"غشّ علني وانهيار منظومة للتعليم".. ما مستقبل الطلاب في مناطق سيطرة الحوثيين باليمن؟
في خطوة غير مسبوقة في تاريخ امتحانات الثانوية في اليمن، تعرضت الطالبة سهام (18عاماً) اسمي مستعار للطرد من قاعة الاختبارات في العاصمة صنعاء، وكادت أن تحرم من المادة بسبب عدم دفعها مبلغ قدره ألف ريال، للمراقب مقابل السماح لها بالغش على غرار بقية الطالبات في القاعة.
تقول سهام لـ "يمن شباب نت": "في امتحان مادة اللغة الإنجليزية دخل أحد المعلمين إلى القاعة للغش والإجابة على الأسئلة مقابل مبالغ مالية، وفي ذلك اليوم لم تكن النقود بحوزتي حينها قام المراقب بمنعي من مواصلة الاختبار لولا تدخل إحدى زميلاتي والقيام بدفع المبلغ المطلوب نيابة عني".
وبدأت في مايو الجاري تجري امتحانات الشهادة الثانوية والأساسية في العاصمة اليمنية صنعاء، وسط انتشار غير مسبوق لظاهرة الغش، وسط شكاوى من قبل الطلاب والطالبات من صعوبة الاختبارات بالتزامن مع عملية الأتمتة وتدهور القطاع التعليمي في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران.
وقال المسؤول لنقابة المعلمين اليمنيين فؤاد باربود "عملت الميليشيا الحوثية على تدمير العملية التعليمية وتسيّس امتحانات الشهادتين الأساسية والثانوية ومنح أفضلية في الدرجات العلمية لعناصر وفئات معينة، ومساومة الطلاب بالذهاب لجبهات القتال مقابل منحهم نسب نجاح عالية".
وأضاف "مخرجات الثانوية العامة سيئة وضعيفة في مناطق سيطرة الحوثي لأن تركيزهم، فقط على حنشر أفكارهم، فهم لا يهتمون بالمعارف والمعلومات الواجب توفرها في الطالب، لذلك يتم إعفاء الكثير من الطلاب من حضور الامتحانات، و يكتفون بحضورهم في الجبهات، وهنالك العديد من الدراسات التي تحدثت عن ذلك".
غشّ علني
تقول سهام "منذ بداية الامتحانات لا تكاد تمر يوم دون قيام المراقبين في القاعة بإجبار الطالبات بدفع مبالغ مالية من أجل السماح لهنّ بالغش ولا يقتصر الأمر عند ذلك فحسب بل تأتي رئيسة لجنة الامتحانات في كل يوم إلى القاعات وتجبرنا على دفع الأموال بذريعة تكاليف اللجنة، وتارة أخرى تكاليف المواصلات وغيرها من الأسماء في الوقت نعيش فيه أوضاعًا قاسية".
بالحديث عن الطرق والأساليب في الغش الجديدة خاصةً عقب أتمتة الامتحان يشرح "أسامه" – طالب في الثانوية - "يتم السماح للطلاب باصطحاب الهواتف المحمولة واستخدام شبكة الانترنت للتواصل بالمحيط الخارجي وتلقي الإجابات التي يقوم بإعدادها وإرسالها لأحد المعلمين خارج القاعة بعد التنسيق معه مقابل مبلغ مالي أو مجاناً للذين تربطهم قارية بذلك الشخص".
وأضاف "الجميع مشاركين في الغش مدراء مدارس، معلمين، مراقبين، وعناصر أمن الميليشيا المتواجدين في مراكز الاختبارات كما يقوم بعض الطلاب بدفع مبالغ مالية للمعلمين مقابل الدخول إلى قاعات الاختبارات لحل أسئلة الامتحانات على السبورة وعلى نماذج الامتحانات الخاصة بالطلاب".
وفي ظل تنامي ظاهرة الغش بالتزامن مع عملية الأتمتة لامتحانات الشهادة الثانوية والأساسية في مناطق سيطرة الحوثيين، يحذر معلمين وأساتذة جامعات من تبعات ذلك على مستقبل تعليم الأجيال الذين درسوا المراحل التعليمية خلال الحرب.
