"المولد" يكشف جزءاً من صراعات مليشيات الحوثي.. ثلاثة سلاليين ينافسون (الحوثي) على الزعامة

في خطة التقويم الدراسي في مناطق سيطرة المليشيا، عمدت وزارة التعليم، التي يقودها يحيى الحوثي شقيق عبدالملك الحوثي إلى تخصيص 22 فعالية خاصة بالأسرة أو بالجماعة أو الجارودية نفسها، وحذف ذكرى ثورة 26 سبتمبر من قائمة الفعاليات التي تقيمها الجماعة، في محاولة منها لبناء ايديولوجية خاصة بها، أوساط المجتمع اليمني في المناطق التي تسيطر عليها.

تنوع هذه الفعاليات الحوثية وكثافتها نابعة من أهدافها، حيث يستهدف الحوثي بها مستويات عدة من شرائح المجتمع، فتارة تكون الفعالية تستهدف الشعب كله كفعالية عاشوراء، وأخرى تستهدف الجارودية والأسر المنافسة لأسرة الحوثي كالمولد وذكرى تدخل التحالف أو ذكرى قتل حسين الحوثي، وإن كان المولد بحسب كثيرين تستهدف عموم الشعب، خصوصاً أبناء المحافظات الوسطى والجنوبية، التي كان المولد فيها تقليداً مذهبياً معروفاً ويقام بطقوس عادية يغلب عليها الذكر وإظهار مشاعر الفرح.

في فعالية المولد هذا العام، والتي أقامها الحوثي السبت الماضي في كل المحافظات التي يسيطر عليها بعد تحضير استمر قرابة شهر، لم يتحدث المدعو عبدالملك الحوثي عن أية قضية من القضايا، التي كان أنصاره يتحدثون بأنه سيحسمها، مثل قرار تمديد الهدنة من عدمه، أو قرارات الإصلاح في مؤسسات الدولة، في المناطق التي يسيطر عليها، أو التحديات الأخرى مثل القضايا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية وغيرها، واكتفى بحديث مقتضب باستمرار التحشيد إن استمر القتال، لكن حديثه الطويل اقتصر على تفسير معنى الآية "الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزلنا معه".

ولا يخفى على أحد من أن الرجل يضع نفسه بمقام النبوة، وقد رد القيادي في جماعة الحوثي حسين العزي في (تويتر) على تساؤل لأحد أنصار المليشيا إن كان الاحتفال بمولد النبي أم بعبدالملك بأنه احتفال بالأمرين معاً.

وتصف المليشيا في خطابها جماهيرها في المولد بأنهم ضيوف النبي، وأن أسرة الحوثي، هي أسرة النبي الوارثة مكانه في كل شيء من الدين والحكم والعلم والنبوة وغيرها.

 

المنافسون يظهرون

بنفس التفكير الذي دفع عبدالملك إلى تنظيم الحشد احتفل عدد من القادة الهاشميين من الجارودية في صعدة وصنعاء بالمولد، وكل منهم يرى نفسه الأحق بالإمامة، وهو أمر لم يكن يحدث من قبل في السنوات الماضية، في مؤشر يقول كثيرون إنه إحدى علامات الضعف، الذي يعتري مليشيا الحوثي بعد عقدين من حروبها.

ونشر المرجعية الجارودية الهاشمي يحيى بن حسين الديلمي على حساباته في وسائل التواصل الاجتماعي صورة له السبت، مكتوب عليها الآية "فاتبعوني يحببكم الله" رداً على الآية التي طرحها الحوثي، "الذين آمنوا وعزروه ونصروه".

وبحسب قيادي سابق في اتحاد القوى الشعبية فإن الديلمي الذي بشر بالحوثي قبل سنوات طويلة، وسجن في عهد صالح بتهمة الحوثية نفسها أضعف من الحوثي بكثير من حيث القوة المادية والبشرية، لكنه متفوق عليه وفق شروط المذهب الجارودي.

وأوضح القيادي لـ "العاصمة أونلاين" بأن ما يميز الديلمي أيضاً بأنه يعمل من صنعاء بين أتباعه مباشرة على عكس عبدالملك الحوثي الذي لا يعرف مكانه ولا يلتقي أتباعه مباشرة إلا من وراء الشاشات، كما أن الديلمي يتهم الحوثي باعتناق الجعفرية وتقويض الزيدية الجارودية.

وأضاف "أن الديلمي يستغل الكراهية الشعبية والنقمة ضد القبائل لبدء الدعوة لنفسه".

 

عبدالعظيم الحوثي.. نزاع ومن قلب الأسرة

في صعدة نفسها احتفل محمد عبدالعظيم الحوثي عضو أسرة الحوثي، أحد أقدم خصوم أسرة بدر الدين الحوثي بالمناسبة، منفرداً في مسجد خاص به يصفه بالقداسة في هجرة ربيع.. داعياً لنفسه ومتخذاً الآية (إنما وليكم الله ورسوله) شعاراً لاحتفالاته.

 

جماعة المرشدين.. منافسة صريحة

الأهم من كل هؤلاء كان الاحتفال الذي نظمته جماعة المرشدين الجارودية (التي أسسها المرجع الزيدي الجارودي مجد الدين المؤيدي المتوفي سنة 2007 وخلفه حسين بن يحيى الحوثي المتوفي 2016) بقيادة محمد عبدالله عوض المؤيدي، التي تجرأت فيه صراحة بمنافسة عبدالملك الحوثي ووصفت زعيمها بأنه الامام وحفيد النبي.

واتخذت الجماعة من الآية التي تقول (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) شعارا لها، واستفزت الحوثي أكثر بوضع صور الراحلين مجد المؤيدي وحسين بن يحيى الحوثي، بجانب صورة زعيمها محمد عبدالله عوض المؤيدي، للدلالة على أن الأخير متفوق على عبدالملك من حيث المكانة العلمية وفق مقتضيات وشروط المذهب الزيدي الجارودي، وأيضاً وفق العصبية حيث بعض عائلة الحوثي كانوا مع المؤيدي وليس مع عبدالملك.

 

ما مدى خطورة ذلك على الحوثية؟

خطورة المنافسة وتأثيرها على مكانة عبدالملك الحوثي، بحسب مراقبين فإن المنافسة التي يواجهها عبدالملك الحوثي على منصب الإمامة وممثل عرقية آل البيت والمذهب الجارودي تميل في الظروف الحالية لصالحه، لكنه بدأ يواجه مشكلات يستغلها خصومه.

القيادي السابق في حزب اتحاد القوى الشعبية، والذي رفض الحديث عن اسمه قال إن المشكلات التي تواجه الحوثي نتيجة اعتناقه الشديد للجعفرية وفشله العسكري في السيطرة على اليمن، وسقوط الشعارات التي رفعها قبل إسقاط الجمهورية، واستحواذ أسرته على المناصب العسكرية والمالية وفشل مؤسسات الدولة خلقت تحديات حقيقية لجماعته انشغلت في مواجهتها، بينما استغل خصومه من العرقية الهاشمية تلك التحديات للتحريض على عبدالملك ومسيرته والدعوة لأنفسهم.

إذن بينما كان يهدف عبده الحوثي لتعزيز شرعيته الدينية المنهارة من خلال فعاليات المولد، تجرأ ثلاثة آخرون بذات الطريقة والهدف في كشف انقسامات عميقة وتصدعات داخل الأسر الهاشمية تعمل بالضد من عبدالملك الحوثي.

 

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية