زاوية من أصل الحكاية!
يزعمُ أنه تركَ خلفه تقليد الفكر التقليدي، وأنه تحرَّر من شرنقةِ رجالِ الدِّين وبقايا الكهنوت!
بينما تجده مقلدًا حدَّ الثُّمالة، للفكر التنويري إن صحَّ التعبير، أو الحداثي. أو الهلامي؛ القائم على فخامةِ الألفاظ وتفخيخها!
بمعنى؛ أنه انتقلَ من الغرامِ بـ صاحبِ لحيةٍ وثوب، إلى المفكر الأنيق!
هذه العيِّنة من النَّاس؛ تعيشُ حالةً من الانفصام، مع شيءٍ من فقدانِ الثقة، يبحثون عن التغييرِ ولو كانَ بطريقةٍ معكوسة، يحبونَ الظهور بصورةِ الباحث، المتمرد، الخارج من الدائرة النمطيةِ التقليدية، التنويريِّ القادمِ من مجاهلِ الفكرِ التقليدي التعيس!
بطبيعة الحال؛ هناكَ شريحة كبيرة من الشباب تعيشُ هذا الدور في الحياة.. يظنُّ أنه تحرر؛ لكنه مقلدٌ بطريقةٍ أخرى.. يظنُّ أنه فكَّرَ خارجَ الصندوق، لكنَّ الحقيقة أنه انتقلَ من صندوقٍ عتيق، ليقبعَ في زوايةٍ من زوايا الصندوقِ الآخر!
البحث عن الحقيقة، ليست مراهقة فكرية، كما إنها ليست استعراضًا للعضلات، بكلمةٍ من هنا وهناك.. البحثُ عنِ الحقيقة لابدَّ له من ضريبة، أن تقصد الحقَّ لا الخَلق، أن تسيرَ في طريقِ البحث الطويل، المحفوف بالمكاره والمشاق، لا أن تقعدَ خلفَ المكرفت يقودكَ كالأعمى، ويتمتمُ في أذنيك: أخيرًا تحررتَ من قيودِ الظَّلام! وهو يقودكَ إلى المجهول!
لا تدري أينَ الكتاب، وما طبيعة الطريق الذي تتشدق به، ولا تعرفُ حبسَ النَّفس على تتبعِ الحقيقة، ولا تعرفُ ماذا قال الأول، ولماذا يفرُّ الأخير من قولِ الأول؟! ولا تعرف من مصطلحِ (التُّراث) الا هذه اللفظة وكفى! بالإضافةِ إلى جملةٍ تحفظها - بطبيعةِ الحال- دونَ تقليدٍ لأحد؛ تقولُ فيها: لابدَّ من إعادةِ النَّظر في التراث!
السِّكَّة ليستْ من هنا،
إنكَ تسيرُ في طريقٍ ضبابي، بلا ملامح!
تركتَ طريقًا وسلكتَ طريقًا آخر..
لم تفكِّر أن تختار طريقًا ثالثًا لعلَّ فيه النَّجاة الموصلِ إلى الطريقِ الصحيح!
وإنما اكتفيتَ بالطريقِ المريح؛ لأسبابٍ عدة، يأتي على رأسها أنها تضفي عليكَ لقبـ (مفكِّر متحرر) في وقتٍ قياسي!
السِّكَّة ليستْ من هنا أيها المفكِّر العظيم!
التعليقات