ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

خطاب التحريض الديني  بين الاستثناء والتجاوز

الأصل في الخطاب الإسلامي العام هو السلام والرحمة والعدل والتعاون والبر والصلة والحوار والحكمة واللين والمنطق وغيرها من المفردات مع كافة البشر بكافة أديانهم وعقائدهم.

وفي المجتمع المسلم بالذات كما وردت عدد من آيات القرآن الكريم قال تعالى "فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر" الغاشية، وقال تعالى "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن" النحل،  وقال تعالى لموسى وهارون عليهما السلام "اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى"طه.

وبالمناسبة فقد دخل واعظٌ على الخليفة هارون الرشيد فأغلظ في نصحه لهارون الرشيد فلما انتهى من نصيحته قال له الرشيد على رسلك يا هذا!!  فقد أرسل الله تعالى من هو خيرٌ منك إلى من هو شرٌ مني" يقصد موسى وهارون عليهما السلام وفرعون الذي طغى "فقال لهما" فقولا له قولا لينا ".

هذا هو الأصل في الخطاب الإسلامي وخاصة في منابر المساجد والهيئات المعنية بالخطاب والتوعية والإرشاد الديني والعلماء والدعاة البارزين.

وهو هدي النبي صلى عليه وسلم فقد كان رفيقا في خطابه وسلوكه وأوصى بالرفق لمن يأتي بعده بقوله:" إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ".  ونهى عليه الصلاة والسلام عن التشدد والتطرف في حمل الدين والدعوة إليه فقال عليه الصلاة والسلام"إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهراً أبقى".

وقال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين اشتكاه قومه إليه بإطالة القراءة إماما في صلاة العشاء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" أوَ فتَّانٌ أنت يامعاذ".

هذا هو ديننا الإسلامي وهذه سمحاته ووسطيته واعتداله التي جسدها اليمنيون بالمصافحة ولين القلوب ورقة الأفئدة والتكافل والتراحم بينهم وتمثلوا من خلالها الوجه الحضاري للإسلام ونشروه للعالمين.

 

 خطاب التحريض استثناء

يأتي خطاب التحريض كاستثناء خاص بالتحريض على العدو المحارب والمعتدي للحشد والتحريض على القتال وفي مواطن القتال للعدو المحارب ففي الحشد للقتال قال تعالى "وجاهد في سبيل الله لا تُكَلفُ إلا نفسك وحرضِ المؤمنين" النساء.

 وفي مواطن القتال لرفع المعنويات والجاهزية القتالية قال تعالى "يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يك منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يك منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله" الأنفال.

 والعدو المعتدي كحادثة عضل والقارة فقد قنت النبي صلى الله وسلم بكل الصلوات ودعى عليهم بالإسم شهرا كاملا بعد غدرهم بعشرات الصحابة رضي الله عنهم كضرب من ضروب التحريض على عضل والقارة.

 ومسألة التاصيل للعدو المحارب والمعتدي شرعا يجري فيها حكم الحال عند أهل العلم والاجتهاد بكل زمان ومكان كما هو حال جماعة التمرد الحوثي اليوم.

 وينبغي التحريض على قتالها باستمرار في المنابر والقنواتط والإذاعات ومواقع التواصل الاجتماعي، حتى تُخضَدُ شوكتُها وتتبع سبيل المؤمنين وتكف عدوانها على اليمنيين .

 

 ما بالُ أقوامٍ!!

حتى المنافقون والعصاة داخل المجتمع المسلم لا يجوز توجيه التحريض عليهم ونقصد بالتحريض تحديدهم أشخاصا وكيانات حرصا على سكينة المجتمع وترابطه فكان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في مواجهتهم "ما بال أقوام".

 يتنزل القرآن الكريم في شأن المنافقين خلال سنوات العهد المدني حتى أصبح النفاق معلوم الصفات والاشخاص لدى غالبية المجتمع الإسلامي في المدينة نظرا لشهودهم الأحداث ومعايشتهم الوقائع.

ومع ذلك يحتفظ الخطاب القرآني والنبوي معا بعدم ذكر الاسماء والتشهير بها حفاظا على تماسك المجتمع بتجنب الشخصنة والإيذاء للمجتمع من خلال علاقاته بشخوص المنافقين إن ذُكرت أسماؤهم.

