القبائل اليمنية.. مقاومة مستمرة لرفض المشروع الحوثي وانتصارًا للثورة والجمهورية
البيضاء مجددًا في مواجهات مع مليشيات الحوثي الإرهابية، هذه المرة في قرية "حمة صرار" في مديرية ولد ربيع.. بدأت الحكاية بقتل مليشيا الحوثي اثنين من أبناء القرية في نقطة عسكرية، الأمر الذي دفع الأهالي للانتفاض وفي وجه المليشيا، واندلاع اشتباكات عنيفة لا تزال مستمرة حتى اليوم.
لقد سعت المليشيا لخوض هذه الحرب وفق استراتيجيتها المميتة، الهادفة للتفرد بالقرى والمناطق الصغيرة، لتهشيم أي بوادر للمقاومة، فحاولت اقتحام القرية بحملة عسكرية، مما أدى إلى انتفاض القبائل أمام الحملة الحوثية التي كانت متجهة لمداهمة القرية، واندلاع اشتباكات عنيفة.
لم تكن هذه المرة الأولى التي تحدث فيها مواجهات دموية بين القبائل والمليشيات الحوثية، فمنذ دخولهم صنعاء في 21 سبتمبر 2014، دخلت المليشيا في مواجهات مفتوحة مع المليشيا في ذمار، وعتمة، وإب، وعمران، وحجة، وتعز، والضالع، والبيضاء، وغيرها من المحافظات.
سنعرض في هذا التقرير لجزء من تاريخ المواجهات بين الحوثيين والقبائل منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء، وما قبلها وصولا إلى مواجهات البيضاء، والاستراتيجية التي اتبعتها المليشيا لمحاولة وأد أي بوادر للمقاومة، التي كانت تشتعل هنا وهناك، لضربها والقضاء عليها لتخويف القبائل الأخرى من القيام بأي تحركات مماثلة.
المواجهات مع القبائل (قبل الانقلاب)
قبل دخول المليشيا الحوثي صنعاء، والانقلاب على الدولة، كانت قبائل عمران وصعدة في مقدمة الصفوف دفاعًا عن الدولة اليمنية، حيث واجهوا المليشيات الانقلابية بأدواتهم الشخصية، وبعيدًا عن أي دعم حكومي يذكر سواء بالمال أو السلاح، الأمر الذي مكن الحوثي من البطش بهم نتيجة عوامل متداخلة ليس بينها استسلام القبائل.
حيث صمدت قبائل عمران التي احتشدت لمنع إسقاط المدينة لأكثر من شهرين، لكن تم اسقاطها بفعل مؤامرات داخلية وخارجية، زعما منهم أنه يستهدف طرف سياسي بعينه دون أن يعرفوا أنه يهدف للقضاء على الدولة اليمنية برمتها، حيث فرض حصارا خانقا على مدينة عمران لمدة شهرين، فشل في تحقيق أي تقدم يذكر حتى سقطت المدينة التي مثلت بوابة العبور لإسقاط العاصمة.
كما اندلعت مواجهات عنيفة بين المليشيا وعدد من قبائل الطوق، في همدان وأرحب وبني مطر، وغيرها حيث سعت المليشيا لإخضاع القبائل باعتبار اسقاطهم سيمهد لها الطريق بشكل فعلي باتجاه العاصمة صنعاء وهو ما حدث حيث ارتكبت المزيد من الانتهاكات في سبيل تطويع هذه القبائل
المواجهات مع القبائل (بعد الانقلاب)
بعد إسقاط العاصمة صنعاء، تحركت المليشيا الحوثية باتجاه محافظة البيضاء، وهناك اندلعت مواجهات عنيفة مع رجال القبائل، الذين وجدوا أنفسهم بأسلحتهم الشخصية مقابل المليشيا التي تحركت بأجهزة الدولة وأسلحتها بعد الانقلاب عليها، حتى تمكنوا من الانتصار على القبائل بعد وصفهم بتهم شتى بينها التطرف والإرهاب.
وفي محافظة ذمار، اندلعت مواجهات مسلحة مع قبائل عتمة بقيادة الشيخ معوضة، ثم ذهبت باتجاه إب واندلعت مواجهات عنيفة مع قبائل يريم التي كان يقودها الشيخ علي مسعد بدير، وفي الرضمة بقيادة الشيخ الدعام، ثم مع قبائل القفر بقيادة الشيخ البرح، وفي بعدان كذلك وغيرها.
