ثورة ٢٦ سبتمبر واعلان قيام الجمهورية

ما الذي سيتبقى بيد الشرعية إذا تخلت عن قرارات البنك المركزي؟


يصطف اليمنيون خلف قرارات محافظ البنك المركزي اليمني، رافضين تأجيل قرارات البنك، وسياساته الرامية لحماية القطاع المصرفي من عبث المليشيا، وتحوّلت كوفية "المعبقي" رمزا حيا لدى الناس.

خلال عشر سنوات، كانت المعركة بقيادة السعودية، فيما أصبحت شرعية اليمنيين معها مجرد أداة ضغط بيد الرياض ضد الحوثي ضاربة عرض الحائط بمصالح اليمنيين، ولقمة عيشهم.

يحضر البنك المركزي اليمني كأخطر سلاح بيد الشرعية بقراراته، التي أوجعت المليشيا، فما الذي سيتبقى بيد الشرعية إذا تخلت عنها؟

- معركة يجب خوضها

يقول المحلل السياسي، أحمد شوقي: "إن الجماهير اليمنية، اليوم، في تعز -على سبيل المثال- وقبل ذلك في مأرب، وربما في مناطق أخرى في اليمن، خرجت من أجل إسناد موقف الشرعية، ومن أجل الضغط على الشرعية من أجل التمسك بقرارات البنك المركزي، وعدم التراجع عنها".

وأضاف: "أيضا، لكي تكون ورقة ضغط بيد الشرعية في مواجهة أي ضغوط خارجية تمارس على الشرعية من أجل التنازل عن هذه القرارات، أو التراجع عنها؛ لأننا نعتقد أن هذه القرارات هي قرارات إصلاحية ضرورية لخدمة الاقتصاد الوطني من أجل مصلحة المواطن في مناطق سيطرة المليشيات، وفي مناطق سيطرة الشرعية".

وتابع: "المتضرر الوحيد من هذه القرارات -برأيي- هو مليشيات الحوثي فقط، وبالتالي لا يصح أن نغامر بمصالح الشعب اليمني، ومصالح الأمة اليمنية، من أجل جماعة متمردة إرهابية مارست الكثير من الجرائم، والكثير من الانتهاكات، والكثير من العبث في الملف الاقتصادي".

وأردف: "لا يمكن أن نقبل بأن تكون العملة مزدوجة داخل بلد واحد، يعني لدينا عملتان؛ وكل عملة لها سعر صرف معين مختلف عن الآخر، أيضا لا يمكن أن نقبل بوجود أكثر من سياسة نقدية داخل البلد".

وزاد: "يجب أن تكون هناك سياسة نقدية موحّدة يديرها البنك المركزي اليمني في عدن؛ باعتبار أنه ممثل الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، وبالتالي ينبغي على الأطراف الإقليمية والدولية أن تحترم هذا القرار، وأن تساعد الحكومة الشرعية، التي تدّعي أنها تعترف بها، على إنفاذ هذا القرار، وألا تكون أداة ضغط على الشرعية".

وقال: "اتضح، خلال الأشهر الماضية، أن هناك عراقيل كثيرة تمارس في عملية الشرعية من الخارج من قِبل من يدّعي الحوثي أنهم أعداؤه، وفي الحقيقة هم يخدمونه أكثر من أي طرف آخر".

وأضاف: "فيما يتعلق بالتهديدات الإقليمية، التي قد يطلقها الحوثي تجاه الإقليم، فأعتقد أن هذه التهديدات لا بُد من مواجهتها؛ لأن هذا الابتزاز سوف يستمر، والحوثي لن يتوقف".

وتابع: "هذه قرارات صائبة، لكنها كانت تحتاج إلى غطاء سياسي، وغطاء دبلوماسي".

وأردف: "القرارات كانت بحاجة إلى توافق في إطار الشراكات والعلاقات مع دول الإقليم حولها، بحيث أن يكون هناك دفاع حقيقي عن هذه القرارات وعدم التنازل عنها، وعدم التراجع عنها".

وزاد: "اليوم، هذه القرارات تقودنا إلى مواجهة حقيقية ليس في اليمن، وإنما في الإقليم".

وقال: "في الحقيقة، ربما، السعودية وبعض الدول في الإقليم ترى أن الإصرار على هذه القرارات قد يدخلها في مواجهة مع مليشيا الحوثي، والمواجهة لن تكون مع مليشيا الحوثي، وإنما سوف تكون مع أذرع إيران في المنطقة؛ لأننا نعلم نحن -خلال الفترة الماضية- أن التحالفات ما بين مليشيا الحوثي، وما بين إيران والمحور الإيراني، أصبحت أشد قوة مما كان في فترات ماضية".

وأضاف: "المليشيات أصبحت الآن لديها كم كبير من الأسلحة الإستراتيجية، والأسلحة الخطيرة؛ من بينها الصواريخ الذكية، وأيضا هناك قوات من الحرس الثوري، وخبراء من الحرس الثوري، وحزب الله هم من يديرون العمليات في البحر الأحمر، لذا ستدخل السعودية في معركة مع المليشيا، وإذا كانت هذه المعركة سوف تؤدي إلى إضعاف المليشيا أو إنهاء دورها، فإيران لن تسكت".

وتابع: "إيران تجد في الحوثي حليفا إستراتيجيا قويا ومهما بالنسبة لها، وهو الآن أصبح بشكل ما يوازي حزب الله في الشمال، أصبح حزب الله الجنوبي هو مليشيا الحوثي، وبالتالي إيران لن تفرط بمليشيات الحوثي".

