نحن عين اليمن في بلاد المهجر ..
اشترك ليصلك كل جديد صوت وصورة


المسلمون والتراث [2]

يشهد الشارع والمنتدى الثقافي الإسلامي إلتصاقا حميما بالتراث وعودة جادة صادقة إليه وذلك الإلتصاق ناتجا عن إرادة الإسلاميين توظيف التراث وإستثماره والإستلهام  وأخذ العبرة والعظة منه وقد تكون تلك العودة إلى التراث ناجمة عن إرادة العلمانيين كشف عوار التراث ونقده وتبيين مساوئه و يقسم الباحثون والمفكرون مواقف الناس من التراث إلى ثلاثة مواقف:

الصنف الأول : موقف الذوبان في التراث.

وهذا الموقف يتبناه الكثير من الإسلاميين و رواد الفكر الإسلامي و محبي التراث حيث عمد أصحاب هذا الموقف إلى البحث والتنقيب عن التراث سيئه وحسنه فظهرت كتب الحديث والفقه والطب والهندسة والكيمياء وروادها ومحبيها ونقلوا صورة واضحة عنها كما ظهرت كتب الدجل والتضليل وكتب قصص الجان والعفاريت والوقاية منهم وكتب تفسير الأحلام وكرامات فلان وخوارق علان وهلم جرا من تراثنا الغير مقبول وظهرت كتب تشتمل على أحاديث ضعيفة وموضوعة تنشر دون تحقيق وتنقيح.

وأيضا ظهرت كتب لم تكن لها أي قيمة علمية حين نشرها وتأليفها وطباعتها ونظرا لتعطش الشباب المسلم لتراثه أقبل على قراءتها وتبنى نشرها باعة الكتب ومتنوري العوام فلاقت رواجا كبيرا نتيجة للسطحية  التي عليها كثير من القراء.

وبعد الحرص على نشر ما هو مهم وما ليس مهم من تراثنا يتجلى نوع آخر من أنواع الذوبان في التراث وهو الخوف من كل قول أو رأي ليس له سابقة تراثية فعندما يصدر المفكر أو الباحث قولا يجتهد فيه يخالف فيه السلف ويوافق بعضهم يشنع عليه أرباب الإجتهاد في القول -مهما بلغت درجته العلمية- مع أن الإجتهاد يسمح لصاحبه بالإتيان بأي قول أو رأي يخالف فيه السابقين في إطار معالجته لقضية مستجدة شريطة أن يكون الباحث أو العالم قد بلغ مرتبة الإجتهاد.

وإذا ترك العلماء والباحثون الإجتهاد والاستنباط عولجت هذه المسائل المستجدة والمعاصرة بالقوانين الوضعية ونكون بهذا قد عطلنا مصالح الناس وخالفنا أمر الحق تبارك وتعالى.

الصنف الثاني: الجاحدين للتراث.

لقد حظيت أمتنا بتراث غزير وماض تليد و مجد عريق لم تحظ أمة مثلها بذلك ولكن نظرا لأن التراث يحتوي السيء والحسن ويتضمن الغث والسمين فقد عنيت مراكز البحث والإستشراق  ورجال حركة التغريب بما ساء من التراث وصبوا جام نقدهم وانتقاصهم عليه مهيئيين بذلك أساسات الغزو الثقافي والهجمة الشرسة التي جاءت عقب ذلك.

وبعد أن رحل المستشرقون واصل تلاميذهم من أبناء جلدتنا ما بدأوه من نقدهم للتراث ونقمتهم من العادات والتقاليد الموروثة خصوصا بعد إخفاق الحكومات التي إتخذت من التحديث مسارا لها في إجراء إصلاحات ملموسة وفشلها أيضا  في إستيعاب هموم الشعوب وتوفير الحرية والعيش الكريم لمواطنيها  حينها علق هولاء التلاميذ شماعة فشل حكوماتهم على التراث وما تبقى من العادات والتقاليد المتوارثة في المجتمع وفي هذا الصدد يقول أحدهم: هذا التراث كله بالنسبة إلى عصرنا فقد مكانته لأنه يدور أساسا على محور العلاقة بين الإنسان والله على حين أن ما نلمسه اليوم في لهفة مؤرقة هو محور تدور عليه العلاقة بين الإنسان والإنسان.

-الصنف الثالث: الموقف الانتقائي.

يرى كثير من الباحثين الإسلاميين والمفكرين أن التراث هو نتاج جهود بشرية قد تخطئ وتصيب وبالتالي فإن الموقف السليم من التراث هو إنتقاء ما صح منه وترك ما لم يتوافق منه مع أطر الإسلام ومفاهيمه ومداميكه وأركانه ثم إن السابقين قد يغلب عليهم الركود والجمود فلا يستطيعون الاستفادة من تعاليم المنهج الرباني فيصدرون بتصرفاتهم تراثا سيئا فإذا ما أتى الجيل الراهن وأخذ جزءا من ذلك التراث ووظفه فإن الأخطاء السابقة ستتكرر وبالتالي نستطيع القول أن واحدا من الأسباب التي أوصلتنا  إلى حالة التقهقهر المعاش هو الإستلهام من التراث الذي لم يوفق فيه السابقون إلى الصواب ويعد الإستناد إلى ذلك النوع من التراث واعتباره على أنه نموذج تاريخي تراثي نوع من النكوص الحضاري وإنتاج الأخطاء من جديد.

ومن الممكن القول أن قدرتنا على التعامل الصحيح من التراث يرتبط بمدى أصالة وعمق ثقافتنا ومدى وعينا بمتطلبات عصرنا وحاجاته  وإمكاناته.

وهذا الاضطراب في تعاملنا مع التراث لا يدل إلا على خلل في ثقافتنا ووعينا بعصرنا ومتطلباته وحاجاته ويدل أيضا على ما نعانيه من نقص في فهم متطلبات الواقع وإستشراف المستقبل.

برنامج اليمن الكبير الحلقة الثانية : "عاصمة الروح" .. صنعاء

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.




وسيبقى نبض قلبي يمنيا