الرئيس التركي: ما يحدث في غزة ليس حربا بل إبادة جماعية

شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، على أن ما يحدث في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب إسرائيلية "حتما ليس حربا بل عملية إبادة جماعية".

جاء ذلك في كلمة خلال افتتاح أعمال منتدى أنطاليا الدبلوماسي بنسخته الثالثة في مدينة أنطاليا جنوبي تركيا.

وأشار أردوغان، إلى أن القوى الغربية الداعمة لإسرائيل بشكل غير مشروط تعتبر شريكة في إراقة الدماء بغزة عبر سياساتها المنافقة.

وقال: "لم يُقتل في غزة الأطفال والنساء والمدنيون بوحشية فحسب، بل تم أيضا القضاء على ثقة مليارات الناس في النظام الدولي والعدالة والقانون".

وشدد على أن المجتمع الدولي لا يمكنه أن يسد دينه للشعب الفلسطيني إلا بإقامة دولة فلسطين.

وأكد أن إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية أمر لا بد منه، وأبدى استعداد تركيا لتحمل المسؤولية بما في ذلك المشاركة في آلية ضامنة.

وانتقد الرئيس التركي، النظام الدولي الحالي الذي "فقد معناه ولم يعد أكثر من شعار"، ويفتقر إلى المفاهيم الأساسية مثل التضامن والعدالة والثقة ولا يستطيع الوفاء بالحد الأدنى من مسؤولياته.

كما شدد على أن "غزة؛ المكان الذي رُفعت فيه راية إفلاس النظام الدولي".

وجدد دعوته المجتمع الدولي إلى "نصرة غزة والقضية الفلسطينية بكل صدق".

وأردف الرئيس التركي: "من واجبنا تجاه شعبنا والإنسانية جمعاء أن نصدح بما نراه صوابا".

وفي شأن آخر، أكد أردوغان أن تركيا حققت قفزة نوعية بنجاح المقاتلة المحلية من الجيل الخامس "قآن" في أول تحليق لها الأسبوع الماضي.

وعن منتدى أنطاليا الدبلوماسي، قال أردوغان، إنه يعقد في أنطاليا "عاصمة السياحة وقلب الدبلوماسية العالمية النابض"، مستشهدا على ذلك بالمشاركة الدولية الواسعة في هذه الفعالية.

وعبّر عن إيمانه بأن المنتدى سيساهم من خلال أعماله وأنشطته المختلفة في "تقريبنا خطوة إضافية نحو الصواب، والجيد، والعدالة والحقيقة".

وأفاد بأن "عدم المساواة في الدخل بين البلدان قد تضاعف بشكل كبير، والحروب أصبحت أكثر دموية وتدميرا من ذي قبل".

وتابع الرئيس التركي: "الاستعمار يتواصل للأسف بطرق ووسائل جديدة".

وحذّر من انتشار "العنصرية الثقافية" وكراهية الإسلام وكراهية الأجانب كالوباء في مجتمعات مختلفة بالعالم.

كما عبّر أردوغان، عن أسفه إزاء تحوّل القرن الـ21 إلى "قرن الأزمات، على عكس ما كنا نتوقعه أن يكون عصرا للرخاء والاستقرار والسلام والحريات".

ولفت إلى أنه يتحدث عن هذه الأمور بصفته رئيس دولة تعد واحدة من البلدان الأكثر تأثرا بالأزمات والحروب والتوترات والنزاعات الإقليمية.

واستشهد على ذلك بالقول: "نكافح منذ 40 عاما ضد تهديد الإرهاب الذي واجهته العديد من البلدان في السنوات الـ 5 - 10 الماضية".

وأشار إلى أن تركيا الدولة الوحيدة ضمن حلف شمال الأطلسي "ناتو"، ممن حاربت تنظيم "داعش" الإرهابي وجهاً لوجه على أرض الميدان، وألحقت به الهزائم.

أردوغان، لفت إلى أن الأتراك يتصدرون المجتمعات المستهدفة جراء تيار كراهية الإسلام المتصاعد.

واستشهد على كلامه بالإشارة إلى أن ممارسات حرق المصحف الشريف في دول أوروبية، تتم تحت مسمى "الاحتجاج" أمام مباني السفارات التركية.

وأضاف أن هذه الممارسات هدفها استفزاز الأتراك في تركيا وفي أوروبا.

وعلى صعيد آخر، قال الرئيس التركي إن التغير المناخي أحد المشكلات الأخرى التي تواجهها الإنسانية.

وبيّن أن تركيا من بين البلدان الأكثر تأثراً من هذه الأزمة نظراً لموقعها في حوض البحر المتوسط.

وشدد أردوغان، على أن تركيا لا تملك رفاهية الاكتفاء بمشاهدة ومتابعة أي حدث أو تجاهله، بل "الصدح بالحقيقة بصوت عالٍ لشعبها وللإنسانية جمعاء، بصفتنا دولة صاحبة مسؤولية".

وأشار إلى متابعة تركيا سياسة أكثر نشاطًا وتنوعًا وحذرًا وهدوءًا بهدف إدارة المخاطر الجيوسياسية التي تواجهها.

وبيّن أن أحد أسس السياسة الخارجية لبلاده "تحقيق المواءمة بين قيمنا القديمة ومصالحنا، دون التنازل عن مبادئنا".

