مع اخفاق المنظمات الأممية والدولية في اليمن.. أين تذهب المساعدات؟

شكك العديد من الجهات الحكومية في اليمن بتأثير برامج المساعدات الأممية والدولية في التخفيف من معاناة الشعب اليمني، لافتين إلى أنّ المعونات في مناطق الحوثيين تعكس إخفاقاً دولياً بالتعاطي مع الملف، وضعف التنسيق، والخضوع للميليشيات الإرهابية.

الاتهامات التي توجّه للمنظمات الأممية العاملة من مكاتبها الرئيسية في صنعاء، برزت بشكل لافت مع إعلان مسؤولين أمميين الترتيبات لعقد مؤتمر مانحين جديد بعد أسابيع في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) بالعاصمة السويسرية جنيف، هدفه جمع مزيد من الأموال تحت غطاء أفواه الجائعين في اليمن ومواجهة التحديات الإنسانية جراء الأزمة هناك.

مسؤولون حكوميون في وزارة التخطيط والتعاون الدولي في تصريحات صحفية نقلتها وكالة "سبأ نت" طالبوا الأمم المتحدة ووكالات المساعدات العاملة من صنعاء بالشفافية، بعد فشل استراتيجيتهم خلال الأعوام السابقة في تقديم المساعدة الحقيقية التي ينتظرها الشعب اليمني الذي يمر بأزمة هي الأسوأ على مستوى العالم.

وكل عام تعقد الأمم المتحدة مؤتمراً للمانحين، وتؤكد أنّ الاحتياجات تتصاعد وأفواه الجائعين في تزايد، وأنّ عدد المواطنين الذي يحتاجون إلى مساعدة إنسانية تخطى (23) مليون نسمة، منهم (19) مليوناً بحاجة ماسة للمساعدة، إلا أنّه هذا العام اعتزمت الأمم المتحدة عقد مؤتمرين؛ الأول كان في شهر آذار (مارس) الماضي، والثاني في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) للحصول على أكبر قدر من أموال المانحين لتنفيذ خطة استجابتها الإنسانية التي تبلغ كلفتها أكثر من (4) مليارات دولار.

الغريب أنّ المنظمات الأممية، ومن بينها برنامج الغذاء العالمي، تؤكد أنّ الميليشيات الحوثية تسرق الطعام والمساعدات، وتمارس أبشع الانتهاكات بحق الأعمال والمشاريع الإغاثية والإنسانية والتنموية التي يجري تنفيذها في مناطق سيطرة الحوثيين، إلا أنّ وكالات المساعدات الأممية ما تزال تمارس نشاطاتها من صنعاء وتخضع لسيطرتهم، وفق موقع "يمن نيوز".

وأوضحت الناشطة الحقوقية اليمنية "أفراح ناصر" في مقال نشرته بـ "المركز العربي -واشنطن دي سي"، وهو مركز أبحاث في العاصمة الأمريكية متخصص بالشأن العربي، أنّ الكثير من اليمنيين يشككون في جودة المساعدات الإنسانية الدولية، ويطالبون وكالات المساعدات الأممية وغيرها بالشفافية، وقد دأب عدد متزايد من الخبراء اليمنيين منذ فترة على دق ناقوس الخطر بشأن إخفاقات الاستجابة الإنسانية الدولية في البلاد.

من جانبه، مستشار وزير الإدارة المحلية لشؤون الإغاثة -المنسق العام للجنة العليا للإغاثة جمال بلفقيه، دعا الدول والمنظمات المانحة للضغط على وكالات المساعدات للانتقال من تقديم المساعدات الطارئة إلى تقديم أوجه الدعم لمشاريع الإغاثة ذات الاستدامة ومشاريع التمكين والتأهيل وتوفير فرص العمل للشباب.

الأمم المتحدة تعتزم عقد مؤتمر ثانٍ للحصول على أكبر قدر من أموال المانحين لتنفيذ خطة استجابتها الإنسانية بتكلفة (4) مليارات دولار

وأكد بلفقيه على ضرورة الانتباه والأخذ في الحسبان آثار الصراعات الدولية، بما في ذلك الحرب الروسية -الأوكرانية وانعكاساتها الخطيرة على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في اليمن، وهو ما يستدعي بالضرورة توجه الدول المانحة والمنظمات الدولية الداعمة إلى دعم المشاريع ذات الاستمرارية والديمومة، في مقدمتها دعم قطاعي الزراعة والثروة السمكية كونهما الأهم في توفير الغذاء الأساسي، وذلك من خلال دعم توسعة وإصلاح الأراضي الزراعية، وبناء السدود وإصلاح القنوات ودعم وتشجيع المزارعين والصيادين.

ومع استمرار الصراع في البلاد، طورت ميليشيات الحوثي من عمليات سيطرتها ونهبها للمساعدات الإنسانية، بدءاً من إصدار الهيئات والجهات الرقابية، وأيضاً القوانين والإجراءات التي تتحكم بشكل رئيسي بعمل الوكالات والمنظمات الإنسانية والإغاثية بصنعاء وباقي المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرتها.

وقد سيطرت الميليشيات الحوثية على المساعدات الدولية عبر إنشاء هيئة إنسانية مملوكة لهم في عام 2019 تُسمى "المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي"، وهي هيئة تهدف إلى "تقديم معلومات استخبارية إلى كبار مسؤولي الحوثيين حول مجموعات المساعدات الإنسانية المحلية المستقلة، وفرض مئات القيود على منظمات الإغاثة المحلية والدولية، وفرض الضرائب أو خصم الأموال من المساعدات".

وتشير التقارير إلى أنّ حوالي (20) مليار دولار استلمتها الأمم المتحدة من الدول المانحة، لإنجاز برامجها الإنساني في اليمن، إلا أنّ التأثير الملموس على الأرض محدود جداً.
(حفريات)

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية