الأورومتوسطي: إنهاء حصار مدينة تعز أولوية إنسانية ملحة ينبغي العمل على تحقيقها فورًا
دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الأطراف ذات العلاقة بالنزاع في اليمن إلى العمل على نحو جاد وسريع لإنهاء حصار مدينة تعز، واتخاذ جميع الخطوات الممكنة للحد من معاناة ملايين اليمنيين الذين يعيشون هناك.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الخميس، إنّ الظروف الإنسانية الصعبة التي يعيشها السكان في تعز تحتّم على أطراف النزاع والأمم المتحدة إيلاء قضية فك حصار المدينة أهمية قصوى في التفاهمات الجارية، وخصوصًا في ظل الهدنة القائمة، وتطبيق بعض بنودها كوقف العمليات العسكرية، وتسيير أول رحلة تجارية من مطار صنعاء الدولي بعد نحو 6 سنوات من التوقف.
وعبّر المرصد عن أمله في أن تسهم المحادثات المباشرة التي بدأت مساء أمس الأربعاء في العاصمة الأردنية عمّان بين وفدي الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي في فتح الطرق والمعابر في تعز وبقية المناطق، وتمكين السكان من ممارسة حقهم في حرية الحركة والتنقل.
وشدّد على ضرورة التوافق على تمديد الهدنة الجارية منذ مطلع أبريل/ نيسان المنصرم وتنتهي مطلع يونيو/ حزيران المقبل، لإفساح المجال أمام تطبيق مزيد من الخطوات التي نصّ عليها اتفاق الهدنة، والتي من شأنها أن تُسهم في خفض التصعيد، وتخفّف من حدة الأزمة الإنسانية التي تعاني منها البلاد بسبب النزاع.
وينص البند الرابع من اتفاق الهدنة على أنّه "فور دخول الهدنة حيز التنفيذ، سوف يدعو المبعوث الخاص الأطراف إلى اجتماع للاتفاق على فتح طرق في تعز وغيرها من المحافظات لتيسير حركة المدنيين من رجال ونساء وأطفال وتنقلاتهم بالاستفادة من الجو الذي تهيئه الهدنة".
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ جماعة الحوثي التي تسيطر منذ 2015 على معظم المنافذ الحيوية لمدينة تعز، تواصل إغلاق طراق الإمداد وتعيق تدفق المساعدات الإنسانية إلى السكّان المحاصرين، إضافة إلى تقييد حركة تنقّل السكان ودفعهم إلى اتخاذ طرق بعيدة ووعرة وخطيرة تسببت بوفاة العشرات منهم في حوادث منفصلة خلال السنوات الماضية.
ولفت إلى أنّ عمليات القصف والقنص التي نفذتها جماعة الحوثي بوتيرة متفاوتة خلال الأعوام السبعة الماضية أدّت إلى مقتل مئات المدنيين وجرح الآلاف، إذ وثّق تقرير حقوقي مقتل 365 مدنيًا نتيجة عمليات القنص التي نفذها مسلحو الجماعة في المدينة في المدة بين 2015 وحتى نهاية 2020.
وبيّن أن حصار المدينة تسبب في تدهور الأوضاع الإنسانية على مختلف الأصعدة، إذ ارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية بشكل كبير نتيجة ارتفاع تكاليف النقل لطول وخطورة الطرق، إضافة إلى نقص المياه الصالحة للشرب، وضعف مستوى الخدمات الطبية المقدمة للسكان وصعوبة الحصول عليها، وخصوصًا لأصحاب الأمراض المزمنة الذين يسكنون في ريف المدينة ويضطرون إلى قطع مسافات طويلة عبر طرق خطيرة للوصول إلى المدينة والحصول على العلاج.
وقال مدير العمليات في المرصد الأورومتوسطي "أنس جرجاوي": "رغم الأزمة الإنسانية المروّعة التي سبّبها حصار تعز لملايين السكّان، إلّا أنّ التحرك لإنهاء هذه المأساة بقي محدودًا إلى حد كبير، إذ لم يلمس السكّان المحاصرون أي انعكاسات إيجابية للهدنة المُعلنة، ولا بوادر حتى الآن للتخفيف من الحصار الذي تفرضه جماعة الحوثي على المدينة".
وأضاف أنّ "مبادرة الأمم المتحدة ورعايتها للهدنة القائمة تستدعي منها التدخل لدى الأطراف المختلفة لتنفيذ جميع بنودها، وفي مقدمتها فتح الطرق في تعز، والسماح بحرية الحركة والتنقل وتدفق الإمدادات الإنسانية".
وتسبب النزاع الدائر في اليمن منذ أكثر من 7 سنوات بإضعاف السكان على نحو غير مسبوق، إذ بات نحو 23.4 مليون يمني (73% من السكان) يعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، كما أجبرت العمليات العسكرية نحو 4.3 مليون يمني على النزوح داخليًا حتى شهر مارس/ آذار 2022، يعيش نحو 40% منهم في مواقع نزوح غير رسمية ولا يحصلون على الخدمات الأساسية بشكل كاف، وفي كثير من الأحيان تكون تلك الخدمات غير موجودة.
وقُتل حتى مطلع 2022 نحو 377 ألف يمني، 40% منهم قضوا بشكل مباشر خلال القتال، و60% قضوا بسبب الآثار المترتبة على النزاع مثل الجوع والأمراض التي يُمكن الوقاية منها.
ووفق تقديرات وكالات أممية مختصة، يُتوقع أن يتفاقم الوضع الإنساني في اليمن خلال الفترة من يونيو/حزيران إلى ديسمبر/كانون الأول 2022، حيث قد يصل عدد الأشخاص غير القادرين على تلبية الحد الأدنى من احتياجاتهم الغذائية في اليمن إلى رقم قياسي يبلغ 19 مليون شخص.
وفي مايو/ أيّار الجاري، نشر المرصد الأورومتوسطي بالتعاون مع الجامعة اللبنانية الأمريكية ورقة تناولت أبرز العواقب التي يواجهها النازحون في اليمن على الصعيد الإنساني، وخصوصًا في ظل استمرار النزاع وانخفاض التمويل الدولي لعمليات الاستجابة الإنسانية في البلاد.
وحث المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان جماعة الحوثي على الوفاء بتعهداتها بموجب اتفاق الهدنة، وفتح الطرق والمعابر في مدينة تعز وإنهاء عزلها عن باقي المحافظات اليمنية، وعدم تأخير أو ربط هذا الملف الإنساني بملفات سياسية أو ميدانية أخرى.
ودعا المرصد الأورومتوسطي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن "هانس غروندبرغ" إلى العمل مع جميع الأطراف في اليمن لتمديد الهدنة القائمة، بما قد يمهد إلى وقف شامل ونهائي للعمليات العسكرية، ويهيئ الأجواء لإطلاق حوار بنّاء بغية التوصل إلى تسوية سلمية للنزاع تسمح بإنقاذ ملايين اليمنيين من خطر المجاعة.
التعليقات