بين تنافس القوى المحلية والإقليمية.. تقرير أمني يكشف خريطة النفوذ والسيطرة العسكرية في المهرة
كشف تقرير أمني موسع أعدّته منصة "ديفانس لاين" عن خريطة النفوذ العسكري والأمني في محافظة المهرة، أقصى شرقي اليمن، مسلطًا الضوء على التنافس المتنامي في هذه المحافظة ذات الموقع الجيوسياسي الاستراتيجي، الذي جعلها محور اهتمام أطراف محلية وإقليمية ودولية، وسط تداخلات سياسية وعسكرية متشابكة.
المهرة، ثاني أكبر المحافظات اليمنية مساحة (أكثر من 67 ألف كم²)، تطل على البحر العربي وتجاور سلطنة عمان بحدود تمتد نحو 290 كم عبر سلسلة جبلية وصحارى الربع الخالي، وتتلاقى مع الحدود السعودية شمالًا. هذه الجغرافيا الفريدة، إلى جانب المنافذ البرية والبحرية الحيوية، جعلت المحافظة ساحة صراع على النفوذ منذ سنوات الحرب.
يقود المحافظة المحافظ محمد علي ياسر، القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتولى أيضًا رئاسة اللجنة الأمنية والعسكرية العليا، ويعاونه وكيل أول المحافظة العميد مختار بن عويض الجعفري. ومن مكتبه، تُدار غرفة العمليات المشتركة التي تنسق بين القوات النظامية البرية والبحرية والأمنية.
القوات النظامية الوطنية
تتبع هذه القوات وزارة الدفاع اليمنية، وتتلقى دعمًا من الحكومة والتحالف العربي، خصوصًا السعودية. مهمتها تأمين العاصمة الغيضة، مطار الغيضة الدولي، منفذي شحن وصرفيت مع سلطنة عمان، والموانئ الساحلية (نشطون، قشن، سيحوت، خلفوت)، إضافة إلى مكافحة التهريب.
تقع المهرة ضمن نطاق المنطقة العسكرية الثانية، لكنها مؤطرة في محور الغيضة بقيادة اللواء محسن مرصع، الذي يدير فعليًا العمليات العسكرية، ويعاونه العميد الركن فيصل المطري (أركان المحور) والعميد سالم مخبال (ركن العمليات). يضم المحور وحدات عدة منها لواء الشرطة العسكرية، اللواء 137 مشاة ميكا في الغيضة، واللواء 123 مشاة في مديرية حات، وكتيبة أمن الطرق، وكتيبة المهام الخاصة ومكافحة الإرهاب، وقوات حرس الحدود.
التشكيل البحري وخفر السواحل
يمتد الشريط الساحلي للمهرة 560 كم على البحر العربي، وتنتشر فيه قوات بحرية بقيادة العميد الركن سعيد مسيبع، وقوات خفر السواحل بقيادة العميد الركن عبدالقادر المحضار، مدعومة من قطاع البحر العربي وخفر السواحل السعودي. تقوم هذه القوات بدوريات استطلاع ومكافحة التهريب عبر غرفة عمليات مشتركة ورادار بحري في ميناء نشطون.
قوات "درع الوطن" السلفية
منذ مطلع 2025، دفعت الحكومة وقيادة القوات المشتركة للتحالف بوحدات من "درع الوطن"، وهي قوات سلفية مدعومة سعوديًا، تمركزت في معسكر بمديرية قشن. يقودها الشيخ السلفي عبدالله بن سديف المهري، وتضم اللواء الخامس والسادس بالفرقة الثالثة درع الوطن. واجهت هذه القوات رفضًا مجتمعيًا في محاولتها الانتشار بالغيضة.
القوات الأمنية
تخضع كليًا لوزارة الداخلية، بقيادة العميد مفتي صموده، وتشمل قوات الأمن الخاصة، وأمن المنشآت، وإدارات الشرطة في المديريات، مع انتشار أمني في النقاط الحيوية.
التواجد السعودي والقوات الأجنبية
منذ 2015، تتمركز قوات سعودية برية وبحرية وقوة واجب "804" في مطار الغيضة ومواقع استراتيجية، بقيادة العميد الركن البحري محمد البلوي، مع تقارير عن وجود قوات أجنبية أخرى مرتبطة بمهام مكافحة الإرهاب والتهريب البحري.
الحريزي ومعسكراته
ينشط الشيخ علي سالم الحريزي عبر ما يعرف بـ"لجنة الاعتصام"، وهي تجمعات قبلية بدأت منذ 2017 ضد التواجد السعودي، مدعومة من سلطنة عمان وبدعم سياسي وإعلامي من قطر والحوثيين، وفق التقرير. أسس الحريزي معسكرات في مديرية حات ومديرية شحن، ويدير شبكات تجنيد تصل – بحسب تصريحه – إلى عشرة آلاف مقاتل، مع اتهامات بالتنسيق مع الحوثيين وتسهيل التهريب عبر الحدود والسواحل.
غياب نفوذ الانتقالي الجنوبي
رغم حضوره السياسي عبر فرعه المحلي بقيادة مجاهد بن عفرار، فشل المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيًا في تشكيل قوة عسكرية أو أمنية مؤثرة في المهرة، مكتفيًا باستقطاب بعض القيادات المحلية ضمن هياكله التنظيمية.
ويخلص التقرير إلى أن محافظة المهرة أصبحت مسرحًا لتنافس إقليمي ومحلي معقد، حيث تتشابك المصالح بين السعودية، سلطنة عمان، قطر، والحكومة الشرعية، إضافة إلى حضور الحوثيين غير المباشر، في ظل واقع أمني هش وتحديات جغرافية تسهّل نشاط التهريب وتفرض على القوات المنتشرة هناك مهام معقدة وطويلة الأمد.
اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”
التعليقات