تجديد ولاية "أونمها".. مؤشّر على تجميد الحديدة وإعادة توزيع النفوذ في البحر الأحمر
في قراءة تحليلية عميقة، اعتبرت ورقة صادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية أن قرار تمديد ولاية بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) لم يأتِ كإجراء روتيني، بل يعكس تحولات استراتيجية تتجاوز الإطار الإنساني والسياسي التقليدي، باتجاه ترسيخ معادلات جديدة للنفوذ في البحر الأحمر.
الورقة التحليلية التي نشرها المركز مؤخراً، شددت على أن تجديد مهمة البعثة الأممية يمثّل في جوهره "تجميدًا فعليًا لمعركة تحرير الحديدة"، في إطار تسوية غير معلنة، قد تكون مشروطة أو جزءاً من تسويات إقليمية أوسع، يتصدرها الملف النووي الإيراني، وسط مساعٍ دولية لإغلاق الملفات المشتعلة في المنطقة بنوع من التهدئة المنضبطة.
وبحسب الورقة، فإن بعثة "أونمها" فقدت دورها التنفيذي منذ سنوات، بعد أن فرضت جماعة الحوثي سيطرتها الفعلية على مقراتها، لتتحول إلى واجهة شكلية بلا تأثير حقيقي في تنفيذ اتفاق ستوكهولم. ورغم ذلك، جاء التمديد الأخير في لحظة إقليمية حساسة، تتقاطع فيها حالة من الهدوء المشبوه في الداخل اليمني مع تصعيد غير معلن على مستوى الإقليم.
وتربط الورقة بين قرار التمديد وسلسلة من التطورات المتزامنة، في مقدمتها تفاهمات غير رسمية بين جماعة الحوثي والولايات المتحدة، أدت إلى توقف الهجمات المتبادلة في البحر الأحمر، بالإضافة إلى الضربات الجوية الإسرائيلية على مواقع حوثية في ميناء الحديدة، والتي وصفتها الورقة بأنها "تهيئة تكتيكية" لمشهد قادم قد يتضمّن مواجهة مفتوحة.
وتضيف الورقة أن هذه الترتيبات تأتي في ظل تقاعس إقليمي ملحوظ، لا سيما من السعودية ومصر، عن الانخراط في تحالفات عسكرية جديدة، مما دفع الولايات المتحدة إلى انتهاج مقاربة أكثر استقلالية لحماية مصالحها الاستراتيجية، بعيداً عن الاعتماد على الشركاء التقليديين في المنطقة.
الفراغ الناتج عن هذا الانكفاء العربي، تقول الورقة، فتح الباب أمام قوى مثل روسيا والصين لتعزيز حضورها عبر دعم غير مباشر للحوثيين، في إطار صراع دولي أوسع على النفوذ في الممرات البحرية الحيوية. في المقابل، تقف الحكومة اليمنية في موقفٍ ضعيف، تعاني من شلل داخلي وانقسامات سياسية، أفقدتها القدرة على استثمار هذه المتغيرات لصالح قضيتها الوطنية.
ووسط هذه التحولات المتسارعة، تحذر الورقة من أن "الهدوء الحالي ليس إلا محطة مؤقتة"، وأنه قد يُمثّل مقدمة لصراع أشمل يعيد تشكيل موازين القوى الإقليمية، من طهران إلى الحديدة، مروراً بكافة نقاط النفوذ البحري في البحر الأحمر.
اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”
التعليقات