زلزال في واشنطن.. اتهام جون بولتون بتسريب «أسرار دولة» ويواجه السجن المؤبد
في واحدة من أكثر القضايا السياسية والأمنية إثارة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث، وجهت هيئة محلفين اتحادية كبرى في واشنطن اتهامات رسمية إلى مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، المقرب سابقًا من الرئيس دونالد ترمب، تتعلق بسوء التعامل مع معلومات استخباراتية سرية للغاية خلال فترة عمله في البيت الأبيض.
ووفقًا للائحة الاتهام المؤلفة من 26 صفحة، فإن بولتون يواجه 18 تهمة جنائية تشمل نقل معلومات مصنفة "سرية للغاية" إلى أفراد من عائلته دون تصاريح أمنية، وذلك باستخدام بريد إلكتروني شخصي وتطبيقات مراسلة مشفرة بين عامي 2018 و2019، عندما كان يشغل منصب مستشار الأمن القومي.
وتشير الوثائق إلى أن بولتون قام بإرسال أكثر من ألف صفحة من ملاحظاته اليومية التي تضمنت تفاصيل عن خطط عسكرية وعمليات استخباراتية ومصادر حساسة، مع علمه بخطورة ما ينقله. وقد تضمنت بعض الملاحظات عبارات مباشرة مثل: «قال موجز الاستخبارات...» و*«أثناء وجودي في غرفة العمليات علمتُ...»*، في إشارة واضحة إلى الطابع السري للمعلومات.
القضية أعيد فتحها بعد أن تعرضت حسابات بولتون في عام 2021 للاختراق من قِبل هاكر مرتبط بالحكومة الإيرانية، ما كشف وجود مواد سرية داخل رسائله. وقد فشل بولتون حينها في إبلاغ مكتب التحقيقات الفيدرالي بأن حسابه يحتوي على معلومات حساسة، وهو ما اعتُبر عنصرًا حاسمًا في توجيه الاتهامات ضده.
وتعود جذور الأزمة إلى عام 2020، حين حاولت إدارة ترمب منع نشر مذكراته الشهيرة "الغرفة التي حدث فيها ذلك" التي هاجم فيها الرئيس علنًا، لكن القضية أُعيد فتحها في عهد إدارة بايدن بعد اكتشاف مراسلاته غير الآمنة. وفي أغسطس 2025، داهمت قوات الـFBI منزل بولتون ومكتبه وصادرت أجهزة ووثائق تحتوي على معلومات مصنفة.
ويواجه بولتون اليوم اتهامات بموجب قانون التجسس لعام 1917، وهو القانون نفسه الذي استخدم في ملاحقة قضايا تتعلق بهيلاري كلينتون ودونالد ترمب وجو بايدن. ويرى خبراء قانونيون أن القضية قد تتحول إلى محاكمة تاريخية تمس جوهر الأمن القومي الأمريكي، خصوصًا في ظل أجواء الانقسام السياسي الحاد.
في المقابل، قال محامي بولتون آبي لويل إن القضية "مغلقة منذ سنوات" وإن ما فعله موكله لا يُعد جريمة، معتبرًا أن الاتهامات "محاولة سياسية لترهيب منتقدي ترمب". بينما ردت المدعية العامة بام بوندي قائلة: «لا أحد فوق القانون، وكل من يهدد أمن الولايات المتحدة سيُحاسب».
ومن المقرر أن يسلم بولتون نفسه اليوم للسلطات الفيدرالية، ليمثل أمام محكمة في جرينبيلت بولاية ماريلاند، وسط اهتمام إعلامي غير مسبوق. وفي حال إدانته، قد يواجه السجن المؤبد، لتصبح قضيته واحدة من أهم المحاكمات السياسية والأمنية في تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
التعليقات