السعودية وفيلم "حياة الماعز"
يستند فيلم "حياة الماعز" على رواية تحكي قصة شاب هندي اختطف من المطار بعد وصوله للعمل في الخليج في تسعينات القرن الماضي، وعاش سنوات قاسية وعنيفة استسلم خلالها لاضطهاد الخاطف حتى تمكن من الهروب وعاد لبلاده.. هذه خلاصة الفيلم الذي اضطررت لمشاهدته بعد ام كثر النشر حوله مؤخرًا، أما وقد شاهدته فلابد من كلمة، تتبعها شهادة عايشتها بنفسي وأجدها فرصة لنقلها للآخرين.
يُظهر الفيلم الكراهية للإنسان العربي في دقائقه الأولى، عندما يتحدث بطل الفيلم وصديقه في المطار عن رائحة العربي الكريهة، وأن العرب يصنعون عطورهم من عرقهم وبولهم، وهذا يشير أن منتجي الفيلم متخندقين وراء أجندة وقناعات تتصادم مع الشعب العربي المسلم.
الفيلم استند إلى رواية قائمة على السرد الذي يستدعي ضرورة شيئًا من الخيال أو اللاواقعية لتستقيم الحبكة، ناهيك أن يكون هذا الخيال هندي!
نقطة مهمة.. أي فرد قد يعيش تجربة سيئة وقاسية في مكان وزمان ما، نتيجة تصرف فردي، وهو أمر مسلم به، لكن لا يعني أن آخرين عاشوا ذات التجربة، ومن غير المنطقي تعميم تلك الصورة على مجتمع أو دولة في ظروف تغيرت وتبدلت فيها أحوال كثيرة، وإلا فإن قصه كل مسلم تعرض للاضطهاد والقتل العرقي من قبل هندوس تستحق أن تتحول إلى فيلم، ويمكن تعميمه على المجتمع الهندي ككل، لكن الأمور لا تسير بهذا الشكل إلا عندما تكون هناك اجندة ومحاولة متعمدة للإساءة.
النقطة الأخرى أن كل مجتمع لا يخلوا من النماذج المتطرفة والسيئة، وما يجعل الفيلم الهندي حياة الماعز في قائمة الأفلام التي تستهدف المملكة العربية السعودية هو أنه قدم كل السعوديين الذين تعامل معهم الضحية كـ "سيئين" بما فيهم الشرطة التي يدعي الفيلم أنها سمحت بالاعتداء على العمال الوافدين المخالفين داخل مقر احتجازهم، مع الإشارة هنا إلى أن شخصًا واحدًا فقط أظهره الفيلم بإيجابية مخففة وهو يساعد الضحية (البطل) وينقله بسيارته إلى مكان يمكن ان يجد فيه من يعتني به.
نتوقف عند الزمن الفعلي لأحداث الرواية التي استند لها الفيلم، فزمن وقوع أحداثها يعود إلى أكثر من 35 سنة، الرواية صدرت في العام 2008، أي قبل نحو 16 عامًا فلمَ انتج الفيلم حاليا في العام 2024م، ببساطة السعودية تحقق اليوم سلسلة من النجاحات المتتالية، واصبح لها مكانتها العالمية في مختلف المجالات بما فيها الاقتصاد والرياضة.
نقطة مهمة لايمكن تجاوزها في الفيلم الذي قدم شخصية الفلم باعتباره مسلم الا أن صناع الفيلم تعمدو ادراج المصطلحات الدينية عند كل ممارسة للظلم من قبل الخاطف مرددًا في كل لحظة "لا إله إلا الله" و"استغفر الله" وغيرها وهذا مؤلم لكل مسلم، وفيه الكثير من الإساءة للدين، ولكل المسلمين.
أعيش في السعودية منذ أكثر من ثمان سنوات، السعودية التي عرفتها قبل ثمان سنوات تغيرت، وتبدلت كليًا الى ما هو أفضل وأجود بفضل ثورة الوعي والتطوير والانفتاح على التكنولوجيا والتقنية الحديثة التي ساهمت في تطوير وتنمية مختلف القطاعات بما فيها حماية الحقوق للعمالة الوافدة.
اليوم، يثق المقيم في المملكة العربية السعودية أنه محمي بنظام مصمم على العدالة والإنصاف بكفاءة عالية، نظام يستند الى قوانين ومحددات أوجبتها السلطات على كل ما له علاقة بالعمل، تستخدم السلطات التكنولوجيا الحديثة بمختلف خدماتها الإلكترونية، ولذلك ليس في الفيلم ما يحرج المملكة أو يشوهها باعتبار قصة الفيلم تتحدث عن حادثة فردية وقعت قبل 35 عامًا، هذا على افتراض أن الحادثة حقيقية.
أتعامل بشكل يومي مع سعوديين، ولدي شهادة حق اجدها اليوم الفرصة لأن أقولها. السعوديون أصحاب أخلاق وقيم وأصالة وكرم، التواضع أبرز سماتهم. فيهم روح الاحترام والتقدير للآخر مهما كانت مكانته الاجتماعية أو الاقتصادية، الشعب السعودي يتحلى بالشهامة والنخوة، يهبون لمساعدة الآخرين في الأوقات الصعبة، ويظهرون تعاونًا ملحوظًا في مختلف الظروف، وهذا يعكس جوهر المجتمع السعودي الحقيقي ويجعله نموذجًا يحتذى به.
منذ سنوات أسكن بالإيجار إلى جوار مالك المنزل الذي اعتبره نموذجًا للسعودي الأصيل، دمث الأخلاق، حسن المعشر، يشعرني أنه الأخ الكبير، والصديق الأقرب، وكذلك جميع أهله، وهذا انطباع سائد لدى كثير من اليمنيين ممن كانت لديهم سابقًا تصورات مغلوطة عن السعودي قبل التعامل معه.
كلمة أخيرة، المملكة العربية السعودية قوية بقيادتها الحكيمة، وبشعبها الأصيل، وتتعاظم قوتها اليوم برؤيتها الطموحة، ومكانتها الاقتصادية، وباعتبارها قائدة العالم الإسلامي، وهي قبل كل ذلك أرض مبعث رسالة الإسلام، وتحتضن الحرمين الشريفين، حققت خلال السنوات الماضية إنجازات ملفتة مختلف المجالات كل ذلك يجعلها محل استهداف سواء من أعداء النجاح أو المبغضين الكارهين المتخفين وراء أجندة ممولة.
التعليقات