اليمن الكبير|| المهرة بوابة اليمن الشرقية

بيان حول الجبايات الحوثية والخمس في ميزان الشرع

الحمد لله رب العالمين القائل : (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ) سورة البقرة 188

 والصلاة والسلام على محمد بن عبد الله القائل : ( مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ، مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً، وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلَةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلَى أُمَّتِي، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلَا يَتَحَاشَى مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِي لِذِي عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَلَيْسَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْهُ ) أخرجه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه .

 أما بعـــــــد :

  فإن الحوثي اغتصب السلطة بغيا ، ونهب أموال الدولة والممتلكات الخاصة والعامة جبرا وعليه فولابته جبرية لا شرعية عقلا وشرعا ، ولقد انقلب على كل مخرجات الحوار والاتفاقات الداخلية والخارجية ، وجر اليمن إلى وضع لا يحسد عليه ولا يخفى على أحد ، ولذا استنكر أبناء اليمن أفعاله وأحواله ومع مرور الزمن ظهر ما كان خفيا مما كان ينكره سابقا ، وسينكشف حتى يظهر عواره لكل عاقل في الوطن .

 والناظر بعمق في استراتيجية الحوثي يعلم أنه يتعلق بكل وهمٍ في تفسير نصوص القرآن والسنة والقوانين واللوائح لتبرير أفعاله وتصرفاته المستنكره ، فيفسرها على حسب هواه ، بغرض إيجاد أي مسوغ شرعي أو غير شرعي لجباية الأموال من أبناء الشعب اليمني لدعم جبهاته القتالية باسم المجهود الحربي أو المولد النبوي أو الواجب الزكوي أو القانون الضريبي أو الاحتفال الطائفي أو غير ذلك مما يعلمه القاصي والداني .

 ولم يكتف بذلك فهو يتجه اليوم لتقرير وإصدار قوانين ولوائح باسم الخمس بلباس طائفي وساعده على ذلك وجود ثغرات قانوينية تسربت أثناء فترة السلطة السابقة قام بها بعض أتباعه .

 فاستدعى هذا منّا وجوب البيان مع ظهور مخالفته للعيان براءة للذمة وإقامة للحجة ، وذلك في الفقرات التالية :

 أولا : أصول وأحكام شرعية ثابتة .

اعلموا أنّ هذه الشريعة المطهرة وردت بعصمة أموال العباد وأنه لايحل شيء منها إلا بطيبة من أنفسهم وأنّ خلاف ذلك من أكل أموال الناس بالباطل .

 ومن أصول الشريعة أن الناس سواسية كأسنان المشط ، ولا فضل لهاشمي على عربي ولا لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود ولا لجنوبي على شمالي إلا بالتقوى والعمل الصالح ، وعليه فالناس أمام القانون سواء .

 وأنّه لا ولاية شرعية إلا لمن ترضاه الشعوب المحكومة ، وأنّ تصرف من ليس له ولاية شرعية وجوده كعدمه لأنّ ما بني على باطل فهو باطل .

 وعليه فكل تصرفات الحوثي أو أي جهة باغية يخالف هذه الأصول الثابتة فإنّها مردودة شرعا ومخالفة يجب إنكارها ولا يجوز إقرارها أو الرضا بها أو السكوت عليها .

 ثانيا : لا شرعية للحوثي وما بني على الباطل فهو باطل .

إنّ مبنى الجبايات الشرعية قائم على شرعية السلطة القائمة ، لكنّ سلطة الحوثي غير شرعية بل هي حكم جبري غاصب بدون اختيار أو رضى شعبي متحقق .

 وعليه : فكل هذه الوسائل من الحيل في الجبايات لا وجه لها في الشرع ، ولو سلمنا جدلا أنّ لبعضها وجها فلا يجوز تسليمها للحوثي الباغي أبدا لأنّه لا شرعية له أصلا ، على أنّه حين يجمعها جبرا لا يصرفها في مصارفها الشرعية المعروفة بل في حروبه العبثية الداعمة لسلطته الباغية ، فالتسليم له من إتلاف المال وإضاعته ، ومن التعاون على الإثم العدوان وليس من القيام بالحقوق الشرعية ولا تبرأ به الذمة .

 ثالثا : لا شرعية لما يصدر من قرارات ولوائح .

إنّ كل ما يصدر عن الحوثي أو أي باغ من أحكام أو قوانين أو لوائح أوإجراءات تنفيذية أو إجراءات إدارية فإنه لا وجه له شرعي أو مسوغ قانوني ، لأنّ هذا التصرف مبناه على أنّ له شرعية لكن الواقع أنّ المصدر في نفسه فاقد الشرعية ، وفاقد الشيء لا يعطيه ، وعليه فكل هذه الإصدارات إنّما هي من مظاهر الإفتئات على السلطة الشرعية.

  رابعا : لا عبرة بالوسيلة إذا أدت إلى مقصد مخالف .

