الإصلاح.. نضال مستمر وتضحيات بلا حدود في مواجهة الانقلاب ووقف التمدد الإيراني
بحلول شهر ايلول/سبتمبر 2022، يكون حزب التجمع اليمني للإصلاح قد أمضى 32 عامًا على تأسيسه، حيث تم الإعلان عنه رسميًا في 13 ايلول/سبتمبر 1990، أي بعد مضي نحو أربعة أشهر من تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في الـ 22 من مايو 1990م.
محطات مشرقة
منذ تأسيسه، لعب الإصلاح أدوارًا بارزة على صعيد العمل السياسي والحزبي، ومرّ بمحطات مشرقة ساهمت في بلورة العمل السياسي في اليمن، بدءًا من المشاركة في السلطة، ثم مغادرتها، وتأسيس اللقاء المشترك، مرورًا بالثورة الشعبية 2011، وصولا إلى انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014، والذي كان لحزب الإصلاح أدوارًا بارزة في مواجهة هذا الانقلاب.
حيث برز دور التجمع اليمني للإصلاح المساند للسلطة الشرعية في مواجهة الانقلاب الحوثي والنفوذ الإيراني في اليمن منذ اليوم الأول لاستعدادات الحوثيين للانقلاب قبل نحو ثمان سنوات؛ ونظرًا للدور الكبير لحزب الإصلاح في تلك الحرب، فإن بعض الأطراف كانت وما تزال تصف المعركة في اليمن بأنها بين الإصلاح والحوثيين فقط.
ويرى مراقبون، أن هذا التوصيف كان الهدف منه؛ محاولة تحييد بعض الأطراف عن المعركة ضد الانقلاب، أو إيجاد مبرر لعدم المشاركة فيها، غير أن ذلك لم يؤثر على طبيعة المعركة، وعلى تحالف الإصلاح مع السلطة الشرعية والتحالف العربي الداعم لها في الحرب على الانقلاب الحوثي والنفوذ الإيراني في البلاد.
موقف واضح
لا ينكر أحد، أن حزب الإصلاح مثّل أبرز القوى السياسية الفاعلة في اليمن، والمساندة للحكومة الشرعية، والرئيس السابق عبدربه منصور هادي، باعتباره الحزب الذي ظل متماسكًا في كيانه التنظيمي، وموقفه السياسي، إزاء تعرض السلطة الشرعية للانقلاب الحوثي في 2014م.
وبرز هذا الموقف الواضح والمعلن لهذا الدعم للسلطة الشرعية، من خلال تأييده المُعلن للتدخل العسكري لدعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية منذ 26 مارس/آذار 2015، فضلا عن كونه الحزب الوحيد الذي لم يشهد انقساما إزاء موقفه الواضح من الانقلاب الحوثي، بعكس بعض القوى السياسية التي ظلت تلعب على الحبلين، أحدهما مع الشرعية والأخر مع الانقلاب.
وقد دفع الإصلاح ثمنًا باهضًا جراء هذا الموقف الواضح والمعلن إزاء رفضه للانقلاب، والوقوف مع الشرعية والتحالف بقيادة السعودية، حيث حرص الإصلاح على انحيازه للوطن والشعب، رغم التضحيات الكبيرة التي دفعها وقدّمها منذ الانقلاب الحوثي على الدولة، مؤكدًا في أكثر من موقف أن هذه التضحيات تهون أمام الوطن، واستعادة الشرعية والدولة.
وقوف مع الدولة
قبل انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014، ركّزت مليشيا الحوثي على استهداف الإصلاحيين والموالين لهم في كل المناطق التي يسيطرون عليها، أو يسعون للسيطرة عليها؛ إلا أن الإصلاح آثر عدم الانفراد بقرار المواجهة، وظل حريصًا على أن يكون التعامل مع تصرفات مليشيا الحوثي في إطار منظومة سياسية تشمل الأحزاب اليمنية كافة أو في إطار التوجه الرسمي الحكومي باعتبار الحوثيين مليشيا مسلحة خارجة عن النظام والقانون.
وإزاء ذلك، كانت القوى السياسية منقسمة على نفسها نتيجة التمدد الحوثي، وكذلك كانت الدولة في حالة من الضعف والعجز عن اتخاذ موقف يتناسب مع مخاطر التوسع الحوثي على حساب الدولة ومؤسساتها وصلاحياتها، باستثناء بعض الوحدات العسكرية التي كانت تقوم بالدفاع عن نفسها إزاء هجمات الحوثيين بين وقت وآخر.
وفي سبتمبر/ايلول 2014، سيطرت مليشيا الحوثي على العاصمة صنعاء، وسرعان ما اقتحموا المؤسسات التابعة لحزب الإصلاح وحلفائه وأنصاره، وفي مقدمتها مقرات الحزب والوسائل الإعلامية الناطقة باسمه أو المؤيدة له، ولم يكن ذلك مفاجئاً، فقد ظلت وسائل إعلام الحوثيين تهدد وتتوعد حزب الإصلاح، والمتحالفين معه من ضباط الجيش والأمن وشيوخ القبائل والنشطاء والإعلاميين وغيرهم.
ثمن باهض
دفع الإصلاح ثمن وقوفه إلى جانب الشرعية والدولة كثيرًا، حيث أعلنت مليشيا الحوثي حلّ حزب الإصلاح، ليتعرض بعد ذلك للتنكيل الذي طال قيادات الحزب وأعضاءه ومقراته وبنيته التحتية، وشمل ذلك القتل والاختطاف والاخفاء واقتحام المنازل والمؤسسات في صنعاء ومختلف المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي.
وبحسب إحصائية نشرها مركز حقوقي يمني في أبريل 2015م، فأن مليشيا الحوثي اختطفت 122 من قيادات وأعضاء حزب الإصلاح ونشطائه في العاصمة صنعاء، خلال يوم واحد، وذلك بعد ساعات من إعلان الحزب تأييد عاصفة الحزم، كما تم اقتحام 17 منزلا من منازل قيادات ونشطاء الإصلاح، و9 من مقرات الحزب التي تعرضت لأعمال نهب واسعة.
إسهام فاعل
ومع تبلور حركة الرفض والمقاومة المجتمعية في مختلف المناطق والمحافظات اليمنية، بعد حالة الضعف والتشرذم التي سيطرت على الدولة والأحزاب السياسية عقب انقلاب مليشيا الحوثي، ظهر موقف الإصلاح بكل قوة مساندًا وداعمًا للمقاومة الشعبية التي تشكّلت في كثير من المناطق، وكان للإصلاح قيادة وقواعد إسهام فاعل في حثّ المجتمع اليمني للنزول لميدان المعركة، لمواجهة انقلاب مليشيا الحوثي.
وفي ميدان المواجهة مع الحوثيين برزت قيادات إصلاحية على رأس المقاومة الشعبية في عدد من المحافظات، وهو ما جعل الحوثيين يصبون جام غضبهم على أعضاء الإصلاح في مناطق سيطرتهم بالكثير من أصناف التنكيل، وصل حد احتجاز قيادات ونشطاء إصلاحيين في مستودعات الأسلحة ليكونوا عرضة لاستهداف طيران التحالف العربي، وفقَد الإصلاح كثيرًا من قياداته في الحرب ضد مليشيا الحوثي، سواء في السجون والمعتقلات أو في ساحات المعارك أو في القصف الذي شنه الحوثيون وطال مؤسسات ومبانٍ ومنازل واقعة وسط الأحياء السكنية في مدن وقرى عدة.
التعليقات