تعرف عليها ..رغم التهديدات الإسرائيلية.. سفينة "مادلين" تبحر من صقلية نحو غزة محمّلة بالمساعدات والرسائل الإنسانية
في خطوة شجاعة وتاريخية، أبحرت سفينة "مادلين" من ميناء كاتانيا بجزيرة صقلية الإيطالية، في الأول من يونيو/حزيران 2025، ضمن مهمة إنسانية تهدف إلى كسر الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 17 عامًا، حاملة على متنها مساعدات رمزية ومجموعة من النشطاء الدوليين من مختلف الجنسيات، في تحدٍّ غير مسبوق للتهديدات الإسرائيلية.
تحالف دولي وتاريخ من النضال السلمي
تنظم الرحلة "اللجنة الدولية لكسر الحصار عن غزة"، ضمن إطار "تحالف أسطول الحرية"، وهو تحالف دولي تأسس عام 2010 عقب مجزرة سفينة "مافي مرمرة"، التي هاجمتها قوات إسرائيلية في المياه الدولية، ما أسفر عن مقتل 10 نشطاء أتراك واعتقال العشرات. ومنذ ذلك الحين، أطلق التحالف أكثر من 30 مهمة بحرية بهدف إيصال المساعدات الإنسانية لسكان غزة، والتنديد بسياسة الحصار.
وقد سُمّيت السفينة "مادلين" تكريمًا للصيادة الفلسطينية مادلين كلّاب، أول امرأة فلسطينية تعمل في مهنة الصيد في قطاع غزة، كرمز للمقاومة المدنية والكرامة الإنسانية.
رسالة إنسانية وشحنة رمزية
تحمل السفينة على متنها شحنة إنسانية رمزية، لكنها بالغة الدلالة، تشمل:
-
مساعدات طبية عاجلة
-
أكياس دقيق وأرز
-
حليب أطفال وحفاضات
-
منتجات النظافة الشخصية والنسائية
-
أطراف صناعية وعكازات للأطفال
-
مجموعات لتحلية المياه الصالحة للشرب
كما تحمل السفينة رسالة احتجاج واضحة موجهة إلى المجتمع الدولي، بسبب صمته المستمر تجاه الحصار المفروض على غزة، والذي يشتد قسوة في ظل العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر 2023، والذي خلّف آلاف القتلى والجرحى، وأدى إلى انهيار النظام الصحي والإنساني في القطاع.
نشطاء بارزون على متن "مادلين"
يضم طاقم السفينة 12 ناشطًا ومتضامنًا دوليًا، بينهم:
-
غريتا تونبرغ، ناشطة المناخ السويدية
-
ريما حسن، نائبة فرنسية في البرلمان الأوروبي
-
عمر فياض، صحفي في قناة الجزيرة
-
تياغو أفيلا، ناشط برازيلي داعم للقضية الفلسطينية
-
باسكال موريراس، ناشط فرنسي شارك في أساطيل سابقة
-
بابتيس أندري، طبيب فرنسي
-
ياسمين آجار، ناشطة ألمانية من أصل كردي
-
ريفا فيارد، ناشط مناخي
-
سوايب أوردو، ناشط تركي
-
ماركو فان رينيس، طالب هندسة بحرية هولندي
-
سيرجيو توريبيو، عضو في منظمة Sea Shepherd
-
يانيس محمدي، صحفي فرنسي
ويُذكر أن جميع المشاركين خضعوا لتدريبات مكثفة على تقنيات اللاعنف ومواجهة الاعتقالات أو الهجمات العسكرية، وأكدوا أنهم في "مهمة سلام وليست مواجهة".
موعد الوصول.. وسيناريوهات المواجهة
من المتوقع أن تصل السفينة إلى حدود 100 ميل بحري من سواحل غزة خلال الساعات الـ48 المقبلة. وتصف اللجنة الدولية لكسر الحصار هذه الساعات بأنها "حاسمة وخطيرة"، خاصة في ظل التهديدات المتزايدة من قبل السلطات الإسرائيلية.
وقد أعلنت إسرائيل رسميًا أنها لن تسمح للسفينة بالوصول إلى غزة، وهددت باستخدام القوة، وذكرت تقارير إسرائيلية أن الجيش قد يستخدم وحدات الكوماندوز البحري، أو يُجبر السفينة على التوجه إلى ميناء أسدود، مع توقيف المشاركين فيها.
القانون الدولي على المحك
ترفع سفينة "مادلين" علم المملكة المتحدة، ما يضع على عاتق بريطانيا مسؤولية قانونية لحمايتها وفقًا لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار. وقد طالبت النائبة الأوروبية ريما حسن المجتمع الدولي بضمان أمن السفينة وعدم اعتراضها، محذرة من أن أي اعتداء عليها سيكون "خرقًا فاضحًا للقانون الدولي".
أصوات من قلب البحر
وفي تصريحات خاصة، أكدت الناشطة الألمانية ياسمين آجار أن السفينة تبحر حاليًا قبالة السواحل المصرية، وأن الطاقم مستعد لكل السيناريوهات، بما فيها اعتراض عسكري إسرائيلي، أو اعتقال، أو حتى هجوم مباشر بطائرات مسيرة أو غواصات.
أما الطبيب الفرنسي بابتيس أندري، فأعرب عن خشيته من استخدام إسرائيل "قوة مفرطة" ضد طاقم لا يحمل أي سلاح، سوى المساعدات الإنسانية والصوت الأخلاقي.
من جانبه، شدد الناشط تياغو أفيلا على أن الأولوية القصوى للطاقم هي الحفاظ على الأرواح، مشيرًا إلى أنهم قد يُجبرون على إخلاء السفينة في حال تعرضها لهجوم مباشر.
عمل رمزي.. لكنه عظيم التأثير
ورغم صغر حجم السفينة، يقول زاهر بيراوي، رئيس اللجنة الدولية لكسر الحصار، إن "مادلين" تحمل على متنها "رسالة ضمير إنساني حي، ونضال رمزي يعبّر عن الإرادة الحرة لشعوب العالم"، مضيفًا: "قد لا تكسر السفينة الحصار عمليًا، لكنها تكسره أخلاقيًا أمام صمت المجتمع الدولي".
المصدر: الجزيرة + وكالات
التعليقات