أردوغان، أكد كذلك أهمية الدبلوماسية والحوار وسيلة لتجاوز الأزمات، قائلا "كما نقول مراراً، لا يمكن المصافحة بيد مقبوضة"، في إشارة إلى ضرورة إفساح المجال أمام الحوار والدبلوماسية بين المجتمعات والدول.

وأضاف أن حكوماته المتعاقبة نجحت في جعل تركيا "تصل إلى مكانة يتابعها الآخرون عن كثب في كل مجال، وتؤخذ في الحسبان أقوالها ومواقفها، وتؤدي دورا أساسيا في حل الأزمات والصراعات".

وبشأن القوة الدبلوماسية لبلاده، قال أردوغان، إنها باتت ثالث دولة أوسع انتشاراً دبلوماسياً في العالم، وذلك من خلال شبكة ممثليات خارجية وصل عددها إلى 261 ممثلية.

وأعرب عن افتخاره بأن تركيا أصبحت اليوم قادرة على تأسيس العلاقات مع الغرب والشرق معاً على مبدأ "الربح المتبادل"، وتبنت موقفاً عادلاً في الأزمة الروسية الأوكرانية، وتمد يد العون للمظلومين والمضطهدين بالعالم دون تمييز بينهم، بينما سرعان ما تتخذ التدابير اللازمة في حال مواجهتها خطراً وجودياً.

واستطرد أردوغان، "تركيا تبرز اليوم قوة نشطة وذكية ومبدئية وواعية وفعالة".

وأكد أن تركيا ستواصل خلال المرحلة المقبلة "الصدح بالحق، والدفاع عن العدالة والعمل على زيادة أصدقائها".

وفي سياق متصل، انتقد أردوغان، تعامل النظام الدولي الحالي مع النزاعات.

وبيّن أنه فقد وظيفيته بالكامل خلال الأزمات في سوريا واليمن وليبيا ومؤخرا في أوكرانيا.

وأضاف أن المؤسسات والمنظمات الدولية وفي مقدمتها مجلس الأمن الدولي، لم تتخذ خطوات من شأنها وقف الدمار ونزيف الدماء وسيل الدموع في مناطق الأزمات المذكورة.

وعلى صعيد الحرب الأوكرانية، قال أردوغان، إن عملية إسطنبول التي انطلقت في أنطاليا، بقيت عقيمة لكونها لم تحظَ بالدعم اللازم دولياً، ليتم بذلك "إهدار فرصة تاريخية كان من شأنها وقف الدماء وإنقاذ أرواح عشرات آلاف الناس".

أما بشأن التطورات في غزة، فأكد الرئيس التركي أن القطاع كان الموضع الذي "رفع فيه النظام الدولي راية الإفلاس".

وأوضح أن الجميع يتابع بـ "حرقة قلب" ما يحصل في غزة من "بربرية ومجازر" منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الفائت.

وأفاد بأنه عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، تبقى الكثير من المؤسسات الدولية ومجلس الأمن الذي تتمثل مهمته في ضمان السلام العالمي، ومؤسسات الاتحاد الأوروبي عاجزة ومختلة وظيفياً.

وانتقد استهداف إسرائيل "بشكل دنيء" المدنيين بمن فيهم النساء والأطفال، والكنائس، والجوامع والمؤسسات التعليمية، ومخيمات اللاجئين، فضلاً عمّن ينتظرون في الطوابير للحصول على المساعدات في غزة.

وعن إسهامات أنقرة منذ بدء الحرب الأخيرة على غزة، قال أردوغان إن تركيا أرسلت حتى الآن 37 ألف طن مساعدات إنسانية، وأحضرت أكثر من 900 مريض من غزة مع مرافقيهم، فضلاً عن مواصلتها الجهود الدبلوماسية في المحافل الدولية.

كما انتقد أردوغان، ازدواجية معايير القوى الغربية إزاء ما يحصل في غزة.

ولفت إلى أن الدول الغربية تدعم إسرائيل بشكل غير مشروط.

وأكد على أن وفاء المجتمع الدولي دَيْنَه للشعب الفلسطيني، لا يمكن سوى عبر تأسيس دولة فلسطين مستقلة وذات سيادة على حدود 1967، وعاصمة القدس الشرقية.

الرئيس التركي جدد دعوته للمجتمع الدولي لحماية فلسطين وغزة، مؤكداً أن بلاده مستعدة لتقديم ما يقع على عاتقها من مسؤوليات والتزامات.

وعلى صعيد آخر، شدد أردوغان، على تكثيف تركيا جهودها لتعزيز الحقوق المكتسبة للقبارصة الأتراك وتسجيل المكانة الدولية لبلادهم.

ويناقش منتدى أنطاليا الدبلوماسي العديد من القضايا العالمية التي تهم الشرق الأوسط ومنطقة المحيط الهادئ وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، مثل تغير المناخ وأزمة الغذاء و"دبلوماسية الفضاء" فضلا عن قضية غزة.

ويشارك في منتدى أنطاليا الدبلوماسي بنسخته الثالثة نحو 4500 ضيف، بينهم 19 رئيس دولة و73 وزيرا و57 ممثلا دوليا من 147 دولة.

أقراء أيضاً

التعليقات

مساحة اعلانية