وفي محافظة حجة، اندلعت معارك عنيفة بين المليشيا وقبائل كشر وحجور، والتي ظلت القبائل فيها صامدة لعدة أشهر، ولم تجد الدعم الكافي من الأسلحة والعتاد، الأمر الذي جعل الحوثي يحقق انتصارا عليهم، نظرا لغياب الدعم وفارق التسليح.
كما اندلعت مواجهات أخرى في البيضاء وتحديدا في مديرية ردمان، وقبلها في آل عمر، بين مليشيا الحوثي وأبناء القبائل، واخرى مع قبائل الحدأ بمحافظة ذمار، وفي بني حشيش، وهمدان وغيرها من القبائل في مناطق سيطرتهم، والتي تؤكد كمية الرفض المجتمعي للمليشيا الحوثية التي تجهد لفرض إرهابها على مناطق القبائل وسكانها.
صراع بين الجمهورية والحوثية
وفي هذا الصدد، علّق رئيس منظمة سام للحقوق والحريات، توفيق الحميدي على الأحداث في قرية "حمة صرار"، بالقول، إن ما حدث في قرية "حمة صرار" أو قبلها من تفجير للمنازل في رداع، وقبلها زيادة موازنة القوات العسكرية والأمنية التابعة لميليشيا الحوثي في محافظة البيضاء، يعطينا مدلولا مهما نقف أمامه، أن محافظة البيضاء، اليوم، أصبحت مركزا استراتيجيا للصراع بين القوى الجمهورية والقوى الحوثية.
وأوضح، أن السيطرة على محافظة البيضاء، يعتبر السيطرة على قلب اليمن، فهي المحافظة التي تربط بين شمال اليمن وجنوبه، وهي محور أساسي، يشرف تقريبا على ثمان محافظات، ولا يمكن حصارها على الأقل، مؤكدا الموقع الاستراتيجي للبيضاء، فمن يسيطر على محافظة البيضاء يستطيع أن يفرض سيطرة استراتيجية على المناطق المتوسطة في اليمن، وسقوطها سيحدث لميليشيا الحوثي نوع من الانكسار النفسي والانكسار العسكري.
وأكد الحميدي في مقابلة مع قناة بلقيس، أن سيطرة القوات الحكومية على البيضاء، يعني تماما أن المعركة أصبحت على أبواب إب وذمار ومأرب إلى غير ذلك، لذا فإن هذه النقاط الأساسية تدركها ميليشيا الحوثي جيدا. معربًا عن أسفه الشديد، أن الحكومة الشرعية إلى حد اليوم، خلال متابعة مجريات الأحداث، لم تستوعب أهمية هذه المحافظة، الأهمية التي تجعلها أولى أولوياتها في هذا الصراع على الأقل كورقة سياسية من أجل المفاوضات.
وأضاف الحميدي، الصراع الذي يجري في البيضاء متعلق بالتاريخ، فدائما كانت البيضاء العصية حتى على الدولة الإمامية، رغم أنها خليط من الزيدية والشافعية، لكنهم يتصفون بالشراسة، والاستقلالية، وعدم الخضوع لأي طرف من الأطراف، وهذا الأمر يقلق ميليشيا الحوثي تماما
وقال: عندما ترى ميليشيا الحوثي أي خروج عن سيطرتها، في محافظة البيضاء، تضرب بيد من حديد وبقوة، سواء بتفجير المنازل، أو هدم الآثار، وإحراق المزارع، وذلك لإنهاء ما تعتبره تمردًا عليها، لافتا إلى أن هذه المحافظة ذات تضاريس وعرة، ورجالها أشداء، يمكن أن تقلب معادلة الصراع في اليمن، وعلى الحكومة الشرعية أن تدرك أهمية هذا الصراع داخل المحافظة.
ثأر تاريخي
بدوره، قال القيادي في مقاومة البيضاء، "عبد الله صالح العبدلي"، إن ما حدث يوم الأربعاء هو حادث أدمى قلوب اليمن جميعا، الحادثة الإرهابية التي أقدمت عليها ميليشيات الحوثي الإرهابية، بحق قرية حمة صرار، تأتي في إطار الاستفزاز الذي تفتعله هذه الميليشيات بحق أبناء البيضاء.
