طارق صالح يعترف بوجود خلافات داخل مجلس القيادة ويستبعد السلام مع الحوثيين
في موقف لافت يعكس عمق التعقيدات التي تواجه السلطة الشرعية في اليمن، استبعد عضو مجلس القيادة الرئاسي "طارق صالح" إمكانية التوصل إلى تسوية سياسية مع جماعة الحوثي، معترفًا في الوقت نفسه بوجود تحديات وخلافات داخل المجلس الرئاسي الحاكم، الذي يقود البلاد منذ نقل السلطة في أبريل 2022.
جاء ذلك خلال مقابلة مطولة أجراها مع صحيفة الشرق الأوسط اللندنية، شدد خلالها على أن الحديث عن أي عملية سلام لا معنى له "ما لم تُخضع جماعة الحوثي للدستور والقانون اليمني"، مؤكدًا أن المليشيا "لا تلتزم بالمرجعيات الوطنية، وتستمد عقيدتها من دولة معادية"، في إشارة إلى إيران.
وفي اعتراف نادر، قال طارق صالح إن "الخلاف داخل مجلس القيادة الرئاسي طبيعي"، مبررًا ذلك بتعقيدات المرحلة الراهنة، وأضاف: "ما يجمعنا أكبر من أي خلافات... هناك تحديات، وهناك تأخير في بعض الملفات، لكننا ملتزمون بالمصلحة الوطنية".
وأشار إلى أن التنسيق العسكري بين المكونات الموالية للشرعية يشهد تطورًا مستمرًا، نافياً وجود صراعات مسلحة بين القوى الحليفة، رغم التوترات التي ظهرت على السطح في بعض الجبهات والملفات السيادية.
وعن رؤيته لتحقيق السلام، شدد صالح على أن المسألة ليست إعلان نوايا بل "مبدأ دستوري يجرّم الاستيلاء على السلطة بالقوة"، معتبرًا أن "السلام لا يُمنح، بل يُنتزع حين تستعيد الدولة قدرتها على فرض القانون وحماية المواطنين".
ولفت إلى أن الحسم العسكري ما يزال الخيار الأقرب لإيقاف ما وصفه بـ"الإرهاب الحوثي"، مشيرًا إلى أن الجماعة تواصل تهديد الممرات المائية الدولية، خاصة في البحر الأحمر وخليج عدن، ما يستدعي استمرار دعم القوات اليمنية، خصوصاً في الساحل الغربي.
وتزامنت تصريحات طارق صالح مع مرور 3 سنوات على تشكيل مجلس القيادة الرئاسي فضلاً عن تصعيد عسكري واسع شنّته ميليشيا الحوثي خلال أبريل الجاري، حيث استهدفت مواقع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في جبهات مأرب الغربية، بما فيها جبهة المشجح التي شهدت مؤخرًا استشهاد عبد الله الحنق، نجل عضو مجلس النواب منصور الحنق، بقصف حوثي مباشر.
كما شهدت محافظة الجوف محاولات تسلل عنيفة في مديرية خب والشعف، تصدت لها القوات الحكومية، وسط تحذيرات من انهيار أي جهود دبلوماسية لوقف إطلاق النار، في ظل استمرار التصعيد الميداني وتعنّت الميليشيا تجاه المساعي الأممية والدولية.
مراقبون يرون أن حديث طارق صالح عن إعادة "تعريف ميزان القوى" يعكس توجهًا متزايدًا داخل قيادة الشرعية نحو استراتيجية عسكرية هجومية، في ظل الانقسامات داخل المجلس الرئاسي، وتباطؤ تنفيذ بنود اتفاق الرياض، ما يعقّد المشهد ويضع مستقبل التسوية السياسية في مهب الريح.

التعليقات