وأردف: "السعودية تحسب حسابات بأن أي إصرار على هذه القرارات قد يزج بها في معركة لن تكون مع مليشيا الحوثي فقط، وإنما ستكون مع المحور الإيراني، وقد يفجر حربا إقليمية، وربما حتى حربا دولية في هذه المنطقة".

وزاد: "نحن نرى أن هذه المعركة لا بُد من خوضها اليوم؛ لأنه كما لاحظنا، خلال السنوات الماضية، أن كل تنازل حصل، وكل ضغوط، أو مخاوف من حروب واسعة النطاق حصلت أدت في النهاية إلى تقوية المليشيات، وإلى تعزيز دورها وتعزيز مواردها".

وقال: "نحن لا نريد أيضا أن تكون موارد المليشيات في حروبها تدفع من جيب المواطن اليمني، وتدفع من جيب الشرعية، وتدفع من قبل السعودية، وتدفع من قبل أعدائه، يعني أصبحوا أعداء الحوثي هم من ينفقون على حرب الحوثي بطريقة ما، وبالتالي نحن نريد أن نقول إن هذه المواجهة، وإن كانت مؤلمة وكبيرة، فلا بُد من خوضها، ولا بُد من أن لا يتم التراجع عن هذه القرارات".

- ليس قرارا سياديا!

يقول الكاتب والباحث سيف المثنى: "أنا لا أتفق مع الرأي أنه آخر سلاح لدى الشرعية؛ لأن الشرعية لديها كثير من الأسلحة التي تستطيع أن تستخدمها ضد جماعة الحوثي، في ظل هذه الظروف الراهنة، ما يحيط بالإقليم، وما يحيط من الصراع الدائر، سواء في البحر الأحمر، أو في الداخل اليمني".

وأضاف: "لكن، هو مما لا شك فيه أن الحكومة اليمنية لا تجيد لعب الأوراق، وأيضا لا تجيد حتى خلط الأوراق، ولا أن تقتنص الفرص التي تأتى إليها".

وتابع: "هذه التحركات، التي قامت بها الحكومة اليمنية بما يخص الاقتصاد اليمني وبما يخص البنك المركزي، هي -بما لا شك فيه- عزلة للحوثيين أمام العالم، وأمام البنوك في العالم، خاصة وأن الحكومة اليمنية تمتلك الشرعية الدولية بما يخص البنك في عدن، والسوق الدولي، وهذا يسبب عزلة، ويخنق الحوثي اقتصاديا".

وأردف: "لكن الجانب الآخر أن هذا القرار لم يكن قرارا سياديا كما يدّعي الكثير، وهذا الحشد والحشد المضاد، الذي يؤتى به، سواء في صنعاء أو في المحافظات، التي خرجت اليوم، هي لن تؤتي أكلها، وإنما ربما من نوع من الإظهار أن هناك من يؤيد، وهناك من لا يؤيد".

وزاد: "أنا باعتقادي أن هذه التحركات، التي قامت بها الحكومة اليمنية أو الشرعية اليمنية، لم يكن قرارا سياديا، بل كان إيعازا من دول الإقليم من السعودية، وأيضا من الولايات المتحدة، التي تحاول أن تخنق الحوثي اقتصاديا وتعزله دوليا، خاصة بعد أحداث غزة، وما يحدث في البحر الأحمر الأحمر، والمفاوضات التي تمت".

وقال: "لكن في الأخير التصعيد، الذي أتت به جماعة الحوثي، وهذا الخروج، وتجميد القرار -إن صح- خاصة أننا لم نجد التصريحات كافية وشافية من قِبل الشرعية، وهذا ما يجعل الشرعية في موضع شك، وفي زاوية ضيقة حرجة أنها لا تصارع، أو تصارح الشعب اليمني، فالأمر يتجه إلى تسوية، وإلى مفاوضات قادمة".

- توقيت غير مناسب

تقول الباحثة في مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية، بلقيس اللهبي: "إن مخاطر تراجع البنك المركزي عن قراراته هي كبيرة للأسف".

وأضافت: "القرارات غير المدروسة، التي تؤخذ بشكل فردي وليست ضمن إطار إستراتيجي، هي قرارات مضرة وغير مفيدة مهما كانت قوتها؛ لأنه يحدث تراجع في مكان معين، ويصيب الشرعية في مقتل كل مرَّة".

وتابعت: "الشرعية تضرب الرصاص على قدميها، وهذا الشيء أصبح مؤجج الضعف الذي تعانيه الشرعية".

وأردفت: "قرار مثل هذا، وبهذه القوة، حيث أحدث إرباكا غير عادي في صفوف الحوثيين، وفي الجانب الآخر إن يتم التراجع عنه فيه خطورة كبيرة، نستطيع أن نقول إنه ربما تكون رصاصة الرحمة لهذا الجسد المسمى شرعية".

وقالت: "هذا القرار قرار سيادي كان لا بُد أن يؤخذ بدراسة كاملة، ولا بُد أن يؤخذ ضمن إستراتيجية شاملة لمكافحة الفساد، وإنقاذ الاقتصاد".

واعتبرت أن "القرار صائب، ولكن في وقت خاطئ جدا، وفي إستراتيجية خاطئة، فبالتالي هذا القرار خطورته غير عادية؛ لأنه لا يُسند لا سياسيا، ولا على المستوى المحلي، ولا على المستوى الإقليمي".

أقراء أيضاً

التعليقات

ممارسات أدت إلى قرار البنك المركزي اليمني في عدن.


أخبار مميزة

مساحة اعلانية

رغم الحرب التي تشهدها اليمن، إلا أن عيد الأضحى والطقوس المرتبطة به ما زالت موجودة وتحظى بأهمية كبيرة بين الناس في اليمن.