اكتست شوارع وأحياء وأسواق محافظة مأرب منذ أيام ببهجة استثنائية، حيث ارتفعت الأعلام الوطنية وصور رموز النضال في كل زاوية استعدادًا للاحتفاء بالعيد الـ63 لثورة 26 سبتمبر، والـ62 لثورة 14 أكتوبر، والـ58 لعيد الجلاء.

المظاهر الاحتفالية لم تقتصر على المرافق الرسمية أو الساحات العامة، بل شملت المنازل والسيارات والأسواق، في مشهد يعكس عمق ارتباط اليمنيين بقيم الحرية والجمهورية التي حملتها هذه الثورات ضد الحكم الإمامي والاستعمار البريطاني.

وتحوّلت مدينة مأرب إلى لوحة وطنية نابضة بالحياة، إذ شهدت أجواء فرائحية مبكرة مع توافد المواطنين إلى الأسواق لشراء الأعلام والشعارات وصور القادة التاريخيين. وفي الوقت نفسه، شكّلت تجارة الأعلام مصدر رزق مؤقتًا للباعة المتجولين، ومعظمهم من النازحين الذين وجدوا في هذه المناسبة الوطنية فرصة لتأمين قوت يومهم.

رمزية سياسية ووطنية

تكتسب هذه الاحتفالات في مأرب ومناطق الشرعية أهمية مضاعفة، باعتبارها رسالة تحدٍ واضحة لميليشيات الحوثي التي تحاول طمس رمزية ثورة 26 سبتمبر وإعادة إنتاج الحكم الإمامي.
ففي الوقت الذي تسعى فيه الميليشيات إلى تغيير الهوية الوطنية في مناطق سيطرتها، يواصل اليمنيون في مأرب التمسك بثورة سبتمبر كمنارة للحرية، ومصدر فخر يختصر تضحيات أجيال ناضلت في سبيل الجمهورية.

كما أن إحياء ذكرى ثورة 14 أكتوبر التي اندلعت ضد الاستعمار البريطاني في الجنوب، وعيد الجلاء الذي توّج الاستقلال الوطني، يعكس وحدة الوجدان اليمني شمالًا وجنوبًا، رغم ما تشهده البلاد من انقسامات سياسية وصراعات مسلحة.

مأرب.. حصن الجمهورية الأخير

يرى مراقبون أن مأرب لم تعد مجرد محافظة تحتضن ملايين النازحين، بل باتت رمزًا للصمود الجمهوري في مواجهة المشروع الحوثي المدعوم إيرانيًا. ولهذا فإن الاحتفال بالثورات اليمنية في شوارعها يحمل دلالات تتجاوز الطابع الاحتفالي، ليصبح فعل مقاومة وإصرار على التمسك بالجمهورية كهوية جامعة.

وبحسب ناشطين، فإن أبناء مأرب والمناطق المحررة ينظرون لاحتفالات سبتمبر وأكتوبر كفرصة لتجديد العهد بمواصلة النضال ضد كل محاولات النكوص إلى عهود الاستبداد، مؤكدين أن "ثورة 26 سبتمبر ليست ذكرى عابرة، بل قضية حياة أو موت بالنسبة للشعب اليمني".