ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

هل يتمرد الانتقالي على الإمارات ويقبل الحل السعودي؟


على الرغم من ضبابية المشهد فيما يتعلق بمسار الحل السياسي في اليمن حاليا، إلا أن الواضح هو أن السعودية حريصة على المضي قُدما دون النظر للتحذيرات أو حتى العراقيل التي يبدو أنه سيتم تجاوزها، أو بالأصح تغطيتها، من أجل الوصول إلى وضع يؤكد الجميع أنه لن يكون سلاما حقيقيا.

يستند المجلس الانتقالي على دعم مهم من أبو ظبي، فإذا أخذنا سوء العلاقات الآن بين الإمارات والسعودية فإن ذلك قد يعطي مؤشرا أوليا عن موقف الانتقالي من المباحثات السعودية - الحوثية.

لا يتوقف الأمر على ذلك فقط، فالانتقالي، الذي يتبنى مشروع استعادة دولة الجنوب، يرى أي حل سياسي لن يضع القضية الجنوبية في صلب اهتمامه يعني الانتقاص من دوره ومكانته.

 

- تجاوز القوى الفاعلة

يقول الصحفي صلاح السقلدي: "كثير من القيادات الجنوبية وقيادة المجلس الانتقالي أكدت أن أي تجاوز للقضية الجنوبية هو تجاز لا يمكن قبوله".

وأضاف: "فهو ليس تخطيا للمجلس الانتقالي وحده بل سيكون تخطيا للقضية الجنوبية برمّتها، وسنكون أمام تكرار نفس التجاوزات ونفس التنكرات لهذه القضية منذ عام 94 مرورا ب2015، وحتى هذه اللحظة".

وأوضح: "أي تكرار لذلك سيضاعف من الأزمة اليمنية بشكل عام، وليس فقط القضية الجنوبية، والمجلس الانتقالي لا يمثل نفسه بل يمثل القضية الجنوبية، ومعه بقية القوى الأخرى".

وأشار إلى أن "التحالف يمضي في طريق عكس ما أفرزته هذه الحرب، وعكس الخارطة السياسية التي تمخضت عن هذه الحرب، فهو يحاول أن يجاوز كثيرا من القوى الفاعلة على مستوى اليمن، وبالذات في الجنوب متخطيا ومتجاوزا القضية الجنوبية برمتها".

وتابع: "حتى وإن أبرم التحالف اتفاقات مع الحوثيين، وتم التوقيع عليها سواء مع السعودية أو غيرها، فالمحك العملي بالأخير سيكون عند التنفيذ".

 

- مفارقات عجيبة

وأكد أن "المجلس الانتقالي يستطيع أن يفشل أي اتفاق يتجاوز القضية الجنوبية ويتجاوزه؛ كما يتم التخطيط له في هذه الأزمة".

ويرى أن "التحالف لم يتجاوز المجلس الانتقالي بل حتى تجاوز المجلس الرئاسي وتجاوز الشرعية، وهذا من المفارقات العجيبة".

وقال: "ما نطالبه من التحالف هو أن يفي بتعهداته، التي قال فيها إن القضية الجنوبية سيكون لها إطار سياسي بحسب ما دعمته مخرجات مشاورات الرياض قبل سنتين".

وأكد السقلدي أن الانتقالي يتخذ موقفا أكثر من المتحفظ، مشيرا إلى أن الكثير من قيادات المجلس أعلنت صراحة بأنها في حِل، ولن تكون ملزمة بأي اتفاقية لن تكون القضية الجنوبية ولا المجلس الانتقالي طرفا فيها، حتى وإن تم التوقيع عليها".

واعتقد أن "تجاوز هذه القضية هو بالتأكيد ليس في مصلحة القوى التي تخطط لها"، موضحا أن "القضية الجنوبية أكبر من أن يتم وصفها بأنها تابعة للتحالف، أو للإمارات تحديدا".

وبيّن أن "الانتقالي -حسب تصريحات قاداته- لن يقبل بأي تشويه سياسي -خصوصا في هذه المرحلة- في الملفات التي تم التوافق عليها، وبالذات الملفات المتعلقة بإيرادات الأموال والخدمات والتفاهمات الأخرى فيما يتعلق بالجوانب الأمنية والعسكرية".

وقال: "طالما والقضية الجنوبية ليست في ملف مستقل وليست ضمن أجندات التحالف، ولم يكن لها هذا الإطار والأمانة التي سميت بها، بالتأكيد لن نقبل بأي تسوية سياسية".

وأضاف: "سنعمل على تقويض وإفشال أي اتفاقيات أو معاهدات، تُبرم مع هذه الأطراف جميعها، إن لم تكن القضية الجنوبية حاضرة سياسيا بكل معانيها وأبعادها في أي تسوية سياسية، حتى وإن كانت هناك ضغوطات، سواء من المملكة العربية السعودية أو حتى من واشنطن".

وتابع: "أي فرض على الانتقالي، فأعتقد أنه لن يترك وحيدا؛ لأن القضية الجنوبية ليست قضيته وحده، بل هي قضية كل القوى والشعب الجنوبي على مختلف توجهاتهم وعلى تباينات أفكارهم ومنشآتهم السياسية والاجتماعية".

