كيف تحول أكبر مصنع اسمنت في اليمن إلى منشأة حوثية ؟
في تصعيد عسكري غير مسبوق، شنّت القوات الجوية الإسرائيلية، في 5 مايو 2025، خمس غارات جوية مدمرة استهدفت مصنع إسمنت باجل في محافظة الحديدة اليمنية، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 34 آخرين، وفقًا لما أعلنته جماعة الحوثي. تأتي هذه الضربات ردًا على هجوم صاروخي نفذته الجماعة على مطار بن غوريون الدولي في تل أبيب، والذي أدى إلى إصابة ستة أشخاص وتعليق الرحلات الجوية مؤقتًا.
المصنع، الذي يُعد من أقدم وأكبر المنشآت الصناعية في اليمن، تأسس عام 1973، وشهد عدة توسعات، أبرزها في عام 2009 عندما تم رفع طاقته الإنتاجية إلى 1.1 مليون طن سنويًا بدعم من قرض صيني ميسر بقيمة 113 مليون دولار. كما يضم المصنع محطة توليد كهرباء بقدرة 32 ميجاوات.
وكانت القيمة الإجمالية للمصنع، وفق تقديرات ناتجة عن تلك التوسعات، تصل إلى نحو 400 مليون دولار، قبل أن يدخل مرحلة جديدة عام 2019، حين أعادت جماعة الحوثي تشغيله بعد سنوات من التوقف. وتم ذلك من خلال استخدام معدات من مصنع إسمنت البرح بمحافظة تعز، الذي تعرض للنهب، إلى جانب إنشاء سلسلة مصانع أخرى في الحديدة وحجة. وبلغ إنتاج المصنع من مادة الكلنكر، منذ ذلك الحين، أكثر من 750 ألف طن سنويًا.
وفقًا لتقارير إعلامية، فإن الغارات استهدفت منشآت يُشتبه في استخدامها لأغراض عسكرية، بما في ذلك مخازن وقود. وتشير وثائق حديثة إلى أن جماعة الحوثي قد حولت أجزاء من المصنع إلى منشآت عسكرية، مما جعله هدفًا للضربات الإسرائيلية.
ورافقت هذه المرحلة موجات احتجاج عمالي متكررة، خاصة بعد تعيين فيصل العريقي، الذي سبق أن قضى فترة في السجن، مديرًا عامًا للمصنع في 2019. وتشير وثائق حديثة، إحداها مؤرخة عشية الغارات، إلى أن الحوثيين حولوا أجزاء من منشآت المصنع إلى خزانات وقود تُستخدم لأغراض عسكرية، بحسب ما جاء في تلك الوثائق.
تُعد هذه الضربات جزءًا من تصعيد أوسع في المنطقة، حيث تستمر التوترات بين إسرائيل وجماعة الحوثي، المدعومة من إيران، في التصاعد، مما يثير مخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في اليمن.

التعليقات