 التجاوز في الخطاب

لم تُبلى أمة الإسلام كبلاءها بفكر الخوارج الذين قالوا بكفر وضلال كيانات وأشخاص من المسلمين وحرَّضوا عليهم وكانوا سبب شر مستطير وفتن راح ضحيتها آلاف المسلمين في صدر الإسلام .

وعلى منوالهم اليوم الحرس الثوري وأذرعه في العالم العربي والإسلامي كالتنظيم السري لحكماء بني هاشم الممثل في جماعة التمرد الحوثي وأجهزتها وخلاياها وامتداداتها الإرهابية،  والنصرة، والقاعدة، وداعش ممن أوغلوا في دماء المسلمين بسبق تحريض ووصف كفر وضلال شكَّل دوافع وبواعث لكثير من اتباعهم لتبرير استباحة دماء الأبرياء من المسلمين.

للأسف الشديد يوجد أيضا خطاب ديني تحريضي موجَّهٌ لحرف بوصلة المواجهة مع جماعة الحوثي بإدراكٍ أو بدون إدراكٍ ضد كيانٍ أو حراكٍ أو أشخاصٍ من الصف الجمهوري  المواجه للتنظيم السري لحكماء بني هاشم تحت لافتة جماعة الحوثي.

 تحريضٌ على عشرات الآلاف من أبناء الجيش الوطني والأمن والمقاومة داخل اليمن وخارجه ويجعلونهم في مرتبةٍ واحدة مع جماعة التمرد الحوثي بمنطقٍ اعتباطيٍ متصلبٍ ويصفونهم بالكفر والضلال والوثنية.

أحدهم مديرا لمكتب الأوقاف والإرشاد في مدينة من مدن الشرعية وخطيبا لأكبر مساجدها، قرابة عام وهو يحرض على حراك وأشخاص داخل المجتمع قد نجد إلى العدد الالف منهم خيرٌ منه وأمثاله.

الجمعة الماضية عن جمعة رجب يصب جام غضبه على حراك وأشخاص مواجهين لجماعة الحوثي ويصفهم بالوثنية والإلحاد والجاهلية والخطر على المجتمع، بينما مظاهر الرق والاستعباد في جامع الجند وفي صعدة وفي تريم وصنعاء لآلاف المغيبين المقبِّلين لركب الكهنة وأقدامهم لاتعنيه ولا تستحق أن يصفها بالوثنية والجاهلية.

هناك حملةُ تحريضٍ على المنابر وداخل أروقة وأقبية الجماعات والأحزاب بخطابٍ دينيٍ لا ينتصر للدين أبداً بقدر ما ينتفض للحفاظ على الموروث الكهنوتي السلالي المانح لمزايا سياسية واقتصادية واجتماعية اعتبارية للكهنة السلاليين على امتداد اليمن.

حتى وإن كان البعض منهم في صف الشرعية لكنه يرفض رفضا قاطعا الاقتراب من حمى فكرة الخرافة الهاشمية أصل البلاء وسبب الحرب،  والتي ستظل الحرب معها استنزافاً ما دامت مقتصرة على المواجهة العسكرية معها فقط.

قد يختلف الناس على بعض الأمور وخاصة تلك المتعلقة بالآثار والموروث الحضاري لليمن نعم!! لكن:  لتبقى المنابر الدينية والخطاب الديني الداخلي للجماعات والاحزاب بعيدة عن التحريض، وليسع الجميع الحوار والنقاش والتحذير والتنبيه في المنتديات والمساحات الثقافية والجامعات والقنوات، بتجاوز النزق السلالي وحساسيته من اليمن وتاريخها وحضارتها.

يتعين على وزارة الأوقاف والإرشاد ودائرة التوجيه المعنوي وقيادات الأحزاب والجماعات أن يضعوا حداً لخطاب الكراهية والتحريض على حراك وفصائل وأشخاص في الصف الجمهوري، وأن يضعوا موجهات عامة للخطاب الديني وتوجيهه لضرب الدوافع الدينية للعدو الصائل المتمثل في جماعة التمردالحوثي.

 كما أن على كل أبناء المجتمع في مناطق الشرعية ونخبه وقواه المؤثرة منع هذا الخطاب الكهنوتي الداعشي للحفاظ على سكينة واستقرار وتماسك المجتمع وقوة الصف الجمهوري.

والله ولي الهداية والتوفيق.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.