ما مدى اتساع العمليات العسكرية في البحر الأحمر؟

التوترات في البحر الأحمر تدخل مرحلة تصعيد لافت، تتعاظم معه مخاوف الشحن في ظل تكرار مليشيا الحوثي هجماتها على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن. 

أعلنت مليشيا الحوثي، في آخر عمليات عسكرية لها، عن استهداف سفينة نفطخليجية بريطانية في خليج عدن، بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة، ما أدى إلى احتراقها.

من جهتها، أكدت الشركة المشغلة، والقوات البحرية الأمريكية، اشتعال النيران في السفينة، وتقديم المساعدة لإخمادها والحفاظ على سلامة الطاقم. 

- مسرحية وتبادل مصالح

يقول المحلل السياسي، د. عبدالوهاب العوج: "إن ما يحدث في البحر الأحمر يدل على أن الأمريكان والبريطانيين لم يرغبوا بإيذاء مليشيا الحوثي، ردا على ما تقوم به من استهداف للسفن التجارية بالصواريخ والطائرات المسيّرة". 

وأضاف: "ما يجري لا يدل على أن الأمريكان لا يمتلكون القدرة، بل إنهم يمتلكون القدرة، لكنهم لا يريدون استهداف القوة العسكرية للمليشيا؛ لعدة أسباب، أولها أنهم يريدون السيطرة على مضيق باب المندب، وعلى الملاحة في البحر الأحمر، من خلال استغلال ما تقوم به مليشيا الحوثي من استهدافات، حتى يكون وجودهم شرعيا".

وتابع: "الأمريكان يريدون الحصول على قرارات دولية تتيح لهم تأمين الملاحة في البحر الأحمر، ومن خلال هذه الأعمال أيضا هم يبيعون صفقات أسلحة لدول الخليج والمنطقة، بعشرات التريليونات من الدولارات، وهو ما يخدم صناعة وتجارة السلاح في الغرب، سواء في أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا".

وأردف: "الضرر لم يصل إلى المرحلة، التي تتدخل فيها الصين بشكل حقيقي، لتضغط على إيران لوقف العمليات العسكرية الحوثية في البحر الأحمر". 

وزاد: مليشيا الحوثي تستفيد من عملياتها، بأنها ترفع الصوت عاليا، وتجيّش الشباب والمجتمع بخطاب شعبوي إعلامي، بأنها مع غزة، وضد أمريكا وإسرائيل، رغم أن إسرائيل تستفيد من هذه العمليات؛ لأنها تنقل كل ما تحتاج إليه من موانئ البحر الأبيض المتوسط، وليست بحاجة إلى ميناء إيلات، خاصة وأن ميناء إيلات، منذ زمن طويل، لا يستخدم للأغراض العسكرية".

وقال: "الأمريكان والإسرائيليون يستفيدون مما تقوم به مليشيا الحوثي، بطريقة أو بأخرى، ويريدون تدويل مضيق باب المندب، والسيطرة على البحر الأحمر، ويخرجون الدول المشاطئة للبحر من معادلة، أنها المسؤولة عن أمن البحر الأحمر وباب المندب، وأولى هذه الدول هي اليمن".

وأضاف: "هناك تخادم غير معلن بين مليشيا الحوثي، وأمريكا، وإسرائيل، فالمليشيا تتجه نحو شبوة وتعز والساحل الغربي، وتجيِّش الشباب والمجتمع، وترفع صوتها بأنها ضد أمريكا وإسرائيل، بينما أمريكا وإسرائيل هما من سهلتا لهم السيطرة، ومنعتا القوات الحكومية من تحرير الحديدة فيما يُعرف باتفاق ستوكهولم".

- المسألة تتجاوز مساندة غزة 

يقول الصحفي الموالي لمليشيا الحوثي، طالب الحسني: "إن استهداف الحوثيين للسفينة البريطانية هو رد على القصف الجوي البريطاني لليمن، وهو ما كان متوقعا، والتزاما معلنا، وأصبح الأمر يتجاوز مسألة مساندة غزة إلى تحرير السيادة اليمنية، وتحرير البحار المرتبطة باليمن، ومن ضمنها باب المندب".

وأضاف: "تفسير الظواهر السياسية والأحداث العسكرية بالطريقة، التي يتحدث بها الدكتور عبدالوهاب العوج، ليست منطقية، وتحتاج إلى الكثير للوقوف عندها، فأمريكا وبريطانيا وإسرائيل بنت قواعد في الضفة الإفريقية من جيبوتي إلى الصومال من أجل السيطرة، وهذه السيطرة منذ عقود، ولا تحتاج هذه الدول لهذا المبرر لكي تسيطر على البحر الأحمر". 

وتابع: "عندما يتم الحديث عن الدول المشاطئة للبحر الأحمر، أين هي هذه الدول؟ في الحقيقة هي ليست موجودة بالأساس، فإن كانت موجودة، ولا تتصرف بهذه المنطقة، فلماذا يتم الحديث عنها الآن؟".

وأردف: "محاولة الهروب من مسألة المساندة اليمنية الفعلية لغزة، التي تتحدث عنها فصائل المقاومة للعدو الإسرائيلي، وتجاهل تقارير الشركات الدولية وتوقفها، والهجوم الأمريكي - البريطاني على اليمن، والحديث عنها بأنها مسرحية، وهو تفسير غير منطقي".

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية