن أن تكون دولة نموذجية للمنطقة في بداية الربيع العربي جرحا نازفا في العلاقات الثنائية مع دعم الولايات المتحدة لحزب الاتحاد الديمقراطي، وهو الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، في الحرب السورية.
صناعة الدفاع
وأردف الكاتب: من المعروف أن جهود تركيا لتأمين قدراتها العسكرية والدفاعية من مصادر وطنية استمرت على مر العصور.
فقد حققت تركيا، التي تعد واحدة من العملاء المهمين للمنتجات الدفاعية الأميركية، تقدما كبيرا في تلبية احتياجاتها الدفاعية بالإنتاج المحلي.
واشترت تركيا نظام إس 400 الروسي لتلبية احتياجات الدفاع الجوي مما أدى إلى إحداث أزمة في العلاقات الدفاعية مع الولايات المتحدة.
وأشار الكاتب إلى التغلب جزئيا على هذه المشكلة بعد موافقة الكونغرس على بيع طائرات إف 16 لتركيا.
ومع ذلك، فإن استمرار فرض عقوبات "قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات" يؤدي إلى استمرار تقييد التعاون الدفاعي الثنائي.
وبين الكاتب أن تركيا استطاعت تقوية قدراتها الوطنية في صناعة الدفاع بسبب قيود بيع الأسلحة ونقلها التي فرضها الكونغرس الأميركي بناء على تأثير اللوبيات المعادية لأنقرة.
وتابع: وبصرف النظر عن المشاكل في العلاقات الدفاعية، تبرز الأزمة الرئيسة في العلاقات التركية- الأميركية باستمرار الدعم العسكري الأميركي لوحدات حماية الشعب في شمال سوريا.
وذكر أن دعم الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، الذي يهدد الأمن القومي التركي بشكل مباشر بحيث يتماشى مع الإستراتيجية الأميركية المتمثلة في "العمل مع الشركاء المحليين"، قد خلق مشكلة ثقة عميقة في العلاقات الثنائية.
وهذا الدعم، أضفيت الشرعية عليه من خلال القتال ضد تنظيم الدولة خلال حقبة أوباما والحجج بعدم ترك الميدان لروسيا وإيران في عهد ترامب.
لكنه يعني أن “الجماعة الإرهابية التي تهدد سلامة البلاد في نظر تركيا لديها الفرصة لتطوير القدرة الإستراتيجية”.
اختلاف النهج
ورأى الكاتب أن المساهمة السياسية لواشنطن في إلغاء خطط حزب الاتحاد الديمقراطي التي تسعى لاتخاذ قرار في هذا المجال والاستماع إلى مواقف تركيا في هذه المسألة كانت خطوة بناءة لزيادة الثقة في العلاقات الثنائية.
ويسهم الاستمرار في هذا الاتجاه ومشاركة أميركا مع تركيا في قضايا أخرى مثل الهجرة والمساعدات الإنسانية والحل السياسي في تجاوز مشكلة الثقة المتبادلة.
وأردف الكاتب التركي: على الرغم من أن مواقف تركيا والولايات المتحدة في أزمة غزة (العدوان الإسرائيلي منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023) متعاكسة تماما، فإن كثافة الاتصالات الدبلوماسية تشير إلى مساهمتهما المشتركة في جهود وقف إطلاق النار والتوصل إلى حل.
وبالنظر إلى أن هذه الأزمة هي قضية إقليمية، فإن الأثر المباشر على العلاقات التركية الأميركية محدود نسبيا ولكنه يضر بإمكانية اتباع سياسة مشتركة في العديد من القضايا الإقليمية الأخرى.
ومع زيادة احتمالية تحول التوتر بين إيران وإسرائيل إلى حرب إقليمية، وتعبير الولايات المتحدة عن استعدادها للدخول في صراع مع تل أبيب في المنطقة، يضيق المجال أمام الدبلوماسية.
وتابع: سلوك إسرائيل العنيد وعدم رغبتها بأي حل في فلسطين يشير إلى أنه لا يمكن التوصل إلى أي تقدم دون ضغط أميركي كبير وشامل.
ولا يمكن القول إن ترامب وهاريس لديهما نية لممارسة ضغط من هذا القبيل، وفق الكاتب.
فبعد انتخابات نوفمبر يمكن توقع أن تحتل العلاقات الدفاعية والقضيتان السورية والفلسطينية مكانة مهمة في العلاقات التركية الأميركية. وستستمر الديناميكية في هذه المجالات بغض النظر عن فوز ترامب أو هاريس.
فقد كان لدى ترامب الكثير من الوقت المخصص لتركيا خلال فترة رئاسته ويمكن أن يكون التواصل مع الرئيس رجب طيب أردوغان ميزة.
ومع ذلك، فإن عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب قد يؤدي إلى فترات أكثر اضطرابا في العلاقة.
من ناحية أخرى، قد يؤدي ضعف خبرة هاريس في السياسة الخارجية إلى استمرار سياسات فترة الرئيس الحالي جو بايدن بأسماء مختلفة.
وقد يكون من حسن حظ هاريس أن يكون لدى مستشاريها في السياسة الخارجية وفريقها أشخاصاً يعرفون تركيا.
وختم الكاتب القول إن اعتراف واشنطن بأن إصرار أنقرة على صنع السياسة الخارجية ورفضها أن تكون تابعا سلبيا لسياسات أميركا ينتج قيمة سيكون لها تأثير إيجابي على العلاقات الثنائية.
التعليقات