معاناة الطلاب
على الرغم من قضائه الساعات الطويلة في الاجتهاد وفهم دروسه بشكل جيد طوال العام، يقول مهند يوسف (18 سنةً) تفاجأت بصعوبة الامتحانات، وكأنها اختبارات تعجيزية لتحدي الطلاب، لقد كانت مدة الدراسة في اليوم لا تتجاوز حتى 3 حصص طول العام الدراسي.
ويدرس "يوسف" في إحدى المدراس الحكومية في العاصمة صنعاء وقال لـ"يمن شباب نت": "لم نتلقَّ التعليم بالوجه المطلوب، ولا يوجد أي اهتمام بالطلاب مطلقاً، ومع ذلك كانت الامتحانات أكثر صعوبة وكأنهم متجاهلين اننا لم ندرس أصلا".
ومنذ بداية العام الدراسي كان يوسف ومعه المئات من الطلبة يذهبون في الصباح الباكر أملا في استدراك دروس المواد العلمية الفيزياء، والكيمياء، والرياضيات لكن غياب أساتذة المواد، وتدهور التعليم في المدارس الحكومية في صنعاء شكل عائقا في تعليمهم".
من جانبه يرى مدرس مادة الرياضيات محمد عبد العليم (40 سنةً) بأن غالبية الأسئلة تعجيزية، لم يكترث التربويون ممن وضعوا تلك النماذج الصعبة، إلى الوضع الكارثي الذي يعانيه قطاع التعليم بسبب الحرب وانعدام وسائل التعليم من المدرسين والمناهج وأبسط مقومات العملية التعليمية.
مخاوف الآباء
في ظل تدهور العملية التعليمية، والتغيرات الحوثية الكبيرة للمناهج الدراسية، "يخشى حمود غانم (47 سنةً) ومعه الملايين من اليمنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران من ضياع مستقبل أطفالهم، واستقطابهم إلى صفوف الميليشيا".
يقول غانم بأن: "العملية التعليمية في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين تعيش أسوأ مرحلة في تأريخ اليمن الحديث، مستقبل أطفالنا في خطر، أبناؤنا بين خيار التجهيل، والتفخيخ، إما في جبهات القتال أو الجهل".
وعلى مدى سنوات الحرب التي اشعلها الحوثيون عملت الميليشيا على تغيير المناهج الدراسية واستبدالها بمقررات طائفية، بالتزامن مع تكثيف حملاتها داخل المرافق التعليمية لغسل أدمغة الطلاب، والزج بهم في جبهات القتال. إذ تشير تقارير دولية إلى أن ميليشيا الحوثي جندت مئات الاطفال حيث وثق مراقبو حقوق الإنسان في اليمن عن تجنيد الحوثيين أكثر من 10300 طفل منذ عام 2014.
وقال لمسؤول في نقابة المعلمين باربود :"منذ انقلاب ميليشيا الحوثي على الدولة وسيطرتها على المؤسسات الحكومية في 21 سبتمبر 2014، وهم يمارسون العبث بالقطاع التعليمي إذ أنهم أولو أولوية خاصة لهذا القطاع فهو مهم بالنسبة لهم في إيجاد قاعدة للانطلاق باتجاه تجنيد الطلاب والزج بهم إلى محارق الموت".
وأضاف: "تم تعيين شقيق زعيم الجماعة وزيرا للتربية والتعليم ومنها بدأت الوسائل والآليات والترتيب والإعداد لتحريف المناهج، وتغير اللجنة العليا للمناهج بأشخاص موالين لفكر الجماعة الإيراني الذي يتنافى مع العقيدة الإسلامية الوسيطة والتي من شأنها تفخيخ عقول الطلاب وتشويش أفكارهم".
وأعتبر باربود "ما يمر به التعليم في مناطق سيطرة الحوثيين كارثة من تجنيد للأطفال وتغيير المناهج، يرجع الطفل من تلك المدارس والمراكز بأفكار عنصرية يعادي والده وأسرته والمجتمع".
التعليقات