وأشار إلى أن الاستفزاز الذي يحدث بحق هذه المنطقة التي عرف عنها جميع اليمنيين أنها منطقة مقاومة للمد الحوثي منذ الانتفاشة الأولى له، وتصدرت مشهد النضال، ومواجهة هذه الميليشيا، مؤكدا أن ما حدث هو أمر متفق عليه، ومخطط له سابقا، ويأتي في إطار العمل الممنهج لهذه الميليشيات لجمع أبناء القبائل المناهضة لها، حتى وإن كانت هذه المنطقة قد سبق وأن سيطرت عليها هذه الميليشيا، إلا أنها خائفة من ثورة القبائل، خائفة من الغضب الثوري المتولد في نفوس قبائل البيضاء عامة، التي تدين بالكراهية والبغض لهذه الميليشيا.
وأكد في تصريح لقناة بلقيس، أن هذه الميليشيا تتوقع من أبناء البيضاء، أن يثوروا ضدها أو أن يقاوموها، في أي لحظة، والتي اخضعتها هذه القرية الصغيرة والكبيرة بأبطالها وبرجالها وبشجعانها، لافتا إلى أن هذه الميليشيا هي من تدير الأمور داخل المحافظة، إلا أنها تقيم الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش، في محاولة منها لإذلال وتركيع شباب هذه المنطقة، المقاومين والرافضين للمد الحوثي، ولفكرتهم من الأساس.
وأشار إلى أن محافظة البيضاء لها تاريخ ممتد منذ عقود، ولها ثأر مع هذه الميليشيا، وتاريخها النضالي والجمهوري واضح وجلي للجميع، لذا هذه الميليشيا تعتبر أن ما قام به أبناء المحافظة سابقا أبان ثورة 26 سبتمبر وحصار الـ 70 يوما ثأرا لها، وأن مهمة الانتقام لا زالت في رقبتها، ورقبة قيادتها.
وأكد أن ميليشيا الحوثي تسعى للانتقام من أبناء محافظة البيضاء، على أن محافظة البيضاء ذات نهج جمهوري، أولا، وتاريخ نضالي كبير، كذلك لا وجود لحاضنة أو قبول شعبي لها في المحافظة، وهي ميليشيا منبوذة، وليس لها حاضنة شعبية، ولا وجود لقبول شعبي في هذه المحافظة لهذه الميليشيات المنبوذة، فكرا ووجودا.
استنزاف متواصل
ويرى مراقبون، أن القبيلة اليمنية وأبنائها تتعرض لاستنزاف وترهيب واستهداف ممنهج من قبل مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، والذي لم يعد سرا أو خبرا في وسائل الإعلام يقبل الأخذ والرد، بل أصبح واقعًا معاشًا وحقيقة تجاهر وتتفاخر بها المليشيا على الدوام، وتفاخر بما تقوم به من جرائم بحقهم باعتبارها انتصارات مزعومة.
ويؤكد مراقبون، ان مليشيا الحوثي منذ انقلابها على الدولة، وضعت عينها على القبيلة، كقوة بشرية وقتالية رابحة بيدها، فهي تستقطب أبناء القبائل وتجندهم للقتال في صفوفها، وتزج بهم في محارق الموت في جبهات القتال المختلفة منذ سنوات عدة، أسفرت عن خسائر بشرية تصل إلى آلاف القتلى والجرحى الذين سقطوا في المعارك مع قوات الجيش الوطني وغارات التحالف العربي، وإذا لم ترضخ لها تقوم بالتنكيل بأبنائها وتلفيق التهم بحقهم لوأد أي حركة مقاومة ضد مشروعهم الإرهابي.
والملاحظ، أن ميليشيا الحوثي استخدمت كل السبل والوسائل لإخضاع القبائل في مناطق سيطرتها وتوظيف قوتها وسلاحها للقتال معها، وأنها ما زالت تستخدم مع القبيلة الأساليب ذاتها التي كانت تستخدمها دولة حميد الدين بما في ذلك الرهائن والخطف، ومصادرة الأملاك، وشراء الولاءات وتقديم الاغراءات، كما أن سياسة فرق تسد واحدة من أهم السياسات التي تستخدمها لإخضاع القبائل، وخصوصا تلك التي ترفض مشروعها الإرهابي، كما يحصل اليوم في محافظة البيضاء.
التعليقات