 الأصل أن الحوثي تصرفاته غير شرعية مقصدا ووسيلة ، لكنّا لو سلمنا أن الإجراء الجزئي الذي هو وسيلة له وجه شرعي إلا أنّه وسيلة لمقصد غير شرعي ومن فاقد للشرعية وعليه فإن النتيجة أنّه لا وجه له شرعا بالكلية لأنّ الوسائل في الشريعة لها أحكام المقاصد ، وما كان وسيلة إلى ممنوع فإنّه محظور .

 أما إذا كانت الوسيلة الجزئية غير شرعية لتحقيق مقصد غير شرعي أيضا كما هو الغالب عند الحوثي فظلمات بعضها فوق بعض .

خامسا : الخمس الوارد في الشرع .

دَنَا - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ بَعِيرٍ، فَأَخَذَ وَبَرَةً مِنْ سَنَامِهِ، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَيْسَ لِي مِنْ هَذَا الْفَيْءِ شَيْءٌ، وَلَا هَذَا - وَرَفَعَ أُصْبُعَيْهِ - إِلَّا الْخُمُسَ، وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ، فَأَدُّوا الْخِيَاطَ وَالْمِخْيَطَ» أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن .

فإذا كان ليس للنبي صلى الله عليه واله وسلم في أموال المسلمين شيء فكيف بغيره ؟ حتى الخمس فإنه مردود عليهم .

والخمس الوارد شرعا إنما هو في غنيمة الكفار والفيء والركاز ، ولا دلالة فيها لما يريد الحوثي إصداره من عدة وجوه :

 الوجه الأول : أنّه لا شيء من ذلك له وجود اليوم ليستحق النظر فيه وفي مصرفه فالخوض فيه من التكلف التي نهينا عنه شرعا .

 الوجه الثاني : أنّه لا دلالة فيها المطلوب الذي يريد الحوثي تقرير الخمس فيه ، وعليه فتقرير الخمس في الصيد برا وبحرا وفي النفط والملح والكري والاسمنت ونحوها وفي الخراج وما يؤخذ من أهل الذمة ، وفي الدر والياقوت والجواهر ، وغيرها هو رأي الهادوية ولا وجه له شرعا بل هو من أكل أموال الناس بالباطل الوارد به نص القرآن الكريم والسنة النبوية ومخالف لجمهور علماء الأمة .

 أما غنائم أموال الكفار فهي التي استولى عليها المسلمون في الحرب ، فإن لم يكن حرب بل وقعت الغنيمة بلا إيجاف قتال فهي فيئ ولكن الواقع أنه لا غنائم ولا فيئ اليوم لأن الحرب في اليمن بين المسلمين وعليه فلا وجه للخوض في تفاصيل أحكام الشرع من حيث المصارف إذ لا وجود لها في الواقع يوجب التوضيح لأن الخوض فيه من التكلف .

  وأما الركاز فالمعنى المجمع عليه في  الركاز هو دفن الجاهلية وهو مقتضى اللغة وفهم علماء الشريعة ، فأين دلالة النص على ما قرره ؟

 وما ورد تحريمه بيقين فلا يجوز تخصيصه إلا بيقين أو غلبة ظن لا مجرد الاحتمال أو الوهم ، فمن القواعد الشرعية أنّه لا عبرة بالتوهم  .

 الوجه الثالث : أنّ طريقة الحوثي في ذلك هو بناء أحكام ملفقة ، ينطلق فيها من الهوى لا الحجة ، وليست جارية على قواعد شرعية ثابتة ، وإنّما تعتمد على آراء الهادوية الشاذة المخالفة لجمهور علماء الأمة ، وعليه فالحذر من ردود الفعل في التعاطي مع الجزئيات قبولا وردا بدون رؤية كلية شاملة ومقاصدية مآلية .

 سادسا : هذه التصرفات تستدعي سرعة القيام بالمسؤولية .

 هذه التصرفات من الحوثي وكل المليشيات الباغية في اليمن فيها تحذير لكل أبناء الشعب اليمن وكل أطياف اللون السياسي وللسلطة الشرعية والحكومة وللتحالف العربي والأمم المتحدة تنادي أنّ تطاول الحرب وتأخر الحسم وبقاء قيادات الدولة خارج الوطن ينذر بوضع لا يحمد عقباه ولا يصب في مصلحة البلد حالا ومآلا وقد أعذر من أنذر ، وأنّه يجب على الجميع تحمل المسؤولية في القيام بالواجب للخروج من هذا الوضع القائم واتخاذ الإجراءات اللازمة في أقرب وقت ممكن .

 اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ، وأبرم لأبناء اليمن أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف ويتهى فيه عن المنكر ، إنك ولي ذلك والقادر عليه يا نعم المولى ونعم النصير .

 وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


       اليمن الكبير || عين اليمن "عدن"


أقراء أيضاً

التعليقات

أخبار مميزة

مساحة اعلانية

اليمن الكبير || “سقطرى جزيرة الدهشة”



وسيبقى نبض قلبي يمنيا