واستطرد: "ربما السعودية تجد هناك أرضية لتنفيذ الكثير من التفاهمات مع الحوثي في المحافظات الشمالية، باعتباره الطرف الذي وقع معها، أما في الجنوب سيتم إجهاضها، حتى من القوى التي تعتقد السعودية بأنها موالية لها، وبالذات في حضرموت".

وأكد السقلدي أن "الأمر عندما يتعلق بطمس القضية الجنوبية، فإن الجنوبيين سيتناسون كل خلافاتهم ويرمونها وراء ظهورهم، وسيصطفون في خندق واحد مع الانتقالي أو مع غيره، ضد المملكة العربية السعودية، أو ضد التحالف بكله، أو ضد القوى الضخمة التي تريد تمرير هذه الاتفاقيات اليوم".

 

- موقف متحفّظ

يقول أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحديدة، فيصل الحذيفي: "لا نستطيع وصف موقف المجلس الانتقالي بعدم الوضوح، ولكن نستطيع أن نصفه بالمتحفظ".

وأضاف: "المجلس الانتقالي متحفظ على أي طريق سلام لا يؤدي إلى منحه استقلالا وانفصالا كاملا، وهو من يمسك بهذه السلطة، على طبق من ذهب".

وأوضح أن "هذا التحفظ يضع الانتقالي في إطار المترقب، إلى أي مدى السعودية والداعمين الخارجيين سينكثون بوعودهم معه حين منحوه الأرض والإدارة والسلاح والمال ودفعوه إلى الواجهة، وبالتالي عليهم أن يفوا بالتزامهم تجاهه".

وتابع: "لكن إذا ما وجد الانتقالي نكوصا منهم فإنه سيتخذ موقفا آخر، فهو يمتلك على الأرض مقومات تجعله يقف معارضا للجميع، وربما يستفيد من تجربة الحوثي".

واستطرد: "الحوثيون - في 2014 قبل الانقلاب - كان ينظر إليهم باستهزاء كبير"، موضحا أن "أي فئة مهما كان حجمها صغيرا إذا حصلت على الدعم المالي والعسكري واللوجيستي من الخارج فإنها بإمكانها أن تتحول إلى قوة ضاربة تتحكم بالمشهد لحساب الممول الخارجي"، مؤكدا أن "هذا ما حدث جنوبا".

ويرى أن "هناك تقاربا كبيرا في المشهد ما بين الانقلاب شمالا لدى الحوثيين والانقلاب جنوبا لدى الانتقالي".

وزاد: "مثل ما هي اليوم تسعى السعودية إلى استرضاء الحوثيين بعد أن حاربتهم وإبرام اتفاق معهم، فإنها ستتخذ موقفا مع الانتقالي".

ويعتقد أن الانتقالي "إذا ما وجد أن حلفاءه ينكصون عن التزاماتهم من تحت الطاولة معه سيعارضهم، وربما يدخل في مشاكسات عنيفة مما يجعل السعودية أيضا تتجه إلى التفاوض معه كما هو حال التفاوض مع الحوثيين".

ولفت إلى أن "السياسة السعودية تقوم على الرغبة في السيطرة على اليمن بطرق متعددة؛ وبالمال تستطيع أن تشتري كل الأطراف، وهذا جلي مع الحوثيين ومع الأطراف، التي بنتهم وانساقوا معها أو تمردوا عليها، وبالتالي هي ستعيدهم إلى الحظيرة".

 

- مناورة من أجل السلطة

ويقول الحذيفي إن "المجلس الانتقالي لا يعتبر حصرا هو يمثل الجنوب، ولا يمثل القضية الجنوبية"، مؤكدا أنه "يمثل مشروع سلطوي، ودُعم على هذا الأساس؛ وبالتالي هناك أغلبيات وتنوّعات داخل الجنوب تُقمع كما يَقمع الحوثي مناوئيه في الشمال".

وأوضح أن "الانتقالي سواء اعترض أو تحفظ أو قبل، هو يناور في إطار أن تنتقل السلطة إليه ليحكم الجنوب أو جزءا من الجنوب"، متسائلا: "بأي وسيلة سيحكم الجنوب؟ هل سيحكم بدعم إماراتي وسعودي، وبالتفاوض كما هو الحال الحوثيين؟".

وبيّن أنه "لا الانتقالي مفوض من الشعب ولا الحوثي مفوّض من الشعب، وبالتالي أي تسوية سياسية قادمة ينبغي أن تكون مرجعيتها الحقيقية هي الشعب، سواء الاستفتاء بالانفصال أو بالانتخابات للوصول إلى السلطة"، حسب رؤيته.

وأكد أن السعودية تريد أن تبقي جميع ما دون الدولة ،ولذلك أضعفت السلطة الشرعية، وخلقت كانتونات أخرى لتتعاطى معهم، وستأخذ حصتها من المصالح مع كل طرف، وكل طرف سيكون سعيدا بما يحصل.

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.