"الإفطار الجماعي" في المساجد والأحياء عادة اليمنيين لتشارك روحانية الصيام (تقرير خاص)

يحرص "عبد الرحمن عبد الله" على الإفطار الجماعي خلال شهر رمضان في المسجد برفقة أصدقائه وأبناء حارته التي يسكن فيها بالعاصمة صنعاء، حيث يشعر بأجواء رمضان أكثر من الإفطار بالمنزل مع عائلته، حيث اعتاد على الإفطار الجماعي منذ سنوات وما يزال محافظ على عادته، لشعوره الدائم بأنه يمارس سلوك مميز.

ويعد الإفطار الجماعي عادة يمارسها كثير من المواطنين في العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، إما في ساحات المساجد أو في الأحياء، حيث يتجمعون قبل أذان المغرب، وكل شخص يخرج من منزله بفطوره ويفترشون الأرض ويجمعونها، ويتناولون الفطور بشكل جماعي.

ومائدة الإفطار الأولية لدى اليمنيين، والتي يكون وقتها من أذان المغرب حتى إقامة الصلاة، تضم التمر، والماء، والقهوة، والسنبوسة، والسحاوق (صلصلة حارة من الفلفل الطازج والطماطم ومكونات اخرى). وكلاً حسب ما عنده من فطور يخرجه معه، فبعضهم يحرص على إضافة العصائر، ووجبة الشفوت، وهي وجبة يمنية تتكون من "اللحوح (خبز مكون من الذرة البيضاء وحبوب أخرى)، والزبادي، والسحاوق".

عادة يمنية

يقول عبد الرحمن الشاب العشريني "إن عادة الإفطار الجماعي في المسجد مغروسة في ذاكرته منذ أن كان طفلاً، حيث كان أبوه يأخذه بصحبته إلى المسجد في رمضان ليفطر مع الناس بشكل جماعي، وهذا ما جعله جزء من سلوكه في رمضان لا يمكن أن يتخلى عنه".

وأضاف في حديث لـ "يني يمن" أنه يأخذ فطوره الذي من المفترض أن يأكله في البيت ويخرج لمشاركة أصدقائه في الإفطار بشكل جماعي، وأحيانا يأخذ كمية أكبر لكي تكون كافية للجميع، ويتشارك الأجر من الصائمين الذين يأكلون من فطوره.

ويكتفي "عبد الرحمن" بالفطور الأولي فقط مع أصدقائه بشكل جماعي، ومن ثم يصلي المغرب ويعود للمنزل لتناول العشاء المتكامل برفقة أسرته. ويقول "انه ليس الوحيد من اسرته من يحرص على الفطور الجماعي بالمسجد، انما الرجال كامل في اسرته يمارسون نفس العادة".

وبعد صلاة المغرب يعود غالبية الناس إلى منازلهم لتناول العشاء مع أسرهم وهذا ما يحدث في العاصمة صنعاء، غير أن بعض المحافظات يؤخرون العشاء حتى الانتهاء من صلاة التراويح، للحفاظ على لياقتهم لأداء الصلاة، ولأن الوقت قصير لا يستطيعون الاسترخاء في تناول العشاء الرمضاني، حيث يلاحقهم آذان صلاة العشاء والتراويح.

العطاء والتشارك في الطعام

ويمارس اليمنيون الإفطار الجماعي بشكل تلقائي بعيداً عن تنظيم الجمعيات الخيرية المهتمة بمشاريع "إفطار الصائم" حيث تعد سلوكاً مجتمعياً راسخاً في أذهان الكثير من اليمنيين، وينعكس ذلك إيجاباً على الكثير من المارة والمسافرون والفقراء حيث يجدون الطعام متوفراً للجميع.

وبإمكان أي صائم متأخر عن منزله أو مسافر أو عامل او طالب يعيش في المدينة بلا أسرة، أن يذهب إلى المسجد أو أقرب حي يتم فيه إفطار جماعي، فيجلس إلى جوارهم ويتناول فطوره مثل الجميع ودون أن يشارك طعاماً من عنده، كونه لا يجده متوفراً بسهولة بعكس الذين يأتون من منازلهم.

ويحرص بعض الأشخاص على جلب كمية فطور كثيرة، لكي يكون كافياً للجميع من الأشخاص عابري السبيل، والذين يدخلون المسجد للبحث عن فطور مما يقدمه الأهالي في موائد الإفطار الجماعي، والتي في العادة تكون فيها تنوع كبير في النكهات والمذاق، لكونها من أكثر من منزل.

كرم اليمنيين

ويقول التربوي عمار الجابري "إن غالبية العادات اليمنية والسلوكيات مرتبطة بأصالة الكرم لدى المواطنين بشكل عام من خلال تقاسم ما عندهم من الإفطار مع بعضهم، دون أي فرض أو شعور بالتكلف المادي في إعداد الإفطار بشكل مختلف".

وأضاف في حديث لـ "يني يمن" أن هذه العادات ترسخ القناعة في الافراد والشعور بغيرهم، إما من خلال مخالطتهم والأكل مما يأكلون، وإطعامهم مما يأكلون أيا كان نوعه أو جودته، بالإضافة إلى فتح المجال للأخرين ممن يعيشون بلا اسر للأكل من وجبات المنازل بالمجان وتشارك الطعام.

وإلى جانب الإفطار الجماعي الذي يتشاركه الناس في الاحياء والمساجد، يعمل بعض الميسورين في المال على توزيع الإفطار للمارة قبل أذان المغرب، والبعض الآخر منهم يفتح مائدة جماعية في منزله للفقراء، والعمال، والطلاب ومنهم بعيدون عن أسرتهم ويعيشون بمفردهم، والمسافرين.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية